نواكشوط – يثير اكتشاف حالة عبودية جديدة في موريتانيا الجدل مجددا حول ظاهرة متجذرة في مجتمع مازال النظام الطبقي سائدا فيه، رغم سن الحكومة لبعض القوانين التي تجرم العبودية. وفي وقت تجتاح العالم العربي التظاهرات المطالبة بالديمقراطية وإسقاط الأنظمة المستبدة، يسعى الموريتانيون إلى التخلص من نظام الرق الجاثم على صدورهم منذ عقود. واعلنت منظمة غير حكومية مؤخرا ان احد عشر شخصا جرحوا واعتقل 12 آخرون خلال تفريق اعتصام لناشطين ضد العبودية امام مركز للشرطة ضد حالة تتعلق بفتاة قاصر. وقال رئيس منظمة "المقاومة من أجل الانعتاق" بيرام ولد الداه ولد اعبيدي إن الضحية الجديدة تدعى "أعويشيت بنت حمادي" (10 سنوات) ، وقد تم اكتشافها من قبل "كتائب رمضان" المكلفة ب"تطهير المدن والأرياف الموريتانية من مظاهر العبودية". وأكد ان التظاهرة التي جرت الخميس ضمت اعضاء في هذه الحركة وفرقتها الشرطة "باستخدام قنابل مسيلة للدموع والهراوات". واضاف ان الاعتصام كان يهدف الى تقديم الفتاة التي تعيش في حي شعبي في نواكشوط للشرطة ومحاكمة المتهمة باستعبادها. وقال اعبيدي ان ناشطي المنظمة ارادوا منع اطلاق سراح السيدة ووضعها تحت الرقابة القضائية بعد توجيه التهمة رسميا اليها. وأكد ان المتظاهرين اغلقوا كل مداخل المفوضية فلجأت الشرطة الى القوة لتفريقهم. واكد مصدر في الشرطة ان الشرطة "تواصل تحقيقاتها" والبحث عن الفتاة، موضحا ان الموقوفة اتهمت رسميا بممارسة العبودية ضد قاصر وافرج عنها لكنها وضعت تحت المراقبة القضائية. وكانت الحكومة الموريتانية أصدرت عام 2007 أول تشريع قانوني يجرم ممارسة الاسترقاق في البلاد، لكن منظمات حقوق الإنسان اعتبرت أن القانون يمثل "خطوة في طريق الألف ميل"، مشيرة إلى أنها تنتظر الخطوات القادمة. وتنص مواد القانون على عقوبات تصل إلى عشر سنوات مع تغريم المتورطين والحرمان من الحقوق المدنية، وتطال أيضا المتعاونين والمتسترين على بعض الممارسات. ويقول بامريم كواتا مدير اللجنة الحكومية لحقوق الإنسان في مقابلة مع "بي بي سي" العربية إن الإجراء الجديد كان "للامتثال للمعايير الدولية ليس إلا"، ويؤكد أنه لم تتم متابعة أحد لأن "العبودية اجتُثت منذ أمد طويل في موريتانيا. هل رأيت عبدا أو سوق عبيد؟ بالطبع لا". وكانت مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان اقامت مؤخرا ورشة عمل في موريتانيا تتعلق بتنفيذ توصيات مقررات الأممالمتحدة الخاصة بالأشكال المعاصرة للعبودية. وتهدف هذه الورشة حسب وكالة الأنباء الموريتانية - إلى تمكين المشاركين من التعرف على الخطوات التى قطعتها موريتانيا في التعاطي مع آلية الأممالمتحدة الخاصة بالأشكال المعاصرة للعبودية. ويرى البعض أن القوانين الحكومية لا تكفي لاجتثاث ظاهرة تشكل إرثا تاريخيا ثقيلا إضافة إلى أنها تحولت مؤخرا إلى قضية سياسية يتم تداولها على نطاق واسع في مختلف الأوساط الاجتماعية والسياسية وضمن وسائل الإعلام الرسمية والمستقلة.