تختلف الاستعدادات لشهر رمضان في السودان عن أي دولة أخرى في العالم، فالشهر له خصوصيته وتميزه عند السودانيين الذين يجعلون من رمضان شهراً للعبادة والتواصل وتبادل الزيارة ومشاركة بعضهم البعض (وجبة الإفطار) بتلبية الدعوات التي تقدمها الأسر للأصدقاء والأهل وزملاء العمل، فالأسر السودانية تتأهب لاستقباله بالعديد من التحضيرات التي يتقاسمها الرجل مع زوجته، فالرجل تكمن مسؤوليته في توفير كافة الاحتياجات والمواد الغذائية، فمائدة الإفطار بها بعض الوجبات الرئيسية مثل (العصيدة) التي عرفت بها ولايات غرب السودان ونهر النيل والجزيرة، فمنهم من يصنعها من دقيق القمح ومنهم من يصنعها من دقيق الدخن، ووجبة القراصة التي اشتهر بها أهل الولاية الشمالية وهي تصنع من دقيق القمح أيضاً و(البليلية) وهي أشهر وجبة تتفق عليها كل ولايات السودان ولا تخلو مائدة أو (صينية) سودانية منها وهي عبارة عن الحبوب التي يتم غليها وتقديمها ساخنة ويضاف لها البلح. وعصير الابري الأشهر في السودان، بالإضافة إلى عصير الفواكه الطازجة والعصائر الجاهزة والحلويات الشامية واللحوم المشكلة و(الشوربة) واللحوم المستوردة، وهنا يرتفع سقف التكاليف على الرجل وخصوصاً إذا كان من الطبقة المتوسطة من العمال والموظفين أو الطبقة الكادحة التي لا يغطي المرتب الشهري عندها هذه الاحتياجات. ويأتي رمضان في هذا العام والبلاد تشهد ارتفاعاً جنونياً في الأسعار، خاصة وان السودان يشهد تحولاً سياسياً جديداً وهو انفصال جنوب السودان عن شماله، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد وحركة البيع والشراء. وعلى الرغم من ان شهر رمضان يصادف فصل الخريف وموسم الأمطار إلا أن الناس تعاني (صيفاً ساخناً) في الأسعار.. بهذه العبارات لخص حديثه عندما سألته عن كيفية الاستعداد للشهر من حيث المواد الغذائية والاحتياجات المنزلية. فأحمد محمد الطيب مواطن سوداني دخل إلى السوبر ماركت لشراء بعض الاحتياجات الخاصة بشهر رمضان قال إن أسرته تتألف من أربعة أفراد، زوجته وأبناؤه الثلاث، «أنا موظف في شركة صغيرة راتبي لا يتجاوز ألف جنيه سوداني كان يكفيني سابقاً، ولكن اليوم وبعد ارتفاع الأسعار الجنونية أصبحت أعاني كثيراً، خاصة أننا نستقبل شهر رمضان المعظم الذي تتضاعف فيه الطلبات للمواد الغذائية وحقيقة تفاجأت بزيادة كثير من السلع الاستهلاكية وخاصة السكر الذي يعتبر من أهم المواد التي نعتمد عليها في رمضان وأضاف ان المواطن السوداني سيعاني كثيراً من هذه الزيادة التي نتمنى أن تنخفض ولو بمناسبة شهر رمضان الكريم. أزمة مواطن وما يزيد معاناة المواطن السوداني ان سعر كيلو اللحمة العجالي قد قفز إلى 20 جنيها سودانيا للمرة الأولى في الأسواق. وفي جولة بالسوق المركزي اشهر واكبر الأسواق بالخرطوم، وجدنا ان سعر طبق البيض الكبير وصل إلى 14 جنيهاً، واكد التاجر جمال بابكر ان ارتفاع أسعار البيض أدى إلى إحجام كثير من الزبائن عن شرائه متوقعاً ارتفاعه في شهر رمضان، وفيما ارتفع سعر كيلو الفراخ إلى «15» جنيهاً، عزا التجار ذلك إلى ضعف الوارد من المزارع. كما وصل سعر جوز جوال العجور إلى 90 جنيهاً وكيلو الطماطم إلى 16 جنيهاً وجوال الشطة الخضراء وجوال الفلفل ل«50» جنيهاً وعزا التجار الارتفاع لآثار الأزمة المالية التي مازالت تنعكس سلباً على حركة الأسواق والتحول الاقتصادي والسياسي الذي تشهده البلاد. فبهذا وبغيره من أسعار المواد الاستهلاكي، يخيم جو من التخوف والحذر من أن ترتفع الأسعار اكثر من هذا، ولكن رغم ذلك تجد ان الاستعدادات لشهر رمضان هي برنامج يومي تعتبره الأسر جزءاً من الترفيه، فتخرج إلى الأسواق في الأمسيات لشراء الكثير من الأغراض، فتوفير كافة الاحتياجات بالنسبة للرجل أو المرأة شيء ضروري لابد ان توفره الأسرة (مهما كلفها الأمر) من صرف زائد ولو كان ثمنه كل الراتب الشهر.