يقولون إن العمل عبادة، وعند تعيينك في وظيفة يكون لها وصف ومهام وواجبات محددة عليك القيام بها، وأثناء ذلك ووسط بيئة العمل هناك موظف مثير للجدل يترك مهامه وواجبات ويصبح شغله الشاغل نقل الوشايات إلى المدير بعد أن يتجسس ويتصنت على زملائه، وينقل همساتهم، ويتلصص على حركاتهم، ويعد أنفاسهم، فيخبر أقوالاً ويضيف أحداثاً آملاً في الحصول على مكافأة أو يحظى بترقية أو حتى التمتع بنفوذ وسط زملائه. هو شخص موجود في كل الثقافات في العالم وله عدة أسماء تختلف باختلاف الثقافات، فتجده في مجتمع يطلق عليه (الدبوس) وفي آخر (العصفورة) وهناك أيضاً (المخبر)، فهو يستمتع بدق الأسافين بين زملائه. افتقار للقيم عدَّ الموظف مصطفى مختار هذا الشخص يفتقر للقيم الأخلاقية وعدّ أفعاله من الظواهر السيئة التي تهدم المجتمعات. وقال: "للأسف هي ظاهرة موجودة ليس في إطار العمل وحسب، بل حتى في المدارس والجامعات". وأضاف: "لكن على الموظف توخي الحيطة والحذر إذا ما رأى خطأ ما في الإدارة عليه التوجه إلى المدير مباشرة وإخطاره بموقع الخلل دون الحديث عن الزملاء الآخرين، وهذا يزيد من الدافعية للعمل، أيضاً لابد من تجويد العمل والاهتمام به، والحرص على الالتزام في الحديث والتصرفات، ونصح بعدم إعطاء الطرف الآخر السلاح الذي يضربك به، وعلى المدير عدم الاستماع لمثل هذه الأحاديث والوشايات، وعليه أن لا يضع ثقته في الشخص الواشي ولا يعطيه أذنه، ومثل هذا الشخص إن وجد الجو الملائم سينقل أسرار المؤسسة إلى خارجها طالما أنه ينقلها للمدير نفسه". تصيد الاخطاء فيما أشار الخبير في مجال الإدارة أمير محمد عبد الرحمن إلى أن هذا الموظف ينقل المعلومات بطريقة غير رسمية وغير لائقة وأحيانا يكون متطوعاً من نفسه وفي أحيان أخرى برغبة وطلب من المدير، لذلك عليه أن يفرق بين نقل المعلومة الإيجابية والسلبية. وقال إن نقل المعلومة الإيجابية تكون بهدف التطوير وحماية المؤسسة، وعليه حال رأى خطأ من أحد الموظفين عليه إبداء النصح أولاً، وتبليغ المدير تكون آخر حلوله، وإن كانت غايته النقل السلبي بهذا يكون يتصيد أخطاء الآخرين. عدم كفاءة وفي السياق، لفتت اختصاصية الطب النفسي د. ناهد محمد الحسن إلى ضرورة التفريق بين الجاسوسية والشفافية (نفخ الصافرة) التي تستخدم للكشف عن الفساد المالي والإداري كالتغيب عن المؤسسة والتأخير في الحضور. وقالت: "أما الجاسوسية، فتعني نقل الأخبار والتبليغ عن الأشياء السيئة بغرض الإيقاع بين الزملاء أو منعهم من الترقي، وتعمل على إفساد الجو العام بالمؤسسة". وأضافت د. ناهد: "هناك دراسة حديثة أثبتت أن الأشخاص تتحول سلوكياتهم السيئة في ظروف محددة ووفقاً لظروف المؤسسة التي تحرض وتشجع هذا النوع من السلوك (الجاسوسية) غير المقبول في كل ثقافات العالم". ومضت قائلة: "في كل الأحوال له أسباب، أما سوء الإدارة أو عدم الشعور بالكفاءة اللازمة وسط الزملاء، خاصة إذا كانت الأجواء تنافسية بجانب نظرة رب العمل إليه بقليل احترام، وعلى الإدارة عدم الالتفات إلى مثل هذه الوشايات". وعن علاج ذلك السلوك، قالت د. ناهد إنه لابد من إشغاله بالكثير من التكاليف والأعمال والفائض من الوقت لديه هو السبب في ترصد وتتبع الآخرين، بجانب نقله خارج المؤسسة أو إلى فرع به موظفيين قلائل، أيضاً على الموظفين توخي الحذر بتأمين ملفاتهم على الكمبيوتر، فهو دائما ما يحاول إثبات وشايته بالأدلة، وقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في ذلك كثيراً بعرض الرسائل في محادثات الفيس بوك أو الواتس أب وعبر تسجيلات الصوت. وعولت د. ناهد على التربية ودورها الأساسي في غرس الوشاية في نفس الشخص وتعزيز هذا السلوك بالتعلم، ومنذ طفولته نحفزه على نقل ما يحدث داخل المنزل بالتبليغ عن إخوته، فيظن الطفل أن هذا سلوك أخلاقي ومقبول، بجانب الدور الذي تلعبه المدرسة عند يعين الطفل كضابط بالفصل (ألفة)، مسؤول عن ما يحدث في غياب الأستاذ. اليوم التالي