عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صالح كامل: المصارف الإسلامية مثل القضايا العربية لحقت بها الفرقة والأنانية والحسد
نشر في الراكوبة يوم 15 - 08 - 2011

لم يمض على خروجه من اجتماع ضم عددا كبيرا من رجال الأعمال بجدة جمعوا خلاله مائة مليون ريال (26.6 مليون دولار) لإنشاء وقف للمشاريع المتوسطة والصغيرة والأسر المنتجة بجدة ومكة المكرمة سوى دقائق معدودة، ليبدأ في إجراء حوار خاص مع «الشرق الأوسط»، تم من خلاله فتح نوافذ عدة على سير عمل المصرفية الإسلامية؛ حيث تم استعراض واقع هذه الصناعة ومستقبلها.
رجل الأعمال السعودي صالح كامل، رئيس المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية رئيس مجلس إدارة مجموعة البركة المصرفية، الذي كان يستعد بعد لقاء «الشرق الأوسط» للاجتماع بمسؤولي مركز المسؤولية الاجتماعية بغرفة جدة لإنشاء صندوق زكاة للمساكين والغارمين في منطقة جدة، لم يخفِ امتعاضه من وضع الأوقاف الحالي في الدول الإسلامية، مشيرا إلى أنها لم تعد كسابق عهدها عندما كانت تقوم بدورها الاجتماعي والاقتصادي بكل كفاءة عندما تهيأت لها الأطر الملائمة من تشريعات واستقلال واحترام.
وفي الوقت الذي تتجه فيه أنظار المهتمين بالمصرفية الإسلامية في العالم غدا إلى جدة، غرب السعودية، التي تحتضن ندوة البركة للاقتصاد الإسلامي في دورتها ال32، فتح صالح كامل، خلال هذا الحوار، ملفات عدة حول نمو العمل الصرفي الإسلامي ومعوقاته، مبينا أن الندوة خلال دورتها هذا العام ستركز على موضوع الصكوك باعتبارها احتلت حيزا مهما في مجال التمويل والاستثمار، وللجدل الكبير الذي يدور حول مدى شرعية بعض الصكوك المطروحة وبأحجام كبيرة.
وقال صالح كامل: إنه على الرغم من النمو الكبير في حجم أعمال المصرفية الإسلامية، فقد وصل حجم أصول بنوك وشركات التمويل والاستثمار الإسلامي إلى نحو 820 مليار دولار، ويرتفع هذا الحجم ليصل إلى تريليون و300 مليار إذا أضيفت إليها المؤسسات المالية التقليدية التي لها نوافذ إسلامية، فإن هناك كثيرا من العلل التي تنخر في جسم المصرفية الإسلامية، يأتي في مقدمتها تفريغ العمل المصرفي الإسلامي من مقاصده الشرعية في إعمار الأرض وتشغيل الاقتصاد.. فإلى نص الحوار..
* تتجه أنظار العاملين في المصرفية الإسلامية إلى ندوة البركة للاقتصاد الإسلامي في دورتها ال32، ما الجديد في هذه الدورة؟ وعلامَ ستركز هذا العام؟
- أولا: شكرا لجريدة «الشرق الأوسط» على اهتمامها المتزايد بالمصرفية الإسلامية أخبارا وتحليلا ورؤى نقدية وعرضا لفكرها ومجالاتها، وأحمد الله، سبحانه وتعالى، أن أوصل هذه الندوة إلى دورتها ال32 وأن جعلها - كما ذكرتم – محط أنظار العاملين في المصرفية الإسلامية والمراقبين والمتابعين وصارت توصياتها وفتاواها مرجعا في فقه المصارف والتمويل. وفي الواقع في كل عام لهذه الندوة هناك الجديد؛ لأن المواضيع المطروحة مواضيع جديدة لم تُطرح من قبل، أو مواضيع بُحثت على مستويات جزئية في إدارات البنوك وفي الهيئات