بسم الله الرحمن الرحيم نشأت مدينة الخرطوم وتوابعها على امتداد ضفتى النيلين غربآ وشرقآ والنيل كمنطقة ريفيه قرويه وكان ذلك تقريبآ بنهاية القرن التاسع عشر…. وبأختصار شديد ودون تفاصيل فنيه كثيره …أخذت الاحداث التاريخيه بسماتها السياسيه والأقتصاديه والأجتماعيه فى الخرطوم في التطور او التمدد بطابع ريفيآ شبه مدنيآ وذلك عبر قرون قليله حتى مطلع خمسينات القرن المنصرم ثم تسارع هذا التمدد السكنى والمؤسسى والعددى عبر خطط حكوميه وأهليه غير مدروسه تنمويآ وحضاريآ …. وبداية لألج صلب موضوع الموارد الطبيعيه فى بقعة الخرطوم وتحديدآ موارد المياه مجتمعه و تلازمآ مع النمو الحضاري لا بد أن نعرج و نذكر القواعد والركايز ألأساسيه العامه التى لابد من استيفائها بحثآ ودراسة ومن ثم بعد ذلك وضع الخطط الفنيه للأسكان وانشاء المؤسسات العامه التى تصطحب الحياة المدنيه والأقتصاديه وغيرها… وهى موجزة فى أ) التعداد السكانى .. نوعيته وكيفيته وتكوينه ب) الموارد الطبيعيه لبقعة ألأرض المقترحه.. جغرافيتها .. تربتها .. مواردها المائيه السطحيه /الجوفيه بنوعيها ( Regime مصادر المياه اي السلوك الطبيعى لها عبر التاريخ ) ثم… طبوغرافيتها و ج) المناخ وموأثراته د) المنشآت المدنيه والطبيعيه القائمه لو وجدت ه) الموأسسات العامه المسوؤله وقدراتها الأداريه والفنيه للأضطلأع بهذا العمل أشرافآ و أنشاءآ وتشغيلآ ….) المقدرات الماليه للقيام بالبرنامج أعلاه ….. منذ بداية ثمانينات القرن المنصرم بدأت تجتاح السودان وبلدان ما يعرف بالساحل ألأفريقى ظواهر طبيعيه وبئيه لا مثيل لها فى العصور الحديثه السالفه وصاحب ذلك فى السودان اضافة عامل آخر أمضى قساوة من الطبيعه المباشره .. وهو اندلاع حروب قبليه عرقية سياسيه… وعانى السودان كثيرآ من ذلك واستمر هذا ألأجتياح الطبيعى البيئى والسياسى اكثر من العشر سنين( ما زالت بالطبع كثيرآ من آثاره قائمه ) وأدى ذلك الى تغيرات وتحولات جذريه فى كثافة وتوزيع التعداد السكانى ومن ثم القواعد ألأقتصاديه وألأجتماعيه للنسيج البشري فى السودان … وزحفت أعداد هائله من سكان المناطق التى ضربها الجفاف والتصحر والحروب نحو المدن النهريه وتلقت منطقة الخرطوم أكثر من 90% من المهاجرين والنازحين .. استوطن جزء كبير من النازحين فى المناطق الطرفيه المتاخمه للمناطق السكانيه ألأصليه وانتشرت ايضآ اعداد كبيره داخل ألأحياء القديمه ….شكل هذا الثقل السكانى المضاعف الجديد عبء لا يمكن ان تتحمله ألأمكانيات المتواضعه من الموارد الطبيعيه الاسكانيه المتاحه لمنطقة الخرطوم والتى هى اصلآ منعدمة وهى ممثلة فى البنيات ألأساسيه للخدمات والتخطيط الحضري الاسكانى … وبجهود عامه وأهليه متواضعه محدودة التخطيط والتصور والموارد انتشرت احياء وامتدادات سكنيه لا تحصى حول الخرطوم واطرافها بل كثير منها تمدد وقام على ألأحواض والسهول الفيضيه لمسطحات النيل وأفرعه وأخرى قامت على مساحات و أفرع وخيران النيل التى يتمدد عليها فى مواسم فيضه … بل وصل ألأمر الى حد المبالغه و الكارثه أن طمرت السلطات الحكوميه المحليه مساحات كبيره من هذه المواعين الطبيعيه بردميات مخلفات المنشآت والجسور والمنشآت ألأستثماريه وايضا كذلك فعل القطاع الخاص والافراد ….. … و كان هذا بالطبع له أثره المباشر والفورى على مستويات تصريف مياه الأمطار من المسطحات المدنيه والخيران والممرات الطبيعيه و اثر ذلك ايضا كثيرا فى تصريف كميات مياه الصرف الصحى التقليدى وابار السيفونات التى انتشرت