مع اقتراب شهر رمضان المعظم تشهد أسواق العاصمة السودانية الخرطوم ارتفاعا غير مسبوق في أسعار السلع الاستهلاكية، وصفها المواطنون ب "الارتفاع الجنوني". وعزا بعض المختصين هذا الارتفاع إلى الزيادة الكبيرة في أسعار العملات الاجنبية مقابل الجنيه السوداني والذي نتج عن المخاوف والهلع من آثار انفصال دولة الجنوب عن شماله، بينما حمل البعض الحكومة مسؤولية تباطئها في استيراد بعض السلع الاساسية، خاصة السكر لسد النقص الحاد في الناتج المحلي، في وقت اختفت من الأسواق بعض الأصناف مع إحجام المواطنين عن الشراء مما تسبب في حالة ركود واسعة. وفي حديث خاص مع "العربية.نت" أرجع رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال السودان القيادي بالحزب الحاكم المؤتمر الوطني ابراهيم غندور ارتفاع الاسعار الى هلع سنوي يحدث مع اقتراب شهر رمضان من خلال محاولة المواطنين شراء اكبر كمية من السلع، اضافة الى جشع بعض التجار الذن قاموا بإخفاء السلع ورفع أسعارها خاصة السكر رغم توفرها بكميات كبيرة. وأشار غندور الى ان البعض كان يتوقع تغييرا في سعر الدولار مقابل العملة السودانية بعد انفصال الجنوب، وبالتالي فإن هذه الظروف مجتمعة جعلت أسعار بعض السلع ترتفع ارتفاعا ملحوظا، وكشف غندور عن تدخل اتحاد نقابات العمال عبر آلياته المعلومة، وهي شركة باسقات، وتوفير محفظة براسمال بلغ 29 مليار جنيه، توفر ستة سلع اساسية لمحاربة ارتفاع الاسعار. وقال تاجر إن السبب الرئيس لارتفاع الاسعار يرجع الى ارتفاع الدولار واسعاره المتصاعدة، والذي ادى الى ارتفاع كثير من الاصناف المحلية والمستوردة، وبالتالي هناك إحجام من قبل المواطنين عن الشراء او شراء السلع الضرورية فقط. ووصف ارتفاع سعر "جوال" احد انواع التمر إلى 660 جنيها، ب "الجنوني"، مشيراً الى عدم توفر سلعة السكر رغم ارتفاع سعرها الى 225 جنيها للجوال. وعلى الرغم من ان بعض السلع الخاصة بشهر رمضان المعظم اسعارها انخفضت، الا ان إحجام الناس مازال مستمرا، واعتقد ان الناس بدأت تلجأ الى البدائل (البلدية ) في توفير احتياجاتها. وقال المواطن سليمان فضل إن ارتفاع اسعار السلع الاساسية في تصاعد يومي، وان سعر السلعة اليوم يختلف عن الغد، مشيراً إلى ارتفاع أسعار اللحوم باختلاف انواعها الحمراء والبيضاء واختفاء سلعة السكر من السوق. ودعا السلطات الى ضرورة تشديد الرقابة والمتابعة لضبط الاسعار واتخاذ قرارات صارمة بشأن احتكار التجار للسلع، كما دعا الحكومة الى تنشيط عمل الجمعيات والقنوات التعاونية لمحاربة اثار التجارة الحرة وجشع التجار والاحتكار. ويرى رئيس تحرير صحيفة الاحداث عادل الباز، أن الحكومة لم يكن لديها برمجة صحيحة لاستيراد بعض السلع الضرورية في الوقت الصحيح، حتى تسد الفجوة الناتجة عن عدم تغطية الانتاج المحلي. وأوضح في تصريحات خاصة للعربية.نت ان الحكومة تباطأت في استيراد سلعة السكر مما ادى الى ارتفاع سعرها. واتفق الباز مع الراي الذي أكد حدوث تخوفات بصورة كبيرة من ارتفاع الدولار بعد انفصال جنوب السودان، مضيفا " هذه المخاوف والشائعات أثرت على السوق واسهمت في رفع الاسعار". وقال إن سياسة الدولة في الكتلة النقدية المطروحة في السوق نتج عنها تضخم في الاسواق، ولذلك الحكومة محتاجة لسياسة نقدية تحسن بها ما هو مطروح من نقد في السوق والبنوك والمؤسسات التمويلية حتى تخفض الاسعار وتقلل التضخم. العربية