الموت حق لا مراء فيه..والتسليم بقدر الله وقضائه من فروض إيماننا بخالقنا.. فلا نقول إلا ما يرضي الله في ساعات المصاب الجلل. إنا لله وأنا إليه راجعون ..وإنا لفراقك يا استاذنا بكري لمحزونون. فمضيك في سبيل ربك .. تبيان لقول سار بأن الموت نقاد.وكيف لا؟ وقد كنت معجزاً عن الإحاطة بكلك..فحيثما كنت ، وأينما يممت ..كنت ذلك الذي ما خلق لغيره.وما بزك فيه أناس . فمعلماً في كل سلالم المهنة من مبتدئ إلى إداري في أعلى السلم.لم تضارع.وما زلت أذكر شهر رمضان في ذاك الصيف القائظ . وأنا أقضي عطلتي الدراسية.وكيف كنت تجهد نفسك مع تلاميذ وتلميذات الصفوف الدنيا في الابتدائي بمدرسة القرية 13 .ويملأ صوتك الجهير جنبات المدرسة ملقناً نشيد (غنمي ترعى طول اليوم) وتمزجه ب (أهلاً أهلاً يا رمضان ).واليفع متفاعلين معك. وانت تزداد اشتعالاً بحماستهم.لتنتهي الحصة ، وتخرج علينا وقد جف ريقك ونحن مشفقون عليك ونتساءل : كيف ستتحمل صيام بقية اليوم؟ وكم تنقلت بين المدارس موازنة وتآمراً سياسيا قذف بك إلى جنوبالقضارف وأضفت وأضيف إليك. شجاعة الراي وفحولة الموقف ومواجهة أيٍ كان . سمات لازمتك في كل شئ. فصاحة القول جعلتك مُقدماً دوماً في الحديث عن قريتك ومدينتك. قريتك..مكلومة بك تذكر بذلاً سخياً لها في كل مجال..فريقها لكرة القدم ، الوحدة حلفا ، لن ينسى هدافها التاريخي.لولا الرياضة الجماهيرية ..كنت قاب قوسين أو أدنى من احد فريقي القمة.لله في حكمه وخلقه شئون..من كان يتصور ان ذلك الجسم الرياضي القوي..لن يصمد أكثر من شهر إذ ينتاشه المرض. لكن ، أي جسد ذلك الذي يتحمل قصوراً في أداء القلب مصحوباً بفشل كلوي طارئ؟. لم اتحمل رؤية ذلك الذي كان يطأ الثري شموخاً وجسده يذوي ..ربما أرضاني ما أرضى كل من يسر له الله عيادتك بالخرطوم إذ نقلت وهم كثر.فهل يجازى المتسارع إلى الواجب إلا بما يشبهه؟ شق نعيك على الجميع ..فصلت على جنازتك جموع غفيرة.كيف لا وقد فقدت القرية ركناً ركيناً يسعى في مصالحها وحاجياتها..ولا مسئول يقوي لان يكون عصياً عليك..منطقاً وإقناعاً وهيبة لا ترد مطالبك. ستفقدك( نمرة صيام)..فانت مزارعها الأول ..ومتصدي حوائجها. وستفتقدك مناسبات عقود النكاح..وانت تضفي عليها جواً مرحاً وانت تتحدث عن فارس ذاك اليوم وعروسه..وتذكر كل الأنساب المتشابكة بدقة تحسد عليها..لكنك من قبيل المرح تزج بآل فقراب ..الذين تنتمي إليهم. وستفتقد الأسر متوسطاً بينها في مشاكلها كلها ..وتسعى فيها بالخير.صلحاً وتناولا لمشاكل متعسري البنوك وأسرهم. فكلمتك هي المسموعة. لا اخالني او غيري قادراً على الإحاطة بك كما قدمت..والله نسأل ان يتغمدك بواسع رحمته..ويلهم اهلك صبراً يوافي جلل فقدهم .فنم هانئاً أبا هاني.