الشرعية تحتاج إلى فقه جماعي، أو تطبيقات مبتكرة تغطي النواحي الفنية يراد التحقق من شرعيتها، أو تصحيح وتحوير لممارسات تقليدية يراد لها أن تتطابق مع الأحكام الشرعية، كذلك هناك كثير من المواضيع التي بحثت واستقرت في النشاط العملي، لكن طرأت عليها بعض التغييرات في التطبيق بسبب إجراءات فنية أو قيود تشريعية وغيرها. وندوة هذا العام ستركز على موضوع الصكوك باعتبارها احتلت حيزا مهما في مجال التمويل والاستثمار، وللجدل الكبير الذي يدور حول مدى شرعية بعض الصكوك المطروحة وبأحجام كبيرة، وكذلك موضوع إمكانية التأمين على الودائع والاستثمارات والصكوك بواسطة شركات تأمين تعاوني خاصة، أو مؤسسات ضمان حكومية، كذلك تهتم الندوة بأمر الاستثمارات العقارية في الدول الإسلامية وغير الإسلامية كالفنادق والمراكز التجارية، وما يشوبها من وجود مخالفات مثل الخمور والمراقص ونحوهما، وكيف يمكن تجنب العائد المحرم الناتج عنها وتطهيره، وسوف تناقش الندوة زكاة الأموال العامة وشرط الملك والنماء لتزكية الأموال، كما سيتم في هذا العام تدشين موسوعة البركة للمعاملات المالية الإسلامية الإلكترونية.
* إلى أي مدى أسهمت توصيات وفتاوى الندوة في إثراء العمل المصرفي الإسلامي؟ وهل أنتم راضون عمَّا خرج منها وما تم تطبيقه عمليا لتلك التوصيات والفتاوى؟
- لقد بدأت الندوة في شكل حلقات فقهية تجمع الفنيين مع العلماء لمناقشة العقود والصيغ والمنتجات الجديدة في حضور عدد كبير من المختصين الذين لهم حق المشاركة لشرح التصورات الفنية، وبهذا الأسلوب أسهمت الندوة في إقرار معظم المنتجات المصرفية الإسلامية وطورت كثيرا من التطبيقات، وإذا تأملت الكتاب الخاص بفتاوى وتوصيات الندوة تجد أن كل صيغة أو ممارسة تم تطويرها أخذت الإذن الشرعي من الندوة التي غطت معظم الحاجات العملية للمصارف الإسلامية وصارت مرجعا للهيئات والمستشارين الشرعيين والباحثين. أما عن رضائي أو عدم رضائي عن التطبيق فأقول: إن تلك الفتاوى استوفت الأركان والقواعد الشرعية بالكامل، أما مدى التزام كل بنك بالخطوات الشرعية وتسلسلها وحرصه على المتطلبات الفقهية فهذا يختلف من مؤسسة لأخرى، منها الملتزم ومنها المتساهل ومنها المفرط ولا أستطيع أن أصدر حكما عاما.
* كيف تصنف مستوى المشاركة من قبل المسؤولين والمهتمين بالصناعة المالية المصرفية؟
- بحمد الله شارك في أعمال هذه الندوة رؤساء وزراء ووزراء اقتصاد وتجارة وعدد غير محدود من محافظي البنوك المركزية والمسؤولين من الإدارات العليا فيها، بالإضافة إلى الرؤساء والأمناء العامين لكل المؤسسات المساندة للعمل المصرفي الإسلامي وعدد كبير من مديري وأساتذة الجامعات ومديري المراكز البحثية، بالإضافة إلى رؤساء مجالس الإدارات والرؤساء التنفيذيين للمصارف الإسلامية والعاملين فيها، بل إن الندوة أصبحت سوق عكاظ للمصرفية الإسلامية تضرب فيها المواعيد للقاءات والاجتماعات بين كبار المسؤولين وتعقد على هامشها كثير من الملتقيات والمعارض ويسوق في دهاليزها كثير من المشاريع والمبتكرات.
