سيقتلونني انا وعائلتي"، يقول محمد يوسف المترجم الافغاني في الجيش الاميركي في افغانستان الذي لا يراوده شك حيال مصيره اذا بقي في بلاده بعد رحيل القوات الدولية المقرر في 2014. وعلى غرار الالاف من زملائه يسعى الرجل (30 سنة) حثيثا من اجل الحصول على تاشيرة هجرة الى الولاياتالمتحدة متيقنا، شانه شان العديد من الافغان، ان بلاده اما ستشهد حربا اهلية او تعود الى حكم "طلبة الدين" عندما تنسحب القوات المقاتلة لحلف شمال الاطلسي وثلاثاها من الاميركيين، من افغانستان. ويعتبر المترجمون الافغان المنخرطون في كل وحدة من الجيش الاميركي من افضل الشهود على سنوات الحرب العشر الاخيرة التي سجلت تصعيدا في هجمات المقاتلين والتي تقضي على عدد متزايد من المدنيين والجنود الافغان والاجانب. وقد تعلم معظم هؤلاء الشبان الذين يطلق عليهم الجنود الاميركيون اسم "تربس" في عبارة تختصر مهنة المترجم "انتربرترز"، اللغة الانكليزية عبر مشاهدة العديد من افلام هوليوود. ويحق لهم بعد سنة من الخدمة ان يطلبوا تاشيرة اميركية ولكن تبدا حينها عملية ماراثونية من الاجراءات الادارية لدى السفارة الاميركية في كابول. وفي موقع مونتي الميداني المتقدم المتحصن للجيش الاميركي في ولاية كونار الشرقية التي تعج بمقاتلي طالبان يشرح محمد يوسف ان المتمردين وانصارهم يعتبرونه "كافرا مرتدا" وهو ما يعاقب عليه المتطرفون الاسلاميون بالاعدام. وفي وسط المعسكر يقول المترجم وهو يتناول مع زملائه طبقا من اللحم والأرز بالدجاج، وهو طعام يبدو راقيا مقارنة بما يتناوله مواطنوه، "انهم يقولون ان الذين يعملون مع الاميركيين لا بد ان يقتلوا". ويقول محمد اسلام (23 سنة) الذي سكب على شعره المنتصب هلاما وارتدى قميصا ملتصقا بجسده "لست سعيدا في افغانستان، انه مكان بشع وخطير"، وذلك باللهجة العامية المتداولة في حي برونكس. اما سليم شاه (35 سنة) فانه ترك تجارة السجاد ليتحول الى مترجم في الجيش الاميركي ويحلم بفتح متجر في نيويورك ويقول "لو لم اعمل مترجما لكان من الصعب جدا ان اهاجر". وتتلقى السفارة اعدادا هائلة من الطلبات. وتحدث اداري اميركي طالبا عدم كشف هويته عن 850 تاشيرة سلمت للمترجمين حتى منتصف تموز/يوليو. لكنهم حصلوا على ذلك بناء على قوانين كانت معتمدة قبل صدور قانون العام 2009 حول حماية الحلفاء الافغان والذي يحدد من هم الاشخاص المهددون لانهم عملوا مع الحكومة الاميركية. وبسبب ذلك القانون الجديد لم تسلم اي تاشيرة وظل 2297 طلبا في الانتظار حسب الاداري الذي يقر بان العملية معقدة وتثير شكاوى. وقال "اننا نعلم ان لدينا مسؤولية خاصة تجاه الافغان الذين عملوا معنا ولكن وفي الوقت نفسه يجب علينا ان نتاكد ككل شخص يدخل الولاياتالمتحدة انهم لا يشكلون خطرا على البلاد". ولذلك ورغم انه قام بكل الاجراءات، يشك محمد يوسف في تمكنه من "الفرار" من افغانستان قبل 2014 ويتذمر بالقول "انه لامر صعب لان عددنا كبير". وشهد المترجم مقتل او اصابة العديد من زملائه. ويروي انه خلال عملية في ولاية كونار السنة الماضية "انفجر لغم يدوي الصنع، سلاح طالبان المفضل، لدى مرور آلية الهمفي التي كانت وراء آليتنا وكان فيها خمسة جنود لكننا لم نعثر سوى على ساق واحدة. الله ستر". وكثيرا ما يشيد الجنود الاميركيون بمترجميهم ويعتبرون انهم يستحقون العيش في الولاياتالمتحدة. وقال الجندي جوشوا ماكنتير في معسكر مونتي "انا اثق فيهم". لكن حياة المترجمين ليست في خطر فقط عندما يكونون مع الجنود الاميركيين بل ايضا عندما يحصلون على اجازة. محمد على سبيل المثال لا يجرؤ على الذهاب لرؤية زوجته وابنائه الخمسة بالسيارة، وانما يعتمد على مروحيات الجيش الافغاني لنقله.