ظللت أتابع ومنذ مدة من الزمن عدد من المعارضين الذين لا يشك فى جديتهم وصدقهم فى معارضة النظام والعمل على تغييره بكآفة الوسائل. حينما تأتى سيرة إنقلاب "الإنقاذ" المشئوم. ربما دون تركيز – مطلوب - يسبقون حديثهم عنه بطريقتنا "السودانية" المستهونة للإمور بإعتباره "ثورة"! لا أدرى كيف تكون "ثورة" لم يخرج فى شوارعها "مدنى" واحد. اللهم الا أهله "الكيزان" الذين إرتدوا ملابس عسكرية، ليلة ذلك "الإنقلاب" الى جانب باقى العسكر "الإسلاميين"، الذين غرسوا داخل المؤسسة العسكرية. وكيف تكون ثورة طالما أنها لم تحقق "طفرة" فى مجال التعليم ومناهجه ..أو فى مجال الزراعة أو التصنيع. ولم تهتم بجانب الثقافة وإرتفاع الوعى العام ولم تحقق وحدة وطنية ولم تحارب الفساد. ولم تساهم فى ترسيخ ثقافات "غذائية" شعبية "وطنية" غير مكلفة. ككل الدول والشعوب التى لها حضارة عريقة. الذى حدث بعد 27 سنة من الإخفاقات على كآفة الأصعدة والعودة الى الوراء حتى فى جانب "الأخلاق" والدين. أن قادة "النظام" البائس لم يجدوا ما يتفاخرون به، سوى أنهم مكنوا "الشعب" من أكل "الهمبرجر" ومن قيادة السيارات الفارهة! وما هو أهم من كل ذلك، كيف تكون "ثورة" لم تحقق لوطنها شرفا وكرامة وعزة. مما يجعل كل مواطن يفاخر بوطنه، بدلا من أن تصبح أمنيته الغالية. هى الهروب من جحيمه. أحد مظاهر "الذل" والإنكسار والإنبطاح الذى نجحت فيه الثورة. تمت إعادة طائرة رئيس "النظام" من الأجواء السعودية وهو فى طريقه لإيران. فتحول طائعا، ذليلا، صاغرا الى صف "الحلف" السعودى. ويدخل الشعب السودانى لأول مرة فى تاريخه، فى حرب لا دخل له فيها وأن يعتبره بعض الإخوة اليمنييين "مرتزقة"! وبدون أدنى شعور بالحياء والخجل. يبدأ النظام فى الإساءة لإيران "الحليف" الإستراتيجى السابق. الذى "حلبوا" من ثديه ملايين الدولارات وشيد لهم مصانع السلاح. ودربوا عنده كوادرهم الإرهابية فى كيفية تعذيب السودانيين الشرفاء. دون خجل اصبح رئيس النظام "الخنوع" يسئ لذلك الحليف الإستراتيجى صراحة ويتحدث عن إرتباطه "بالصهيونية" العالمية! وكأنه عاد من رحلة "الذل" تلك، بعد عودة وعى وقناعة مبدئية وفكرية و"توبة" نصوحة. لا أنه أجبر على تلك العودة "صاغرا" ومهانا!! وكأن المذهب "الشيعى" السائد فى أيران منذ أكثر من الف سنة، قد ظهر لتوه فى الوجود. الشاهد فى الأمر تواصل الحديث عن "إنقلاب" المشئوم بإعتباره "ثورة" من قبل العديد من المعارضين. حتى حينما صرح القيادى فى الحركة الإسلامية المرحوم "يس عمر الإمام" بأنه صار يخجل من البوح بإنتمائه لتلك الحركة "الماسونية". واصبح عدد من "عتاة" قادتها وأزلامها وكوادرها، يخجلون كذلك من أنفسهم حينما يتحدثون عن الذى حدث فى "30 يونيو 1989" وبعده لأكثر من 20 سنة. وعن " هى لله" التى تبخرت واصبحت "فقاعة" صابون. وعن "لا لدنيا قد عملنا" التى تحولت الى أن "الدنيا اصبحت أكبر همنا".. وعن "إذا رضيت عنا أمريكا فأعلموا أننا فى الطريق الخطأ". الى أن "الأمريكان قلبونا جاى وجاى ما قدروا علينا .. قالوا اليد الما بتقدر تلويها صافحها"! بالمناسبة فى العامية السودانية "صافح" أمرأة يعنى "تزوجها" وفى الشريعة "نكحها"!! الشاهد فى الأمر أن النتيجة التى حصل عليها "المشروع الحضارى" بلغة الحساب، "صفر" كبير.. ما أكثر عبارات "التبرير" المتوفرة فى اللغة العربية. فقد تحول كل ذلك الهوس والتهريج والتحدى. الى أن "أمريكا" فشلت فى محاصرتنا وفى فرض العقوبات علينا. لا أنها رضيت عنا وهذا دليل على أننا اصبحنا فى الطريق الخطأ! ولماذا لا ترضى عنا بعد أن أبدنا شعبنا بايدينا، بدلا من أن تأتى الينا ببوارجها. ومزقنا وطننا وفصلناه وفرطنا فى جزء عزيز من اراضيه وأرتهنا إرادتنا. و"قعدنا أم فكو"!!! قمت بعملية رصد لما ورد على صحف "النظام" خلال الأسبوع الماضى. وجدتها كلها وفى مقدمتها "الإنتباهة" قد أوردت عددا من الأخبار فى نوع من الزهو والفخار. مثلا خبر يقول : الخبير الإستراتيجى بجهاز الأمن والمخابرات اللواء "حنفى عبد الله" يقول" مكتب ال "سيى أى ايه" فى الخرطوم من أكبر مكاتبها فى الشرق الأوسط". يا للقوة ويا للعزة والكرامة! ذكرنى ذلك الخبر بعبارة وردت على لسان الممثل المصرى الكوميدى الرائع عادل إمام فى إحدى مسرحياته قال فيها لضابط شرطة ساخرا منه. "وفرحان أوى"؟؟ ذلك الخبر أكد على وجود علاقة قديمة ومتميزة مع أمريكا أى لم تنشأ لتوها. فى وقت كانت فيها "أمريكا" تحاصر "النظام" إقتصاديا ويتضرر من ذلك الشعب لا قادة النظام. وفى وقت رفضت فيه أمريكا منح رئيس "النظام" الإنبطاحى تاشيرة لمخاطبة الأممالمتحدة، لا لزيارة ودية أو علاجية لواشنطن. من عجب كانت تلك العلاقة "المختلقة" التى تم الكشف عنها الآن. تهمة وسبة يوصم بها شرفاء المعارضة مثل السكن فى الفنادق. وحتى قبل الكشف عن تلك المعلومة بواسطة الخبير الأمنى الإستراتيجى "الفرحان" أوى. فهل هناك عدم كرامة أكثر من هذا المثال؟ المدهش أن ذلك "الخبر" لم يحرك سبيبة على راس المنتمين "للنظام" والمؤيدين له فضلا عن الأرزقية والمأجورين. الذين لا دور لهم غير "البصمة" على جميع مواقف النظام. تلك المعلومة لم تجعل واحد منهم يغير موقفه، الذى كان مبنيا فى "الأصل" على "هى لله" وعلى تحدى "أمريكا" وعلى "لا لدنيا قد عملنا". وبالطبع لم يحرك شعرة على رأس "قوم" بنى "جهل"، أولئك "المخزلون" المئوس منهم. الذين يروجون لمفاهيم مأخوذة من الكتب الصفرار ومن الفقه "الإنبطاحى" الإنهزامى الذى كان يرتضيه طغاة السلاطين والملوك ويثبتون به سلطتهم. و"اطيعوا وإن ولى عليكم عبد حبشى كأن رأسه ذبيبة". وإن فسد ذلك الولى وظلم وقتل!! يقول أحدهم أولئك الجهلاء أن "الملك" يؤتيه الله لمن يشاء لذلك يجب الايعمل الناس على تغيير الحاكم! وكأن ذلك "الجاهل" لا يدرك أن أى شئ فى هذا الوجود من الله. فحتى أبليس من خلق "الله" وكان ذات يوم "ملكا"، فهل يطيعه الناس بعد أن اصبح شيطانا؟ وكأن "النظام" الفاسد القائم الآن لم "يخرج" على حاكم ذات يوم ولم يغير نظام ديمقراطيا كان قائما من قبله وبرضاء من الشعب. عن طريق "إنقلاب" أعلن عن نفسه عن طريق "الكذب" وهو اسوا خصال المسلم "الحقيقى". خبر آخر نقلته كآفة الصحف وتشعر كذلك "بريحة" الفرح العارم من وراء حروفه، لماذا؟ لأنه يحقق "رضاء" وسرور داخل فؤاد "السيد" الثانى "البريطاني" صانع تنظيم "الإخوان المسلمين". بعد ما شعر "النظام" بفرحة واضحة من قرار "السيد" الأول الأمريكى. بوضعه للنظام "الإرهابى" فى كفة واحدة مع شعب السودان ، الطيب الكريم "المسالم". بالقرار "الغبى" الذى اصدره "ترامب" بعدم السماح لدخول مواطنى سبعة دول من بينهم السودان. بدلا من أن يفرض ذلك القرار حصارا ومنعا "للنظام" وقادته وكوادره. فمن المدهش أن كوادر "النظام" الدبلوماسيين و"التنفيذيين"، تم إستثناءهم من ذلك المنع!! وكيف يمنعون وهم يحملون "ملايين" الدولارات فى حقائيهم فتنصب فى بنوك تلك الدول؟ الشاهد فى الأمر .. الخبر الذى أوردته الصحف يقول : "البشير يعفو عن متهم بريطانى تسلل – للإضرار – بأمن البلاد". مع إضافة تقول: " العفو تم بعد مطالبة رسمية من الحكومة البريطانية". ثم "سفير لندنبالخرطوم يشيد بروح التعاون والتعامل". هذا السفير الذى اشاد بروح التعاون والتعامل، وهدفه مخارجة مواطنه. مع أنه هو ذاته سفير الدولة التى ظلت مع باقى أعضاء مجلس الأمن الدائمين. تجدد العقوبات على "النظام" بإعتباره داعما للإرهاب منذ عام 1997. ولا يستبعد أن يصدر قرار مستقبلا يضعه ضمن قائمة "الإنظمة" الإرهابية لأنه "إخوانى". لا يمكن أن تزيل عنه "المساحيق" التجميلية وعدم إعفاء بعضهم "للحيته". تهمة إنتمائه لجماعة الإخوان المسلمين وللإرهاب المنظم. الا أن تكون أمريكا وبريطانيا وباقى الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن يحكمها "جهلاء" وسذج!! سؤال إعتراضى .. هل حدث أن تحدث مسئول واحد فى النظام أو طالب بإلغاء التهم التى وجهت للدكتور "أبو سن" حتى الغتها المحكمة البريطانية وحدها؟ وهو عالم وطبيب، لا "متسلل"؟؟ الخبر الثالث الذى تناقلته صحف النظام فى الخرطوم، كذلك فى فرحة "مبطنة". تحدث عن "تفاهمات" اصبحت معتادة ومنذ عام 1995 بين رئيس "النظام" والرئيس المصرى. إذا كان مبارك أو مرسى أو السيسى. عن مثلث "حلائب" و"شلاتين" و"ابو رمادة" المحتل. الواقع يقول لا توجد داخل ذلك المثلث "حذاء" جندى سودانى واحد!! ومصر تهمين عليه بالكامل. وجماعة الحركة الإسلامية الذين