جوبا, أغسطس (آي بي إس) - سجلت أعمال العنف حول حيازة الماشية في جمهورية جنوب السودان الغنية بالنفط زيادة سريعة مؤخرا وشملت خطف آلاف النساء والأطفال ومقتل أكثر من ألف فرد منذ بداية العام. ومن بين دوافع العنف، إقبال الرجال المتزايد علي الزواج وحاجتهم إلي توفير المهر علي شكل إعداد من رؤوس الماشية كثيرا ما يلجأون إلي سرقتها. والمعروف أن جنوب السودان، التي أعلنت إستقلالها في 9 يوليو الماضي والتي تنتج حوالي 385.000 برميلا من النفط يوميا، كانت عادة مسرحا لاشتباكات عرقية بشأن الماشية، ذلك أن إمتلاك أكبر الأعداد منها يعتبر مؤشرا على الثروة. لكن هذه الإشتباكات تصاعدت في الآونة الأخيرة وبوتيرة سريعة. وتقع حكومة جنوب السودان حاليا تحت ضغوط متصاعدة لمعالجة الأسباب الكامنة وراء هذه الاشتباكات. ويعتبر كثير من المسؤولين أنه إذا لم يتم حل القضايا الكامنة وراء العنف وانعدام الأمن، فسوف يؤدي ذلك عرقلة الاستقرار والتنمية في هذه الدولة الحديثة الإستقلال. ويعزي الخبراء والمحللون ظاهرة تصاعد أعمال العنف إلي سهولة الحصول على الأسلحة وكذلك إلي المعايير الثقافية التي تصور ملكية الماشية كدليل على النجاح. فبعد نهاية الحرب الأهلية التي دامت 21 سنة في البلاد في عام 2005، ارتفعت قيمة الماشية بسرعة نظرا لإقبال الكثير من الرجال على الزواج، حيث من المعتاد دفع المهر علي شكل أعداد من الماشية. وقال جيمس عمور، وهو الشاب من ولاية جونقلي، لوكالة انتر بريس سيرفس أن مهر العروس قد يكلف ما يصل الى 100 رأسا من الماشية. وأضاف "يشارك بعض الشباب في عمليات سرقة الماشية لأنهم يريدون الزواج وليس لديهم ما يكفي من الماشية". وشرح أنهم يعمدون إلي سرقة الماشية لجمع المهر، وأشار إلي أنه في مجتمع الدينكا علي سبيل المثال، كلما إرتفعت قامة العروس ارتفع المهر، ونفس الشيء ينطبق على المرأة المتعلمة. وكمؤشر علي تصاعد أعمال العنف، يشار إلي الهجوم الذي وقع يوم 18 أغسطس في مقاطعة أورور في ولاية جونقلي، أسفر عن 640 قتيلا و761 جريحا وخطف 258 طفلا وسرقة 38،000 رأس ماشية وحرق 8924 منزلا. وتعرضت المقاطعة بأكملها لهذه الهجمات. وقدر مفوض مقاطعة أورور، توت بووك نيانغ، عدد المهاجمين بما بين 2000 و 2500 من الشبان الذين يشتبه في أنهم من مقاطعة بيبور المجاورة، فيما تشير تقديرات أخري إلي أن عددهم تراوح 3000 و 5000 فردا "مسلحين كجيش نظامي". وقال موظف في الأممالمتحدة لوكالة انتر بريس سيرفس شريطة عدم الكشف عن هويته ان المهاجمين يحملون عدة أنواع من الأسلحة بما فيها الأسلحة الرشاشة AK - 47s والقنابل اليدوية وحتي المدافع المضادة للطائرات. وجاء الهجوم انتقاما من احدي جماعات النوير من مقاطعة أورور ضد جماعة المورلي في مقاطعة بيبور في يونيو الماضي، وأسفر عن مقتل أكثر من 400 شخصا والقبض على النساء والأطفال وسرقة مئات من الماشية. وتجري العادة علي إعتبار النساء اللاتي يتم القبض عليهن بمثابة "زوجات" فيما يتم استيعاب الأطفال في ثقافة خاطفيهم. ومن الملفت للإنتباه أن بعثة الاممالمتحدة في السودان المكلفة بحماية المدنيين وكذلك الجيش الشعبي لتحرير السودان لم يتدخلا لوقف الهجمات بحجة الإفتقار إلي القدرة والإمكانيات، فيما تتزايد المطالبات الموجهة للحكومة لنشر قوات الأمن سعيا لمنع تكرار مثل هذه الهجمات. لكن وزير الدولة المسؤول عن تنفيذ القانون في ولاية جونقلي، غابرييل دووب لام، قال أنه من الصعب منع مثل هذه الهجمات "لأن عدد المدنيين الذين يمتلكون الأسلحة يفوق عدد الضباط المشرفين علي إنفاذ القانون". فشاطر وزير داخلية جنوب السودان جير تشوانغ للوونغ هذا الرأي شارحا أن ضعف البنية التحتية في جنوب السودان يحول دون أداء قوات الشرطة مهامها.