ابراهيم ميرغني في منتصف تسعينات القرن الماضي كتب شاعرنا المرحوم علي عبد القيوم قصيدة بالعنوان اعلاه، بعد أن قرر الخروج نهائياً من دولة قطر، ودول الخليج عموماً، والهجرة مجدداً نحو الشمال، وإلى جمهورية بولندا، والتي درس فيها الإخراج السينمائي في السابق. القصيدة هذه لم تكن ضمن القصائد التي نشرت في ديوانه الأخير "الخيل والحواجز"، لكني قرأتها بالصدفة اثناء وجوده معنا في (وارسو) قبل ان يصاب بالمرض اللعين، والذي أودى بحياته لاحقاً، مبكياً على شبابه وابداعه. تذكرت كل ذلك، وما ورد في القصيدة من اشارات، وايماءات عن دولة قطر. وتناقض مواقف حكامها الأمر الذي دفع به لوضع هذا العنوان اللافت للقصيدة "الدوحة السندكالية". والسندكالي لمن لا يعرفون وصف أُطلق على الإمام الصادق المهدي بعد ثورة أكتوبر، وانشقاق حزب الأمة إلى جناحين. وكان الإمام الصادق وقتها يبحث عن تاطير نظري لفكرة فصل إمامة الأنصار عن رئاسة الحزب، واستيعاب هجمة العصر الحديث في الفكر الإسلامي التقليدي، وغيرها من اجتهادات الإمام الصادق المهدي الشاب وقتها. غير أن سندكالية حكام دولة قطر قد فاقت كل تصور، فمنذ منح بريطانيا الاستقلال لمشيخات الخليج العرب في بدايات السبعينات، وبروز دول مثل الامارات، وسلطنة عمان، ودولة قطر. حاولت الأخيرة البحث عن دور ما في منطقة الخليج، ولعب دور اللاعب الاقليمي الأساسي في المنطقة، فعمدت إلى توطيد علاقتها مع الولاياتالمتحدة وإيران في آن واحد، بل وسمحت ببناء قاعدة أمريكية كبرى في أراضيها لضرب العراق في حرب الخليج الأولى والثانية. وبعد انقلاب الشيخ حمد على ابيه في العام (1995)، استولت جماعة الأخوان المسلمين على السلطة في قطر بالأصالة عن التنظيم الدولي للجماعة، وتحولت الأسرة الحاكمة لمخلب قط ينفذ التعليمات التي تأتي عن المراكز الاخوانية بالخارج. وشهدت هذه الفترة أيضاً وصول أعداد مقدرة من كوادر الاخوان إلى قطر، واستيعاب الكثير منهم في قناة الجزيرة القطرية، وطرأ تحسن كبير في العلاقات مع حركة حماس في قطاع غزة، بل وتم فتح مكتب تجاري لاسرائيل في الدوحة!! كل هذه التناقضات أجتمعت في نظام واحد يجمع بين سيطرة أسرة ال ثاني على مقاليد الحكم بسبب النسب العائلي الوراثي، والتحالف مع التنظيم العالمي للاخوان المسلمين، والذي يسعى لتقويض كل انظمة الحكم في دول الخليج، والدول الوطنية الأخرى، حتى تصبح فريسة سهلة لقوى الإسلام السياسي. هذا التحالف الانتهازي يوضح بجلاء، أن حكام قطر يحتاجون لغطاء أيدولوجي يبرر استمرارهم في الحكم، وان التنظيم الدولي للأخوان يريد ان يسخر أموال الغاز والنفط القطرية لنشر أفكاره المتطرفة، وهكذا تحالف محكوم عليه بالفشل مقدماً. لأنه تحالف مأزومين، جمعت بينهم مصلحة انية عابرة لا غير. [email protected]