قالوا سوف يقيمون "ليلة" فى حلائب كاذبون ومنافقون. كان من الأفضل عن ذلك أن يطلبوا من "فارسهم" وعريسهم حميدتى، التوجه الى تلك المنطقة وأن يدخل قدما واحدة على أرضها. أى تفاهمات تتم طالما لا تعود الأرض الى صاحبها الأصلى بل لا يعود الوضع على ما كان عليه فى السابق. حيث كانت توجد قوات سودانية محدودة ومصرية محدودة ومنذ عام 1958، حتى يصل الطرفان فيها لإتفاق؟ الحقيقة تقول .. فى كل يوم يتم "تمصير" حلائب والمواطنين السودانيين الذين يقيمون فيها ومنذ عام 1995. وفى كل يوم يورد الإعلام المصرى خبرا عن تلك المنطقة "مقصود" منه إغاظة الشعب السودانى وإستفزازه. قبل عدة ايام كتب أحدهم "أن حلائب جنة الله فى الأرض". وغذا لم تعد "حلائب" ألان فإنها لن تعود الى الأبد. وفى "مصر" يوجد خلاف وسط الإعلاميين والقانونيين "المصريين" بل داخل مجلس الشعب. عن البلد الذى له الحق فى الجزر المتنازع عليها مع السعودية. لكن لا يجروء واحد منهم فى أن "يلمح" بكلمة واحدة تؤكد حق السودان فى حلائب. أو حتى فى المطالبة بأن تفصل فيها محكمة دولية أو مصرية! من أجل عدم إثارة غضب الأخ أو الجار السودانى. رغم ذلك وكالعادة خرج تصريح "إنبطاحى" يفتقد "للرجولة" بعد لقاء رئيس "النظام" مع رئيس مصر على هامش القمة الأفريقية الأخيرة فى أديس أبابا. جاء فى الخبر أن الرئيسان إتفقا على "حصر معالجة قضية مثلث حلائب المتنازع عليها بين البلدين فى إطار مؤسسة – الرئاسة - وعدم التصعيد الإعلامى". لا أدرى ما هى المشكلة فى أن يصر "النظام" على أن ينظر النزاع الذى طال أمده من خلال "محكمة دولية" فورا ودون إبطاء؟ وكيف يكون هذا الطلب المشروع سببا فى عدم "إستقرار" العلاقات بين البلدين؟ طالما يرى السودان أن تلك الأرض "الغالية" قطعة من وطنه ويمتلك العديد من المستندات من بينها "مصرى". تؤكد حق السودان فى تلك الأرض. علما بأن محكمة العدل الدولية وقبل يومين فقط، أصدرت قرارا يؤكد حقها فى "النظر" فى خلاف حدودى بين كينياوالصومال. هذه "الصومال" الدولة غير المستقرة، لا تتنازل عن حق تراه. و لا تبحث عن مبرر يقول "الوقت غير مناسب" لذلك. لقد رضيت أمريكا عنهم وصافحت اليد الى لوتها من قبل لأنها أكتشفت الآن بأنها كانت مخطئة. والنظام لم يدخل على أراضيه "بن لادن" وكآفة المتطرفين الإسلاميين. ولم يدخل "كارلوس" حتى تم الكشف عنه وتسلميه الى فرنسا. ولم يشن حربا جهادئية ابادت ملايين الجنوبيين. تبعها بحرب إبادة فى دارفور. ايها الرئيس "الأ ... " إذا كنت لا تستطيع أن "ترجل" فلماذا لا "ترحل"؟. هناك قادة "قلائل" حينما يموتون يقوم مواطنيهم بزيارة قبورهم ويضعون عليها أكاليل من الزهر. وهم يزرفون الدموع. وهناك قادة حينما يرحلون يستكثر الشرفاء "البصق" على سيرتهم حينما ترد! تاج السر حسين [email protected]