ابراهيم الخواض المدير السابق لمكتب علي عثمان النائب الأول الأسبق للمخلوع ، نشر على خلفية أنباء متداولة عن مخدمه السابق بيانا يدافع فيه باستماتة عنه..تصدى الزميل عبد الحميد عوض للرد على البيان وتفنيد ما حواه، ولكن ليس من أغراضي هنا التطرق لمنشور الخواض وما خاض فيه ولا حتى التعرض لكامل ما جاء في رد عبد الحميد، وانما فقط أنا هنا لأن آخر فقرة في الرد جعلتني انخرط في موجة من الضحك والقهقهة حتى أدمعت عيناي، في هذه الفقرة قال عبد الحميد (والله يا خواض حكم الله لا نأباه لكن الفيكم إتعرفت) وذلك تعليقا على ما قاله الخواض أن علي عثمان لن تثنيه قضبان السجن عن ثباته على مبدئه و مدافعته لأجل تحقيق حكم الله في الأرض، وسبب ضحكتي على هذا الرد الفاحم من عبد الحميد هو أنه ذكرني بحكاية حقيقية شبيهة به.. والحكاية تقول كان (الطيب) وهذا اسمه الحقيقي، رجلاً طيباً بحق وحقيقة، فحينما كان موظفاً كبيراً بأحد الدواوين الحكومية قبل أن يتقاعد لوفاء المدة، ظل رقماً ثابتاً في كل لجان التكريم التي كان يتم تكوينها لوداع وتكريم مختلف القيادات، سياسية كانت أو تنفيذية أو تشريعية أو عسكرية حين يطرأ على أيٍّ منها ما يستدعي التكريم أو الوداع، ومن موقعه هذا كان الطيب الطيب على اطلاع تام بكل تفاصيل الهدايا القيمة والفاخرة، عينية ومادية التي كان يظفر بها المكرّم أو المودّع، وكانت كلفة الهدايا ترتفع أو تنخفض وفقاً لمكانة المكرّم السياسية والتنظيمية، فكلما كان المحتفى به أعلى مقاماً سياسياً وتنظيمياً، لا بد أن تكون عربة فاخرة آخر موديل إحدى هداياه، هكذا مضى عُرف التكريم، إلا أن الطيب عندما حان (يوم تكريمه) لم يكن يؤمل سوى في أقل مستوى تكريمي، ذلك أنه لم يكن (إنقاذياً) لا من البدريين ولا التابعين ولا تابعي التابعين، بل أنه لم يكن (سياسياً) ابتداءً، وإنما كان (حمار شغل) لا يهمه إن كان يعمل تحت حكم الشيطان نفسه، المهم أن ينفذ بحرفية عالية ما يؤمر به، ولعله لهذا السبب لم ينجُ عنقه الوظيفي من مقصلة الصالح الخاص المسمى زوراً بالصالح العام وحسب، بل واكتسب ثقة الجماعة، صحيح أنه لم يكن يتوقع تكريماً من الدرجة الأولى ولا حتى الثانية، ولكنه لم يكن أبداً يتصور أن يخرج من (مولد التكريم) وهو الذي كان أحد أهم مهندسي ومنفذي حفلات التكريم ببضعة دلاقين عبارة عن وشاحات وشعارات وأبيات من الشعر والكلام الإنشائي الذي اختتم برفع حقيبة بلاستيكية صغيرة تحتوي بداخلها على أشرطة القرآن المرتل ليتم تسليمها له كخير ختام لحفل التكريم، وسط صيحات التهليل والتكبير، ومن شدة الغيظ والحنق خرج صوت الطيب عالياً لأول مرة في حضرة (القيادات)، فبعد أن استلم الحقيبة وقبّلها تقديساً للقرآن الكريم، قال بصوت جهور وهو ينظر ناحية القيادات (كتاب الله ما بناباهو إلا الفيكم اتعرفت)..