تلقيت أمس اتصالات ومعلومات من خطوط ملاحية عالمية قررت التوقف عن التعامل مع ميناء بورتسودان، لا في الصادر ولا الوارد.. بالله تابعوا معي هذا المسلسل المؤلم إلى حد البكاء. معدات وآليات الشحن والتفريغ في ميناء بورتسودان بدأت تعاني من الأعطال بما أدى إلى تباطؤ العمل كثيراً.. ثم تراكم السفن، وزيادة فترات الانتظار لترتفع التكلفة بصورة مهولة.. في اليوم الواحد لأكثر من ثمانية آلاف دولار. ومع مرور الأيام، وتراكم الحاويات في الميناء، والسفن في المراسي أمام الميناء بدأت شركات الشحن تفرغ البضائع السودانية في موانئ مجاورة.. مثل ميناء "جيبوتي".. ويصبح على التاجر السوداني إعادة الشحن مرة أخرى من "جيبوتي" إلى بورتسودان؛ لتزداد تكلفة الواردات مضاعفة. والآن أوقفت بعض خطوط الملاحة الدولية رحلاتها- تماماً- إلى بورتسودان، ولا يؤثر هذا على الواردات فحسب، بل حتى الصادرات، ولا يظهر أي حل في الأفق المنظور لهذه المأساة الغريبة. بصراحة أنا لا أميل إلى تجزئة المنظور الذي نتأمل منه مشاكلنا الوطنية.. من أم الكبائر- الأزمة السياسية- مروراً بالاقتصادية، حتى الرياضية التي قدمت عروضها على خشبة الاتحاد العام لكرة القدم في مسرحيته العبثية مع "الفيفا". كل هذا المسلسل لا يعني سوى أن الدولة السودانية تكابد حالة "توهان" شاملة تجعل منهج العيش بمبدأ (إدارة الأزمات) ضرباً من الانتحار البطئ.. ومن الحكمة أن نبحث عن (وصفة شاملة) تقفز فوق الواقع المرير الذي نكابده. في تقديري- لا يمكن القبول برهن العقل السوداني وتعليبه في انتظار (معجزة)؛ فالسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، ونحن أمة لا ينقصنا الوعي، ولا الهمة، ولا الموارد.. فقط ينقصنا الإحساس أن الوقت لم يعد يسمح بانتظار الحلول الخارجية، ولا التواكل. العالم من حولنا يتحرك بسرعة، ليس بعيداً عنا.. انظروا إلى جيراننا من كل صوب، لكل أمة أحلامها التي نهضت بكل همة لتحقيقها.. إلا نحن فليس في أحلامنا سوى انتظار (انتخابات!!!!!) 2020.. ومنذ ما قبل الاستقلال ونحن نمارس لعبة الانتخابات. على كل حال- أسوأ مرحلة في أعمار الشعوب هي الدخول في نفق التلهي ب "اليوميات".. الساسة حريصون على مصالحهم الخاصة.. والحكومة سعيدة بانشغالهم بأنفسهم.. حالة (غيبوبة) سودانية شاملة. التيار