يتحدث الناس عن الأحلام وكأنها واقع سيتحقق بين فينة وأخرى، ولاسيما أولائك الذين يعتمدون عليها وتسيير حياتهم اليومية، بعد أن يتلقوا التأويل الكافي الشافي لغليلهم، ولعل الضغوطات الاقتصادية ساهمت بشكل أساسي في ذلك الأمر، وجعلت الجميع يتعلقون بقشة مفسرين ومفسرات الأحلام، وهذا ما ظهر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وشاشات الفضائيات التي تعلن يومياً عن مفسيرين جدد، ما هو الحلم، وما هي دلالاته النفسية والعصبية؟ بالنسبة لاختصاصي المخ والأعصاب د. بابكر سر الختم أن الحلم ينتج من داخل المخ ويعيشه الإنسان تماماً، ويحدث عند درجة نوم محددة. وقال: "يحدث الحلم أثناء النوم المترافق مع حركات العين المتسارعة، ويؤثر في الإنسان وفي أقصى حالاته يمكن يوقف القلب وتحدث الوفاة". ضغوط نفسية رأى بروفيسور علي بلدو استشاري الطب النفسي والعقلي وأستاذ الصحة النفسية، أن الشعب السوداني من أكثر شعوب الأرض أحلاماً ويولي تفسيراتها اهتماماً وأدرجها في حكم الثوابت والتعامل معها بصورة رئيسية وفقاً لظواهر ما وراء الطبيعة (البراسيكولجي). وقال: "يصاحب الأحلام بالذات السودانية منها بعض المتلازمات مثل (رفة العين ولغزة الجلد)، وهذا يعود إلى طبيعة المجتمع وعدم تمكُّن الكثيرين من تحقيق طموحاتهم على أرض الواقع، فضلاً على الضغوط النفسية والمعيشية التي أثرت في ذهن الحالم السوداني، وحولت معظم أحلامه إلى كوابيس، تفسيراً لذلك يقول المختص النفسي والعصبي إن النوم ينقسم إلى مراحل وحزم معينة ويصاحبه ضربات قلب سريعة وأخرى غير ذلك، ويلفت إلى أن كل ساعة نوم يصاحبها (10) دقائق من الأحلام". وأضاف: "فإذا كان متوسط نوم المواطن العادي (8) ساعات، فإن (80) دقيقة منها أحلام متعاقبة ربما يتذكرها الشخص بحزافيرها وربما لا يتذكرها". ويشير بروف بلدو إلى أن الحلم في بداية النوم يسمى (وسن)، وعندما يكون مع الاستيقاظ الأول من النوم يسمى (سهاد)، وأحياناً يكون طول فترة النوم أو متقطعاً، وقال موضحاً: "في حال تعايش مع الشخص الحالم ربما يؤدي إلى حالات من الفزع والصراخ وضيق التنفس وتزداد ضربات القلب، وربما يؤدي إلى الوفاة في حالات نادرة"، لافتاً إلى أن طبيعة الحلم نتاج لأحداث الحياة اليومية ومحاولة لتلبية الاحتياجات الأساسية، لذلك يقال في المثل الشائع "حلم الجيعان عيش"، ويعبر أيضاً الرغبات المكبوته والرغبة في التغيير "أشوف في شخصك أحلامي". وأضاف: عدم القدرة على التأقلم والتكيف وفقدان المرونة النفسية يؤدي لصعوبات كثيرة قبل النوم، بينما الذين يتمتعون بصفاء روحي وذهني يستمتعون بأحلامهم التي تكون امتداد لنجاحهم في اليقظة، وهنا تأتي الإشارات والدلائل التي تميز بعض الفئات مثل المتصوفة ومن يطلق عليهم أهل الأسبار، ونشط في هذه الناحية مفسري الأحلام والرؤية التي قد يبنى عليها قرارت خطيرة. وأكد بروفيسور بلدو على الأحلام في السودان باتت متنفس للكثيرين. وقال: "يؤكد واقع الحال على أنها أصبحت ترياقاً نفسياً للعلاج ضد الملل والرتابة والضجر، لعلها أصبحت خط الدفاع الأول من خطر الوقوع في براثن الاكتئاب النفسي وفقدان الثقة". وتابع: "هذا ما يجعلنا نجزم أنه لولا أحلام شعبنا لمات نصفنا". الأحلام في الإسلام من جانبه، ذهب شيخ محمد الفكي إمام مسجد الدويم إلى أن الوحي للرسول عليه الصلاة والسلام بدأ برؤية صالحة، لذلك هي حقيقة يراها الرجل بنفسه أو ترى له، بينما الحلم من الشيطان ويكون متنوعاً. وقال: "تتطلب الرؤيا قبل كل شيء الطهارة والتوجه إلى الله بنية خالصة ويدعو الله دعاءً صالحاً، ثم يخلد بعدها الشخص للنوم، عندها أي رؤية طيبة تصبح حقيقية، ولا يشترط حدوثها في وقت محدد، أما الأحلام المفزعة والمخيفة من الشيطان، عليك الاستعاذة منه والخلود للنوم إن لم يحن وقت الفجر للصلاة". وأضاف: "لا يمكنني التأكيد بأن أي حلم اقترب من موعد أذان الفجر هو رؤية وستتحقق، لأنها تتحقق بقدرته جل وعلا، وهي في علم الغيب". وأكد شيخ محمد أن تفسير الأحلام ليس بالأمر السهل، لذلك يقول يجب أن يلجأ الشخص لرجل صالح صادق ويتحرى الصدق يبتغي الله سبحانه وتعالى، لأن تفسير الأحلام أمر خطير تترتب عليه أشياء كثيرة، سيما تلك التي تتعلق بحياة الناس، لذا لابد من اختيار رجل تظهر عليه علامات الصلاح مزكى من الله تعالى. اليوم التالي