هنادي الصديق * لا زالت لغة التهديد والوعيد والتكبير والتهليل مصحوبة بالصراخ و(الجوعير)، هي المسيطرة على خطاب الحكومة السودانية على أعلى مستوياتها، ولا زال خطاب اركان النقاش هو ابرز عنوان لكافة خطب المسؤولين من أهل المؤتمر الوطني وانتقل بصورة واضحة جدا لكافة وزراء ومسؤولي الاحزاب الموالية بالحكومة. * المسؤولين ببلادي لا زالوا يهتمون بسفاسف الامور ويشغلون بها العامة، يفتتحون اصغر المشاريع فيقيمون لها الدنيا ولا يقعدوها، يقف من خلفها إعلام سفيه لا يجروء على انتقاد مثل هذا السلوك ولا التبصير بحقيقته، اعلام نستكثر عليه صفة (إعلام الحكَامات). * لم يعد يهم كيف يعيش المواطن، ولا ماذا يريد، ولا صورته امام العالم، بقدرما يهم هذا الاعلام المتواطئ ماذا يريد السلطان، وكم يدفع. * مهرجانات تقام ويُصرف عليها من مال المواطن اكثر مما صُرف على المشروع نفسه، والغرض توصيل رسالة للمواطن وللعالم بأننا اصحاب الكعب العالى، ونحن الذين نهز الشعب بيميننا والعالم بشمالنا، لا تهمنا امريكا ولا ازيالها، ولا يهمنا من يريد ان يعاقبنا لأننا مالكون لقرارنا، ومتفردين في صفاتنا، ووووالخ، يحدث كل ذلك والعالم لا يعنيه ان افتتحنا مزيرة أو ملجة، او حتى مرحاض. * حكومة تنقاد وراء وهم تنسجه من بنات افكارها وتصدقه لتقودنا معها في هضم الوهم بصمتنا الغريب حتى جعلتنا اضحوكة للعالم، وجعلت منا شعبا اعوج الضهر مكسور الجناح. * حكومة بفعايلها المخجلة خلَفت في هذا الشعب الطيب (عاهة) مستديمة لم يعد معها يتقبل أي شيء، حتى وإن صمت، لأن في صمته كلام. * برلمان الانقاذ الوطني أجاز قبل فترة قصيرة جدا التعديلات المنتظرة للدستور الدائم للبلاد وسط هتاف وتكبير وتهليل نواب وحشود لم تعرف طريق البرلمان يوما، وأخري هجرته لسنوات قبل أن يتم (إستنفارها) مكرهة. * هلل من هلل وكبر من كبر، وتحدثوا وكتبوا مؤيدين، وكل من بالغ في المدح أو شطح، تناسى أن من بين أسماء الله الحسنى (العدل)... وهو أفضل الحاكمين. * عدَل في الدستور تعديلات لم تأت علي هوي الشعب، ولم تزيد الطين إلا بلَه، جلها كرست لإحكام القبضة علي المواطن، وتركت السلطة المطلقة في يد رئيس الجمهورية ليعين من يشاء وكيف يشاء، والنتيجة تعيين نواب جدد للجهاز التشريعي ليكون مجرد برلمان ترضية وتسوية سياسية لا أكثر ولا أقل، وإضافة أعباء مالية علي خزينة الدولة رغم الظروف الإقتصادية التي تمر بها البلاد، فالمهم في النهاية هو الصفقة والبصمة وتمرير الكوارث في صمت. * اصبحنا غرباء في وطننا، لا نملك من أمرنا شيئا، والبرلمان يستعد مرة اخري ليخرج علينا بتعديل جديد يتيح لرئيس الجمهورية الترشح لدورة رئاسية خامسة او سادسة. * لا قانون يضبط حركة النظام ومؤسساته في بلادي، ولا دستور يُحترم من قبل واضعيه او المصادقين عليه، فالغاية تبرر الوسيلة، والخاص يتقدم العام، واختصار الزمن بالتشريع واختزال المسافة باعادة التشريع بات اقرب الطرق الى القصر وقلوب من بالقصر. * قبيل التعديلات القادمة للدستور، يمكن القول بأن التعديلات الدستورية الاخيرة، عبرت بوضوح عن ما سيؤول إليه مستقبل السودان، ويؤكد علي العتمة التي تنتظر شعبه الذي اُدخل في غيبوبة بعد أن تيقن من حقيقة أن النظام يعتبر الشعب الدَ أعدائه واثبتت التعديلات غير الموفقة خاصة في منصب رئيس الجمهورية، وما ينتظر ما تعديلات جديدة مقترحة، أن السودان بات في عنق الزجاجة، وليستعد النظام قبل ان يعدَل في دستوره، ان يقوم باسترداد مليارات الدولارات من حساب منسوبيه بماليزيا ليقوم بسدادها للولايات المتحدة تنفيذا لقرارات المحكمة بتعويض تفجيري سفارات الولاياتالمتحدة بدر السلام ونيروبي، فخزينة الدولة لم يعد فيها ما يكفى قوت الشعب. [email protected] الجريدة