* في ظل وجود مشكلات تواجه مسيرة المؤسسات المالية الإسلامية، كيف يعمل القائمون على الندوة في تحديد تلك المشكلات وتشخيصها ووضع الحلول اللازمة لها؟
- عندما واجهت المصارف الإسلامية قضية المسعف الأخير بالسيولة حاولنا، عبر الندوة، إيجاد مخارج شرعية ومحاولة تسويقها لدى الجهات الرسمية، وكذلك الأمر عندما ضيقت القوانين الإشرافية على المصارف الإسلامية في أمر ممارسة التجارة وامتلاك العقارات للاستثمار وإصدارها على ضمان الودائع، وتلك القضايا كلها كانت في مرحلة من المراحل تكاد تعصف بالعمل المصرفي الإسلامي من أساسه، ولكن في مراحل أخرى تكونت مؤسسات مساندة مثل المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية ومجلس الخدمات المالية الإسلامية والمركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ومركز إدارة السيولة، هذه المؤسسات تولت أمر معالجة المشكلات التي لها طابع حكومي وتكفلت بحل تلك القضايا على مستوى جماعي. أما الندوة فقد عملت الكثير في إطار إيجاد المخارج الشرعية الصحيحة لكثير من القضايا التي اعترضت المصرفية الإسلامية وتوسعها.
* غياب خطة مشتركة بين البنوك الإسلامية للتعاون والتكامل فيما بينها يعتبر من أهم مشاكل المصرفية الإسلامية، كيف يمكن التصدي لها برأيك؟
- هذا السؤال يمس جرحا غائرا في نفسي، ولقد نذرت حياتي العملية في مجال الصيرفة الإسلامية لسد هذه الثغرة، ولا أخجل من القول إنني فشلت وأحبطت؛ فالمصارف الإسلامية شأنها شأن القضايا العربية والإسلامية كلها لحق بها التفرق والتشرذم والفردية والأنانية والحسد. ولقد أتيحت فرص كبيرة للتعاون والمبادرات المشتركة كانت ستزيد من حصة العمل المصرفي الإسلامي بكامله في السوق، وبالتالي تعظم حصة كل مؤسسة على حدة، ولكن الفرص كلها ضاعت، ولقد قمنا بمبادرات أنشأنا لها مؤسسات وخطط عمل محكمة لكنها فشلت لتفضيل المصارف الإسلامية العمل الفردي، ولو سادت بيننا روح المحبة والتعاون على البر والتقوى لكان وضع المصرفية الإسلامية أفضل بكثير مما هو عليه الآن.
* ما أبرز الصعوبات التي يواجهها العمل المصرفي الإسلامي؟
- على الرغم من النمو الكبير في حجم الأعمال فإن هناك كثيرا من العلل التي تنخر في جسم المصرفية الإسلامية، يأتي في مقدمتها: تفريغ العمل المصرفي الإسلامي من مقاصده الشرعية في إعمار الأرض وتشغيل الاقتصاد، والاهتمام بشرعنة الميكانيزم والآليات وتجاهل المآلات، أي الاهتمام بأن يكون ظاهر المعاملة وآلياتها صحيحة من الناحية الشرعية، لكنها تقود في النهاية إلى منظومة هي المنظومة الربوية نفسها من حيث المقاصد ومآل المعاملة ونتائجها وآثارها على الاقتصاد الكلي. كذلك هناك مشكلة المنتجات المالية؛ حيث حادت المصارف عن الصيغ الإسلامية الصحيحة إلى محاكاة وتقليد الأدوات المصرفية الغربية وأصبح هناك تمويل نقدي أشبه بالقرض الربوي ومحاكاة للمشتقات وأدوات التحوط، والبيع ثم إعادة التأجير، وغيرها من الأدوات التي هي مجرد جسر للعمل الربوي، الأمر الذي اختفت من خلاله كل المحاولات لإيجاد منتجات مالية ترتكز على أصل وجوهر الشريعة الإسلامية وتهتم بمقاصد الشريعة ومآل تلك المنتجات. ومن المشكلات الأخرى: إيجاد موارد بشرية مؤمنة بالعمل المصرفي الإسلامي وملمة بأساسياته وبأحكامه الشرعية في مجال الاستثمار والخدمات المصرفية والتسويق، بالإضافة إلى ضعف الإدارات العليا في الإلمام بمبادئ الاقتصاد الإسلامي، كذلك نقص جرعات التدريب اللازمة التي أصابها هي الأخرى داء الترقيع الربوي. وهناك بعض المشكلات الأخرى التي بدأت تجد طريقها للحل مثل توجهات الجهات الإشرافية التي تتعارض أحيانا مع طبيعة العمل المصرفي الإسلامي وخصائصه ومقررات بعض الجهات الدولية كبازل 2 وبازل 3.
