حدثني بمرارة صديق تابع المؤتمر العلمي للجمعية السودانية لاختصاصيي طب العيون،الذي انعقد بالخرطوم خواتيم الشهر المنصرم « يوليو » وشارك فيه عدد من الأجانب ، عن الضعف المؤسف والمخجل في اللغة الانجليزية لكثير من المتحدثين وبعض مقدمي الاوراق من السودانيين ،وزادني أسفا وحسرة عندما أضاف بالقول حتى الكتيب الذي وزع على المشاركين لم يخلُ من الأخطاء الشنيعة والتعبيرات الركيكة .. هذه الواقعة المخجلة تفتح مجددا ملف التدني المزعج في اللغة الإنجليزية، وهو ملف حافل بالكثير من الجلطات المخجلة نكتفي منها ببعض الشواهد .. من هذه الشواهد ما يشهد عليه الحزب الحاكم نفسه ، كان ذلك على أيام انعقاد المؤتمر العام الرابع للحزب ،اذ حملت البطاقة المخولة لحاملها حق الدخول الى مقر المؤتمر خطأ مزعج «فجخ اللغة الانجليزية تفجيخا»، فبدلا من أن يكتب على البطاقة «4th general conference» أي بالعربي المؤتمر العام الرابع،اذا بالمكتوب هو «4rd general conference»، وهذا انجليزي «صلص» كما كنا نصف ما جاء على شاكلته على عهد الطلب الباكر،لم نكن نتوقع أن يقع فيه هذا الحزب الكبير والرائد والقائد كما يصف نفسه ولو سهوا وغفلة ،فمن غير المقبول أن يقع في هذا الخطأ وبين مدعويه ضيوف أجانب في ما كنا نقع فيه ونحن طلبة صغار حين كنا نلوي أعناق العبارات الانجليزية التي نتحصلها من الدرس في المدارس، أو التي نلتقطها من هنا وهناك أو نتسقطها من الأفلام الأجنبية بترجماتها الرديئة ، ومن الشواهد أيضا أذكر تلك المطالبة الشهيرة لوالي الجزيرة ايلا بضرورة إخضاع نتيجة امتحان شهادة الأساس للتحليل العلمي وتدارك تدني المستوى في اللغة الإنجليزية، كما أذكر كذلك ما سبق أن نشرته إحدى الصحف عن خبر صاحب موقع وظيفي مرموق في درجة قيادية عليا رفيعة و«يحتل» منصب الوكيل في إحدى الوزارات المهمة، وملخص خبر الصحيفة يقول إن منسوبي تلك الوزارة قد اكتشفوا أخيراً أن جهل وكيلهم بالإنجليزية هو سبب اعتذاره المتكرر عن المشاركات الخارجية ، وخاصة للدول الناطقة بالإنجليزية وليس بسبب أنه يعاني من فوبيا الطيران كما كانوا يعتقدون خاطئين ، كما أذكر أيضا المطالبة المتكررة لخبراء التعليم بأهمية وضرورة التوسع في تعليم الإنجليزية لتدارك التدني المريع الذي أصابها في مقتل .. الحقيقة المؤسفة لا تكشف فقط التدني في الإنجليزية وحدها وإنما العربية أيضاً، وقد هيأت لي تجربة شخصية في التدريس الجامعي، فرصة الوقوف الأسيف على مبلغ التردي المريع الذي ضرب هاتين اللغتين المهمتين، ولسنا هنا في حاجة لإثبات مدى التدهور الذي حل بالإنجليزية، فالشواهد والإثباتات على قفا من يشيل، بل تظل حاجتنا أكبر لمنهج يجعل طلابنا يجيدونها، فتعلم لغة أجنبية أمر مهم جداً في حياة الإنسان، إذ إن تعلم لغة أجنبية يكسب الإنسان مهارات جديدة إدارية وتربوية...الخ، بالإضافة إلى أن تعلم لغة أخرى يعتبر من الأمور الضرورية في حياة الشعوب، فلذلك نجد أن العديد من دول العالم جعلت في مناهجها التربوية والتعليمية لغة أجنبية أخرى إلى جانب لغة الدولة الرسمية، على سبيل المثال أدخل الاتحاد الأوروبي تدريس لغة ثانية إلى جانب اللغة الرسمية للدولة .. الصحافة