يرقد الآن في أحد مستشفيات العاصمة الإسبانية مدريد الشاعر والمترجم المصري المعروف الدكتور طلعت شاهين وهو بانتظار أن تجرى له عملية استئصال ورم في المخ، وفي مستشفى آخر يرقد الشاعر والرسام السوداني عنتر حسن أحمد بعد أن أجريت له أكثر من عملية إثر إصابته بمرض خبيث في الرئة وبعدها بالسل. ويحظى كل من شاهين وأحمد بسمعة طيبة في الوسط الثقافي الإسباني بعد أن قدما الكثير من الأعمال والنشاطات الثقافية على مدى عقود باللغتين، وكانا بمثابة جسر بين ثقافتين ولم تنقطع عنهما زيارات أصدقائهما من المثقفين الإسبان. عتب على الأهل الجزيرة نت زارتهما فوجدتهما ممتنين للرعاية الإسبانية اللائقة بهما بينما يشعران بالغصة ويحملان العتب حيال بلديهما الأصليين لتجاهلهما بهذه المحنة، ومع ذلك فهما لا يكفان عن متابعة كل ما يتعلق ببلديهما بوجل وتفاعل. ويقول الدكتور شاهين "أنا قلق على الثورة في مصر كقلقي على صحتي، وبصراحة فلست متفائلاً كثيراً بمستقبلها، لأن الأمر يتعلق بطبيعة ذهنية ثقافية واجتماعية عامة وليس بمجرد نظام حكم يتم استبداله بالدم ليخلفه نظام آخر يحمل المفهوم نفسه عن معنى الحكم ولا يسعى للإتيان بجديد يختلف كلياً عما سبقه". وأضاف أنه يخشى من التراجع وعودة الأصوليات المتشددة وتهميش المواطن والإنسان والاستخفاف بكرامته "وما إلى ذلك مما هربنا منه سابقاً وحلمنا طوال غربتنا بتغيره". من جهته قال الشاعر السوداني للجزيرة نت إنه يشعر باتحاد حاله مع حال السودان "تم قطع جزء منه وأنا كذلك، حالته تتراوح بين أمل التحسن وخشية من تدهور، ولو تحسن فسأشعر بالتحسن، وأوهم نفسي بأنه يشعر بي كما أشعر به. بودي لو أستطيع السفر إليه بلا مخاوف.. أتمنى رؤية أمي التي لم أرها منذ أعوام طويلة". حاملين الجرح نمضي وعلى فراش المرض كتب عنتر أحمد مؤخرا عدة قصائد من بين ما جاء فيها: "عبرَت مراكبنا النهار مجدافنا عود عتيق يتآكل في كل خبطة يتلاشى كالرفاة حاملين الجرح نمضي نتقدم.. والصمت لنا لم نجد حلاً بديلا منحونا الجمر درباً في الطريق إلى الوصول". ويقول الشاعر والمترجم المصري الشاب أحمد يماني الذي رافق الجزيرة نت في زيارتهما "من المؤسف جداً ألا تلتفت حكوماتنا ومثقفونا إلى هذين المبدعين، البلدان التي لا تهتم بمبدعيها أينما كانوا ولو باتصال هاتفي، إنما تساهم في إيذائهم". وأضاف "هذا النسيان يجعلنا نشعر باليأس أكثر نحن أبناء الجيل اللاحق لهؤلاء في الغربة". يُذكر أن شاهين هو شاعر ومترجم وإعلامي وأكاديمي مقيم في إسبانيا منذ 1979، حيث حصل على الدكتوراه وعمل في العديد من الصحف العربية والإسبانية وترجم عشرات الأعمال المهمة لغارثيا ماركيز وساراماغو إضافة إلى خوان غويتيسولو وغيرهم. ومن بين دواوينه "أغنيات حب للأرض" 1973، "الغد الأخضر" 1981. وله بالإسبانية: "أبجدية العشق" 1986، "كتاب العشق والدم"2005. وحصل على جائزة ولادة للشعر 1986. عاد إلى مصر عام 2004 وعمل أستاذا للترجمة بجامعة أكتوبر، ورأس تحرير مجلة "الناشر العربي" والمشرف العام على دار "سنابل للنشر". أما الشاعر أحمد فقد ولد في أم درمان سنة 1957 وغادر السودان عام 1990 درس اللغة والآداب الإسبانية في مدريد وترجم إلى الإسبانية "مديح الظل العالي" لمحمود درويش ومختارات من الشعر السوداني، أقام العديد من معارض الفن التشكيلي. ومن بين أهم أعماله الأدبية ديوان "سماوات أخرى" الذي أصدرته جمعية الكتاب والفنانيين الإسبان عام 2006 مرفقاً ببعض لوحاته، ورواية "حيوات متوازية" ومجموعة قصصية. المصدر: الجزيرة