* ما تعريفك للإدارة الإسلامية للثروات؟
- هي ببساطة ألا تشغل الثروة بما يخالف قواعد الشريعة الإسلامية وأصلي الحلال والحرام كما وردت في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وأن تزكي أموالك على النحو الشرعي المقصود، هذا في جانب الإلزام، وفي مجال الاختيار تعني كذلك أن تنتج عن تلك الإدارة قيمة مضافة لصالح المجتمع كله أو ما يسمى الربحية الاجتماعية، كتشغيل العطالة والاستثمار في القطاعات الرئيسية، وأداء واجب المسؤولية الاجتماعية، وأن تتوسع في مجال الصدقات والأوقاف. أما عن تجربة مجموعة البركة المصرفية فنحن لا نزكي أنفسنا، لكن أدعو الله، سبحانه وتعالى، أن يوفقنا في أن يطابق قولنا عملنا وأن نطبق ما ننادي به، ونحمده تعالى على نمو أعمالنا وتطور مشاريعنا.
* ما التحديات التي تواجه الصكوك الإسلامية؟ وماذا تتوقع لها خلال الفترة المقبلة؟
- أقول باختصار: إن أي صكوك مصدرة على أساس أصول مدرة للدخل في مجالات شرعية تخضع للربح أو الخسارة فلا مشاكل لديها، وهي صيغة إسلامية متقدمة وأداة استثمارية تنموية ناجحة تلقى كل المساندة والتأييد، وسوف تنمو لأنها قائمة على أساس موجودات حقيقية ولثقة الناس في شرعيتها؛ لذلك سوف تنمو وتزدهر، أما أي صكوك يلتزم فيها المصدر بضمان رأسمالها ونسبة أرباح محددة ولا تبنى على أصول محسوسة ملموسة، فهي مجرد سندات ربوية وإن سُميت باسم الصكوك ويدخل في ذلك كل التحايلات التي تتم باسم البيع وإعادة تأجير الأصل نفسه إيجارا منتهيا بالتمليك، وكل الصكوك القائمة على أصول حكومية هي بطبيعتها ليست محل ملك من قبل العامة وجمهور المدخرين.
* كيف تنظر للعمل الخيري والأوقاف؟
- في السابق في عهد الازدهار الإسلامي أدت الأوقاف دورها الاجتماعي والاقتصادي بكل كفاءة عندما تهيأت لها الأطر الملائمة من تشريعات واستقلال واحترام. حاليا وضع الأوقاف في الدول الإسلامية غير مُرضٍ لأسباب عدة، أولا: جهل الكثيرين بالوقف وأبعاده الدينية والدنيوية وعدم ثقتهم في الجهات الموثقة أو المشرفة أو المديرة. ثانيا: تدخل بعض السلطات في شؤون الوقف، مما أدى إلى الكثير من الآثار السالبة منها. ثالثا: عدم احترام قصد الواقف من الوقف، وإدارته من خلال أجهزة إدارية بيروقراطية. رابعا: تأميم الوقف ومصادرته وإلغاؤه بنصوص تشريعية أحيانا، وتوجيه الممتلكات الوقفية من غير مراعاة للأحكام الشرعية. خامسا: الاستيلاء على الأوقاف الخيرية والذرية. سادسا: عدم الصرف من الأوقاف على ما خصصت له. سابعا: انحسار المفهوم التنموي الشامل للوقف وحصره في مجرد دور ومتاجر متهالكة مستأجرة بأبخس الأثمان. وعموما نحن نبذل محاولات، ولعلك شهدت اليوم بداياتها لإحياء شعيرة الوقف وفق مبادرات معاصرة حتى نساعد كل قادر على توليد أجر له وهو في قبره، ولو تمثلنا هذا المعنى لبررنا لأنفسنا في حياتنا بما نستطيع.
