حرفيو منطقة بحري: قررنا أن نخاطب المعتمد عبر الصحف، لكن لا حياة لمن تنادي أنشئت منطقة الحرفيين بالخرطوم بحري في العام 1965 كتعويض للسوق القديم جوار مسجد بحري، وتم تأجيرها كورش لصيانة السيارات وبيع إسبيرات السيارات، حيث كانت آنذاك عبارة عن غابة قبل أن تصبح المنطقة مأهولة بالسكان. يحد المنطقة من الجانب الغربي شارع المزاد ومن الجنوب نادي العمال والجوازات ومن الشرق شركة سوداتل وميدان التحرير ومن الشمال المدارس، ويعمل بها حوالي(2400)من الحرفيين، كما يوجد بها(420)دكان ، وتبدو المنطقة الآن شبه خالية عدا بعض الحرفيين الجالسين تحت الظل يحتسون الشاي والقهوة ويعيدون ذكرى أيام كانت حافلة بالعمل. استطلاع : أقسام عبدالله نادي العمال تأسس نادي العمال في العام 1946 وهو نادٍ شامل لعدة أنشطة رياضية ثقافية تعليمية كما توجد بداخله مكاتب لنقابات عدة، وبه دكاكين تستخدم كورش للحرفيين، إلى أن قامت محلية بحري بهدم النادي بكل أنشطته. وفي محاولة لإستجلاء الحقائق حول تشريد محلية بحري لحرفيي المنطقة الصناعية بحري إلتقت (الميدان) ببعض المتضررين، واستطلعتهم حول ما حدث. في البدء إلتقينا عوض الله مرسال والذي أفاد بأنه يعمل بالمنطقة الصناعة مايقارب ال(25)عاما كميكانيكي سيارات، وأضاف أنه قدم طلب لفتح ورشة منذ( 12 )عام ولم يقبل طلبه إلى أن جاء القرار من محلية بحري بإخلاء كافة منطقة بحري من الحرفيين ،وأشارإلى أن قرارالمحلية في البدء جاء بغرض تنظيم الشوارع مؤكداً أن الحرفيين بدأوا في الإستجابة لطلب المحلية بالتنظيم لكنهم تفأجاوا يوم 1/1/2016 في تمام الثانية عشر صباحاً بقوات مشتركة من الشرطة والجيش والأمن بقيادة رتب عسكرية من بينها رتب كبيرة تقوم بتكسير معداتهم وأخذ ما لم يتم تكسيره معهم إلى داخل مباني المحلية، وأضاف أنه في الصباح الباكر، وأثناء توجههم إلى ورشهم لمزاولة أعمالهم عقب انتهاء الاحتفال برأس السنة تفاجأوا بتلك القوات تحاصر مقرهم وتعتقل كل من يسأل عن سبب تكسير أدواتهم متمت مصادرة ماتبقى من أدواتهم، وأشار عوض الله إلي أن المرحلة التي تلت مرحلة التكسير ومصادرة المعدات كانت الأصعب عليهم، وذلك لأن المحلية قامت بفرض رسوم عالية جدأ لكل غرض بما فيها عربات الزبائن التي كانت بحوزتهم، موضحاً أن المحلية تقوم بتحرير العربة بعد دفع مبلغ(500) جنيها، بالإضافة إلي أن الشرطة لا تطلق سراح المعتقلين الذين إحتجوا علي تكسير ممتلكاتهم إلا بعد دفع مبلغ (250) جنيها لكل فرد .وقال عوض الله أنهم قرروا أن يواجهوا المصيبة بشجاعة، وذلك باستمرارهم في العمل في العراء خارج الورش، لأنهم ببساطة لا يعرفون مهنة غير صيانة العربات، وقال أن المحلية واجهت قرارهم بحملة شرسة من الكشات التي كانت أسبوعية في البدء قبل أن تتحول إلى حملة يومية ثم أصبحت تتكرر خلال اليوم الواحد بل وعلي رأس كل ساعة! وتساءل عوض الله: ( كيف نعيش وماذا نعمل ونحن لا نعرف مهنة غير صيانة السيارات؟) موضحاً أنهم جددوا الأمل وعزموا علي مقابلة المعتمد ومضى عوض الله للقول أنه وفي بداية الأمر طلب منهم تقديم إقتراحات لمناطق بديلة ثم تم حصرلأسمائهم وتلقوا الوعود بتوفير مكان بديل ، لكنهم إستمر بإرسال عربات الكشة، وزاد:( لجأنا مؤخراً للإعلام ووجهنا رسائل للمعتمد عبر الصحف، ولكن لاحياة لمن تنادي، والآن لدينا سؤال للمعتمد باعتبارنا مواطنون وسودانيون أليس من حقنا العمل والعيش بطريقة كريمة؟ إن الحكومة قامت بإفتتاح ورش لصيانة العربات في منطقة كوبر للاجئين الأجانب في الوقت الذي قامت بطردنا ونحن نعمل بالمهنة ومن المداومين عليها منذ أربعين عاماً) وأشار إلى أن المعتمد تحجج بأن المنطقة مرتع للخمور والمخدرات واللصوص لافتاً النظر إلى أن تلك الإمور ليست من اختصاصهم وتساءل مستنكراً إذا كانت المحلية تمتلك أجهزة للشرطة يإستطاعتها أن تخرب وتدمر فكيف تعجز عن أن تقضي على تجار المخدرات؟ مؤكداً أن تلك القضية من صميم مسئوليات الدولة. **الحرفيون والمُلاَك.. وفي السياق قال إدريس آدم .. صاحب ورشة أنه قام بإستئجار دكانه بعقد عمل رسمي وقانوني من مالكه بشروط جزائية توجب دفع مبلغ مالي في حالة الإخلال بها وتساءل(من أين أدفع المبلغ المالي؟ ومن أين أدفع الإيجار؟ والمحلية قامت بمنعي من مزاولة عملي؟ ثم قامت بطردنا) وأشار إلي أن قرار المحلية جاء في البدء بحجة تنظيم الشوارع ثم بعد إسبوعين قامت المحلية بقفل ورشهم وبداخلها معداتهم ، مضيفاً أنهم قاموا بتشكيل لجنة لمقابلة المعتمد ومعرفة الأسباب والدوافع التي دعته لتشريدهم وقال إدريس أنه وبعد عدة جلسات ومناقشات طلب منهم الجلوس مع أصحاب الملك الأساسيين بحي الأملاك والختمية، على أن يخطروا المعتمد حال التوصل لاتفاق معهم من أجل استعادة ورشهم وقال:( نحن هنا نتساءل هل يأخد المعتمد سلطاته من حي الختمية هل يشاورهم في أمور قانونية تتيح له تشريدنا من عمل نزاوله منذ 40 عاماً) وأضاف أنهم تفاجأوا لحظة قرار المعتمد بتشريدهم ب(18) عربة بها قوات مشتركة من الأمن والجيش وشرطة مكافحة الشغب في الساعة السادسة صباحا تحيط بالمنطقة وقال:(هل نحن مجرمون أم متمردون أم نحن أصحاب مهنة حرة شريفة ؟) . **(2400) أسرة بلا راس خيط علي آدم أحمد الميكانيكي وصاحب ورشة بالمنطقة قال أنه يناشد رئيس الجمهورية التدخل في أزمة تشريد(2400) حرفي من مهنتهم التي لا يعرفون غيرها، وووجه سؤاله لمعتمد بحري(هل تكسير الطبالي والأكشاك باللودر دون إنذار أو منح مهلة لإستخراج المعدات أمر قانوني؟) وأضاف:(بعد عملية التكسير والمداهمة فقدنا الكثير منا معدات تقدر في مجموعها بخمسة ملايين جنيه، مشيراً إلى أنه حين تواضع أحد مسؤولي المحلية وأجابهم عن سبب التكسير قال أن الإزالة تمت لأجل تنظيم ونظافة الشوارع ونحن مع التنظيم والنظافة ولا مانع لدينا في ذلك، بل نحن ملزمين بتوجيه كافة الحرفيين للإستجابة لعملية النظافة والتنظيم، ولكن الحقيقة التي لا يقولونها لنا بوضوح أنهم لا يريدوننا أن نعمل بالمنطقة. رضينا بكل ذلك، وطلبنا من المعتمد أن يفتح لنا (حوش) النادي المسور والخالي حتي نزاول فيه عملنا ولكنه رفض). وأفاد علي آدم أن حوش النادي المهدوم ظل مسوراً منذ عشرة أعوام ويستخدم كمكب للنفايات، وقال أن القرار الظالم الذي أصدره معتمد بحري أدخل بعض الحرفيين المدانين للبنوك في مشاكل كبيرة جداً لجهة عدم تمكنهم من تسديد قروضهم، وكذلك هناك أبنائهم الذين يدرسون بمراحل التعليم المختلفة، خصوصاً الجامعات حيث يبلغ مصروف أقل طالب جامعي في اليوم(50) جنيها. وزاد:( أصبحنا لا نملك قوت يومنا، ومن لا يملك قوته لا يملك قراره). معرباً عن خشيته من أن يتسبب الفقر والحاجة في تفكك الروابط الأسرية والنسيج الإجتماعي للحرفيين. وقضية الحرفيين ببحري عادلة، وهم الذين رضوا بالعمل تحت هجير الشمس من أجل إعالة أسرهم، ولايمكن أن ينظر إليهم كمنظر يؤذي المدينة يجب إزالته، وتعجب إدريس من وقوف إتحاد العمال موقف المتفرج على الرغم من كل ما يدور في نادي العمال الذي بناه عمال السودان بعرقهم وكدهم عبر عشرات السنين.