الخبر المفرح والذي يسود في وسائل إعلام حزب المؤتمر الوطني هو مشاركة السودان في مناورات النجم الساطع ، الحقيقة هناك جهل وتدليس في هذا الخبر الذي يعتبره النظام مؤشراً لعودة العلاقات الطبيعية بين امريكا والسودان ، على الرغم أن الخلفية الفكرية للنظام لا تبيح له مشاركة السودان في أي مناورات تكون الولاياتالمتحدة طرفاً فيها ، وهناك اسباب عملية يأتي من بينها ان امريكا قصفت السودان في عام 98 أو أنها فرضت الحصار عليه وجمدت أرصدته المالية ، واصبحنا امريكا بمثل الامام الذي يقبل الصلاة ولا يقبل عدم دفع الزكاة ، اذكر القراء الكرام ان عملية النجم الساطع هي نتائج لاتفاق كامب ديفيد بين مصر واسرائيل في عام 1979 ، وذلك بغرض فرض التوازن بين الجيشين المصري والاسرائيلي ، كانت هذه المناورات مهمة في ايام الحرب الباردة بين امريكا والاتحاد السوفيتي ، وهناك من يقول أنه و بسبب التنسيق ادت هذه المناورات ، وبعد مشاركة قوات الناتو ، إلى هزيمة قوات العقيد معمر القذافي في تشاد ، وتتمسك مصر ببند المساعدات العسكرية الامريكية الذي يأتي كأحد بنود شروط المشاركة ، وقد قامت الولاياتالمتحدة بوقف التمويل للجيش المصري بعد أحداث ثورة يناير 2011 ، وكان ذلك في عهد الرئيس الأمريكي السابق اوباما ، ثم قام الرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب بإعادة التعاون العسكري مع مصر وذلك لمحاربة داعش ، وقد سرى تحسس عام وفقاً لبعض المصادر الصحفية بأن الولاياتالمتحدة ربما تجري هذه المناورات في الأردن ، والسبب هو تدهور الأوضاع الأمنية في مصر ، لكن يبدو أن هذا التوجه لم يتم بحكم ان التدريب العسكري يتم في مناطق مصرية آمنة ، وتواجه هذه العملية موافقة الكونغرس على التمويل وهذا لم يتم بعد ، وتشارك 33 دولة بمهمة مراقبين في هذه العملية ، من بين هذه الدول الصين والهند وسوريا ، ولذلك لا يعتبر وجود السودان في قائمة دول المراقبة محل احتفاء وفرح بعودة علاقات امريكا والسودان في المجال العسكري ، ولا ننسى ان التعاون الأمني بين البلدين موجود منذ عام 1996 ، وهذا التعاون على الرغم من اهميته للولايات المتحدة ، لم يسهم في بناء جسر التواصل بين أمريكا والسودان في كافة المجالات ، وهو محصور فقط بما تريده أمريكا ولا يعطي اعتباراً لحاجات السودان من امريكا ، وهناك عقبة اخرى ، وهي ان الدولة المضيفة لهذه المناورات وهي مصر يمكن ان ترفض وجود السودان في قائمة المراقبين بحجة حماية امنها الوطني ، فالقاهرة تعلم حجم العلاقة الخاصة بين نظام البشير وكل من قطر وتركيا ، ومصر التي تحارب تنظيم الاخوان المسلمين بلا هوادة فلن تقبل بحصان طروادة على اراضيها ، وغير كل ذلك ان السودان يشن حرباً اعلامية واقتصادية على مصر ، ولذلك من المستحيل ولوج البيت الامريكي من البوابة المصرية ، فمصر لم تشارك في حرب اليمن على الرغم من غلاء ثمن المشاركة في هذه الحرب ، ومن هنا يمكن الاستدلال ان هناك موقف مصري مستقل فيما يخص حرب اليمن ، وسوف يتشكل هذا الموقف من جديد فيما يخص السودان . ولن تستجيب مصر لأي طرف يفرض عليها قبول قوات سودانية في أراضيه . وهناك من يستطيع الزعم وهو يستدل بالشواهد الحالية ، وهي أن امريكا دعمت الحشد الشعبي الطائفي في العراق لمحاربة داعش ، وهي دعمت الفصائل الكردية في شمال سوريا وهو فصائل انفصالية وعرقية تسعى لمشروع قومي يهدد كل المنطقة ، إذاً فلماذا نرفع اعلام التشاؤم في السودان والتشكك في مشاركته امريكا في حربها ضد الإرهاب ؟؟ اقول أنه من الممكن حدوث ذلك ، كان بريجينسكي وهو أحد المسؤولين الامنين في عهد الرئيس ريغان يقول للمجاهدين الأفغان : حاربوا من ربكم ومساجدكم لأن الله امركم بذلك ، فقد كانت الحرب ضد الاتحاد السوفيتي تحتاج لوقود ، وكذلك الحرب على تنظيم الدولة ، هنا يمكن لأمريكا أن تتحرر من القيود وتدعم الطرف الذي يحقق لها ما تريده على الأرض. ولذلك ليس من المستبعد ان نرى قوات الدعم السريع العنصرية وهي تحارب تنظيم الدولة في النيجر أو مالي تحت غطاء أمريكي ، فهي قوات مجهولة التركيبة وتحارب من أجل المال . د.سارة عيسي [email protected]