كثيرا فى السنين الاخيره وهى التى كانت تأخذ طريقها عبر الشقوق والفجوات الجوفيه فى باطن الأرض الى الخيران ثم الانهار … واستمر وتوالى هذا الوضع الكارثى متطورآ من سئ الى اسوأ حتى لوحظ فى الأعوام الأخيره ان هذه المواعين الطبيعيه لا تؤدى دورها الذى عهدته منذ اقدم العصور بل وصلت مستويات المياه الشبه سطحيه والجوفيه الى مستويات مرتفعه مقاربآ لسطح الأرض مثلآ= فى أمدرمان وبداية فى و من الأحياء التى يحدها شمالآ خور الكبجاب و مرورآ بالهجره وودنوباوى وابوروف والملازمين والمورده وحتى مواقع السلاح الطبى جنوبآ… ثم تقريبآ أغلب احياء جنوبالخرطوم… ونتيجة لذلك فقدت هذه ألأحياء السكنيه وغيرها كثيرآ من مرافقها الصحيه وتسبب هذا الوضع فى خسائر ماديه فادحه … والزائر الى تلك المواقع يرى الأثر واضحآ فى المساكن التى تهدمت والطرقات وألأسواق والساحات التى يسصتعصى فيها تصريف مياه الامطار …. السؤال الذى يطرح نفسه بالحاح وتكرار هو ما هو مدى انعكاس هذه الكارثه البئيه الطبيعيه وسط الساكنين وألأحياء المختلفه والخدمات العامه … وبالتجربه والخبره والتى استقيناها من وسائل الأعلام أن هذه الجهات العامه والشعبيه تتعامل مع هذه الظاهره كوضع طبيعى و أن ألأمر كله لا يخلو من أنه ليس الا موسم امطار وسيول واختناقاتها وأن هذا أمر طبيعى يمر دوريآ كل عام وان هنالك مصارف امطار وسدود سيول تغطى كثيرآ من البقاع وتكفى لمواجهة كل ظروف الأمطار وفياضنات النهر … وربما يضيفون …نعم هنالك شوارع وساحات تغمرها المياه مدى فترة الأمطار وهنلك اضرار مختلفه يسببها ذلك ولكن لا يلبث أن تجففها شمسنا الحارقه الساطعه دومآ ومن ثم ترجع ألأوضاع لوضعها الطبيعى … ويذهبون فى احساسهم بالموقف بعيدآ ويشيرون بكل اطمئنان ان الأمطار تفعل ألأهوال والدمار فى الهند وآسيا وأمريكا ايضآ … والكثير منهم وغيرهم ينسون ويصرفون العقل والنظر تمامآ عن الفروقات الكبيره بين طبيعة التعامل المهنيى و العلمى عند تلك الجهات فى أمر سيولهم وامطارهم و مما هو عندنا …. هنالك واقع … وهنا واقع الحال عشوائى في التعامل مع أمطارنا وسيولنا وممراتها الطبيعيه وينسون تمامآ بان السودان أرض قاريه تكاد تكون متمتددة ألأطراف تنبسط فى يسر نحو وادى النيل وأن نهر النيل يقسم القطر الى جزءين وفى زمن الفيضان المتزامن مع ألأمطار أن نهر النيل يتمدد فى افرع كثيره شرقآ وغربآ وفى احواض فيضيه متسعة الجنبات وهذا نسق طبيعى الفه السودان منذ ألاف الأعوام ولابد من التعامل معه بعلم ودرايه والمحافظه عليه … الغرض ألأساسي من هذه المذكره المختصره فى هذا الموضوع الطبيعى الفنى الهام كثيرآ هو القاء بعض الضوء الكشفى لما يحدث فى أمر لا يخطر ببال الكثير بل يتحدث عنه البعض بجهل تام … هنالك عمران يتمدد بتكاليف ماديه باهظه فوق ركام هذه ألأرض ( الخرطوم وتوابعها ) وهى تفتقد كل مقومات البنيه التحتيه ألأساسيه للخدامات المدنيه من مياه وغيرها … وأنه وغير مستبعد قريبآ أن نفاجأ بكوارث فاجعه من جراء هذا الوضع الذى نشأ ريفيآ وقرويآ وتمدد حضاريآ دون مقومات …. ولابد ان اشير ان مشاريع البنيه التحتيه فى كل مجالات للتنميه فى المياه والطرق والسدود التى قامت منذ عام 1989 كان نتاجها الفشل الزريع وخلقت كوارث ومشاكل … وذلك لانها لم تقم وتؤسس على درايه ودراسات بل قامت على الفساد ونهب المال العام …. هنالك تفاصيل فنيه كثيره لا ارى المجال مناسبا فى ذكرها فى هذه المذكره ….. م.م محمد يحيى بابكر .. 0912955826 [email protected]