في خاتمة كلمتنا أمس بعنوان (تكسير التلج وتفجيخ اللغة)، كنت وعدتكم بالتطرق لموضوع التدني المزعج في اللغة الإنجليزية، على خلفية مطالبة الوالي إيلا بضرورة تلافي هذا التدني، وها أنذا أعود للموضوع وأقول.. في أحد مشاهد المسرحية الشهيرة (مدرسة المشاغبين)، ردد الفنان سعيد صالح (رحمه الله)، الذي جسد شخصية الطالب مرسي الزناتي، بعض العبارات بطريقة مدغمسة وغير مفهومة، فما كان من الفنان عادل إمام الذي أدى دور بهجت الأباصيري في المسرحية، إلا أن سأله (إنجليزي دا يا مرسي؟).. وفي حوار معه بإحدى الصحف أبدى رجل أعمال معروف تحسره على جهله باللغة الإنجليزية الذي قال إنه يتسبب في حرمانه من تكرار زياراته لأحب وأجمل بلاد الدنيا عنده، فحين سأله محاوره عن أجمل بلد زارها، قال (سنغافورة لكن ما عندي ليها إنجليزي)، وكانت إحدى الصحف قد حدثتنا عن خبر صاحب موقع وظيفي مرموق في درجة قيادية عليا رفيعة و(يحتل) منصب الوكيل في إحدى الوزارات المهمة، وملخص خبر الصحيفة يقول إن منسوبي تلك الوزارة قد اكتشفوا أخيراً أن جهل وكيلهم بالإنجليزية هو سبب اعتذاره المتكرر عن المشاركات الخارجية، وخاصة للدول الناطقة بالإنجليزية وليس بسبب أنه يعاني من فوبيا الطيران كما كانوا يعتقدون خاطئين، وكان وزير التعليم العالي السابق خميس كندة قد زجر خبراء التعليم الذين طالبوا بالتوسع في تعليم الإنجليزية لتدارك التدني المريع الذي أصابها في مقتل، وقال الوزير بالحرف في تصريح له منشور (نرفض التوسع في اللغة الإنجليزية ومن أرادها فليذهب للمعاهد)... تذكرت هذه المشاهد الأربعة حين طالعت يوم الخميس أول من أمس على صحيفتنا هذه (التغيير)، خبر مطالبة والي الجزيرة إيلا بضرورة إخضاع نتيجة امتحان شهادة الأساس لهذا العام للتحليل العلمي وتدارك تدني المستوى في اللغة الإنجليزية، الذي بلغت نسبته (46%).. انتهى كلام إيلا ولكن لم ينتهِ التدني الكبير في تحصيل الإنجليزية عند مرحلة الأساس، بل هو تدنٍّ شامل ومتمدد حتى الجامعات، وليس في الإنجليزية وحدها وإنما العربية أيضاً، وقد هيأت لي تجربة شخصية في التدريس الجامعي، فرصة الوقوف الأسيف على مبلغ التردي المريع الذي ضرب هاتين اللغتين المهمتين، ولسنا هنا في حاجة لإثبات مدى التدهور الذي حل بالإنجليزية، فالشواهد والإثباتات على قفا من يشيل، بل تظل حاجتنا أكبر لمنهج يجعل طلابنا يجيدونها، فتعلم لغة أجنبية أمر مهم جداً في حياة الإنسان، إذ إن تعلم لغة أجنبية يكسب الإنسان مهارات جديدة إدارية وتربوية...الخ، بالإضافة إلى أن تعلم لغة أخرى يعتبر من الأمور الضرورية في حياة الشعوب، فلذلك نجد أن العديد من دول العالم جعلت في مناهجها التربوية والتعليمية لغة أجنبية أخرى إلى جانب لغة الدولة الرسمية، على سبيل المثال أدخل الاتحاد الأوروبي تدريس لغة ثانية إلى جانب اللغة الرسمية للدولة. [email protected]