* ماذا عن إنشاء البنك الكبير الذي أعلنتم عنه عدة مرات؟
- لعلك تصر على الأسئلة التي تنكأ جراح نفسي؛ فهذا الموضوع يؤلمني ويجسد معاني الأنانية والفردية التي حدثتك عنها، فالبنك الكبير يعالج عدة قضايا مهمة للعمل المصرفي الإسلامي، من أهمها مشكلة إدارة سيولة المصارف الإسلامية وتنويع محافظها الاستثمارية وضمان تدفقات من الفرص الاستثمارية، وفتح المجال أمام إنشاء صناديق استثمارية جغرافية ونوعية، وفرصة لتحويل الودائع قصيرة الأجل إلى ودائع طويلة الأجل. ولقد قمنا بإعداد الدراسات اللازمة من قبل كبريات شركات دراسة الجدوى في العالم، التي أكدت صحة فرضية نجاح البنك في النمو والتوسع وتحقيق الأرباح، وجمعنا عددا كبيرا من المصارف الإسلامية للمشاركة في رأسماله، فقام البعض باجتزاء جانب من آلية البنك وطبقها، واقتبس آخرون جانبا آخر، ولم نستطع أن نجمع رأس المال المطلوب من المصارف، على الرغم من استعداد الأفراد للمساهمة في رأسمال البنك، لكني لم أقبل؛ لأن الفكرة قائمة على ضرورة مشاركة المصارف في كل المراحل بأدوار مختلفة وليس الأمر مجرد تجميع رأس المال الأولي. وكنت آمل من هذا البنك الكبير أن يصحح مسار المصرفية الإسلامية من حيث التوجه الشرعي والتنموي، وكعادتي لم ولن أيأس ولم أفقد الأمل في أن يبصر هذا البنك النور وأن أراه متجسدا في الواقع حقيقة قبل انتقالي للدار الآخرة.
* برأيك، هل الهيئات الشرعية العاملة في البنوك كافية لعمل الرقابة الشرعية، أم هناك حاجة إلى إنشاء هيئة شرعية موحدة للبنوك الإسلامية؟
- رأيي أنه في كل بلد به مصارف إسلامية لا بد من وجود هيئة عليا للرقابة الشرعية تابعة للبنك المركزي تستمد قوتها وسلطاتها منه؛ بحيث تجيز المنتجات الجديدة، وتعتمد الصيغ الشرعية الأساسية، وتوجد آلية محكمة للحوكمة الشرعية، وتراقب وتفتش عن مدى التزام المصارف بالأحكام الشرعية.
* كم يبلغ حجم قطاع المصرفية الإسلامية؟ وهل تتوقع له النمو؟ وما مقدار النمو المتوقع؟ وما توقعاتك لوضع المصرفية الإسلامية في التصنيف الأخير من عام 2011؟
- بحسب إحصاءات المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، الذي أرأسه، فإن حجم أصول البنوك وشركات التمويل والاستثمار التي تقدم خدماتها المالية الإسلامية بالكامل تقدر بنحو 820 مليار دولار، ويرتفع هذا الحجم ليصل إلى تريليون و300 مليار دولار إذا أضفنا إليها المؤسسات المالية التقليدية التي لها نوافذ إسلامية، إضافة إلى إصدارات الصكوك الإسلامية التي فاق حجمها 100 مليار دولار، وشركات التأمين الإسلامية التي يزيد عددها على ال200 شركة. وأعتقد أنه بفتح مناطق جديدة للعمل المصرفي الإسلامي في سنغافورة وفرنسا والبوسنة، وإقبال المصارف الغربية على استخدام صيغ الاستثمار الإسلامية «صدقا أو مصلحة» وسماح عدد من الدول الإسلامية بإنشاء مصارف إسلامية وتبني قوانين خاصة بها، بالإضافة إلى اتجاه المجتمع المسلم إلى تنقية معاملاته من الحرام والشوائب، كلها عوامل من الناحية الكمية تعبر وتشير بوضوح إلى نمو كبير مرتقب للصيرفة الإسلامية، فقط آمل أن يصاحب هذا النمو الكمي نمو كيفي في المقاصد وتحقيق القيمة المضافة ودرجة الالتزام الشرعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.