رغم المعالجات التي قامت بها السلطات لحل مشكلة النقل والمواصلات بولاية الخرطوم بجلب بصات من الصين لتخفيف العبء على مواعين النقل الصغيرة لكن المشكلة لم تبرح مكانها . بل باتت اكثر حدة من ذي قبل بعد ان غفلت نقابة اصحاب الحافلات وغرفة النقل والبترول عن الممارسات اللصوصية التي يمارسها بعض اصحاب النفوس الضعيفة في التحايل علي الركاب برفع القيمة اكثر من ضعف التعرفة الموضوعة من قبل الجهات الرسمية . وعدم الالتزام بالدخول الى المواقف لإيهام المواطن بوجود ازمة و يضطرونه الى دفع اي مبلغ للوصول الى مكان عمله او الى ذويه بعد الدوام .. رغم تناول (الرأي العام ) لهذه القضية اكثر من مرة الا ان تجدد الازمة وتمادي البعض في عدم التخلي عن ممارساتهم في نهب المواطن بأساليبهم الرخيصةوظهور خطوط غير موجودة لرفع قيمة التذكرة وذلك امام مرأى من افراد الشرطة الذين يعملون في تنظيم الخطوط وغرفة النقل والبترول ونقابة اصحاب الحافلات..و لمعرفة من وراء المشكلة اجرينا استطلاعا واسعا بين منظمي مواقف العربات والسائقين والمواطنين وخرجنا بالنتيجة التالية. السائقون : الفوضي وراء الأزمة اعتبر سائقون بموقف الاستاد الفوضى التي تضرب عملية التنظيم داخل الموقف احد اسباب ازمة المواصلات ومعاناة مواطني الكلاكلات خاصة في عدم الحصول على المواعين بيسر وزعم احدهم ان النقابة والشرطة الموجودة تسمح للعربات الملاكي بالدخول الى الموقف وفرض( تعرفة) غير موجودة على المواطنين وهو تجاوز للقانون، واضاف انهم لهذه الاسباب يركنون عرباتهم بعيدا عن الموقف ونتعمد عدم الدخول اليه واردف : انا ايضا احمل الركاب احيانا ب(تعرفة) غير موجودة الى خط غير موجود,وما دامت الفوضي موجودة لن تنتهى الازمة وقال آخر ان العربات الملاكي تدخل الى الموقف بغير وجه حق وتقف في صف انتظار النمرة والأدهي انها تحمل الى خطوط غير موجودة بتعرفة (2) جنيه وهذه عملية غير اخلاقية سواء من صاحب الحافلة او من الحكومة التي يمثلها اشخاص لم يتحملوا المسؤولية في غرفة النقل والبترول واتحاد اصحاب الحافلات، وطالب السائقون بتدخل الوالي شخصيا لإيقاف العبث بحقوق المواطنين وايجاد آلية لمراقبة عملية الدخول الى الموقف ومنع الحافلات من اختلاق خطوط غير موجودة للتحايل على المواطن المغلوب على امره. وقال احد الكمسنجية ان بعض المنظمين في موقف الاستاد يتجاوزون القانون ويتقاضون (2) جنيه من كل حافلة تنقل الى الخطوط الوهمية امام مرآى الجميع .وعزا عدم دخول العربات التجارية الى الموقف لانهم يجدون الاماكن المخصصة لهم تقف عليها عربات ملاكي غير مسموح لها الدخول الى الموقف .وقال ان اختلاق الخطوط لرفع التعرفة يخلق زحمة في الموقف . الى جانب الازدحام والاختناق المروري الذي يؤدي الى تأخر المركبات وعدم احساس المنظمين وغرفة النقل بمعاناة المواطنين بالسماح للمركبات حملهم بتعرفات يضعونها بمزاجهم. من كان بموقف الاستاد امسية الاحد ...؟ فتاة في العشرينيات شنت هجوما شديدا على السلطات بالولاية لعدم اهتمامهم بقضايا المواطنين الاساسية , وقالت : ليس في الدنيا حكومة تهمل مواطنيها مثل السودان .واردفت امسية الاحد الماضي عانينا طويلا في الحصول على مقعد في دابة تمشي على الارض تعرضنا للمضايقات وللركض خلف السيارات المخصصة للركاب وغير المخصصة. واردفت اخرى كانت معي زميلتي كنا نقف على ارجلنا في انتظار المركبات وبعد ساعتين من الانتظار استطعنا الحصول على مقعد واحد في حافلة صغيرة قال صاحبها انه سيحملنا ب(2) جنيه للراكب . وبعد ان تحركت المركبة طلب الكمساري منا دفع الاجرة وكانت هناك امرأة مسنة تجلس بجوارنا فاخرجت جنيها فرفض الكمساري استلامه الا اذا لم اكملته لاثنين جنيه . المرأة قالت انها لا تملك سواها وسط دهشة الركاب قال لها :( يا تكملي القروش دي جنيهين .. يا تنزلي) ولكن تدخل احد الشباب واكمل لها بقية المبلغ وتساءلت : لماذا هذا العذاب والاستغلال ...؟ أليس هناك مسئول في هذا البلد ... لمن يشكو المواطن ظلم مثل هؤلاء الذين لا يخافون الله في عباده؟ الهاجس النذير الجاك سائق حافلة بخط الحاج يوسف بحرى يقول ان التكدس واغلاق الشوارع فى الفترة الاخيرة اصبح يشكل لهم هاجسا ويضيف :المسافة التى كنا نقطعها فى نصف ساعة اصبحت جراء الاختناقات المرورية غير المبررة نقطعها فى ساعتين واحيانا اكثر من ذلك وصب الجاك جام غضبه على رجال المرور وقال ان رجال المرور ونتيجة للتنظيم الخاطئى باغلاق بعض الشوارع والسماح للبعض الآخر بالمرور تصاحبه الكثير من الاخفاقات التى تؤدى بدورها لهذه الفوضى المرورية وقال اما مشكلتنا الاساسية بشوارع الحاج يوسف ان مجارى المياه والمصارف على جانبى الطرق مفتوحة وفى اغلب الاوقات تجرى اعمال صيانتها نهارا ويضيف ففى كل بلاد الدنيا تفاديا للازدحامات المرورية وتجنبا للحوادث تتم عملية اصلاح الطرق ليلا الاعندنا فى السودان فقبل البحث عن بدائل تجنب الزحام تحدث عمليات الصيانة نهارا دون مراعاة لمصالح الناس واوقاتهم. وقال متسائلا لماذا نخرج للعمل طالما اننا نقضى نصف يومنا فى رحلة واحدة ؟وختم حديثه قائلا (بالتكدس فى الشوارع بهذه الصورة المزعجة مابتغطى معانا الشغلة والافضل ان نبحث عن بدائل تقينا شوارع الخرطوم الردئة هذه) . قاتلة للوقت: ويقول( السر السيد)سائق عربة خاصة ان السير فى شوارع الخرطوم اصبح لايطاق لافرق ان كنت تستقل عربة خاصة او مركبة عامة وقال ان الازدحامات المرورية القاتلة للوقت الذى يسألنا عنه الله عز وجل فيما ابليناه وتساءل قائلا ماذا نقول لله عز وجل عندما نسأل عن عمرنا فى ماافنيناه هل نقول ان سوء التخطيط بشوارع الخرطوم قتل اوقاتنا وان رجال المرور يتفننون فى تعذيبنا لسوء التنظيم بالسماح بمرور السيارات حسب امزجتهم .ويضيف فعلى المسؤلين تسهيل حركة المرور بالطرقات سواء شرطة مرور او شئون هندسية ان يتقوا فينا الله فى رمضان بأن لايعرضونا للتكدس والزحام الذى يفقد الواحد منا احيانا صوابه مما يدفعه للاساءة لبعض رفقاء الطريق الذين يخطئون عليه وعليهم ان يعلموا ان رمضان شهر عبادة لا شهر قتل اوقاتنا الغالية بطرقات الخرطوم . لانلحق بالدوام: واما رحاب تاج الدين موظفة بمؤسسة حكومية تقول والله بقينا فى حيرة من امرنا من الازدحام وبطْء الحركة بطرقات الخرطوم فكلما نقدم ساعة للحاق بالدوام( تأتى الرياح بما لاتشتهى السفن )فنمكث ساعات بالشوارع ولانلحق بالدوام وقالت من المسئول عن اهدار وقتنا كله بالشوارع فبدلا ان نفكر فى الكيفية التى نسير بها عملنا بتنا نفكر فى الكيفية التى توصلنا مؤسساتنا والكيفية التى نعود بها لمنازلنا .وقالت ان جل الموظفين بالمؤسسة حتى من يمتلكون منهم سيارات خاصة يشكون مر الشكوى من التكدس الفظيع بالشوارع وتضيف لاشك ان الازدحامات المرورية تؤثر بصورة كبيرة على العملية الانتاجية والاداء العام بالمؤسسات وقالت ان الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك وحرام ان نقتله بالشوارع لاسباب واهية لاتسمن ولا تغنى من جوع .وتضيف وعلى القائمين على الامر ان يدركوا ان العملية الانتاجية مربوطة بزمن فعندما يهدر الزمن تهدر تبعا لذلك مقومات العملية الانتاجية وقالت :الدول التى سادت العالم وتسعى لرفاهية شعوبها لاتفرط فى قيمة الزمن الانتاجية لا كما نفعل نحن مع الزمن نقضى نصفه فى الطرقات . سوء التخطيط: ويقول مصدر بغرفة النقل والمواصلات العامة فضل حجب اسمه ان سوء التخطيط وعدم تأهيل الطرق بالمواصفات المطلوبة يعد سببا رئيسا من اسباب الازحام .وقال ان الازمة فى الحقيقة ازمة طرقات وليست ازمة مواعين للنقل كما يدعى اصحاب فكرة بصات الوالى التى (زادت الطين بلة) وقال لايمكن ان تأتى بمركبة داخلية خمسة امتار ومساحة الشارع المسفلتة كلها لاتتجاوز الخمسة امتار. ويضيف نحن الآن فى بلد نسبة من يملكون فيه سيارات خاصة ضئيلة جدا فكيف سيكون حال طرقات عاصمتنا الخرطوم اذا امتلك كل فرد منا سيارة . واضاف لاشك ان بقيت الطرقات بهذا السوء ستظل مشكلة الزحام قائمة الى ان يقضى الله امرا كان مفعولا .وقال ان بلادا مثل السعودية يملك فيها كل مواطن سيارة خاصة ويدخلها فى موسم الحج اكثر من ثلاثة ملايين حاج سنويا وعلى الرغم من ذلك الحركة فيها منسابة بصورة طبيعية. ويتساءل ولكن من الذى ينقل الينا تجارب هذه الدول؟ استطلاع : نبيل صالح - يوسف محمد زين-تصوير : شالكا