عند مواجهتة بتهمة حيازة أموال أجنبية بشكل غير قانوني، قال الرئيس المخلوع ردا على التهمة، أن المبالغ المضبوطة هي ما تبقى من مبلغ قدره 25 مليون دولار أرسله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وتابع "لم نودعها لدى بنك السودان أو وزارة المالية لأن الأمير لا يريد لاسمه أن يظهر، (وإذا أردنا) إيداعها في بنك السودان أو وزارة المالية علينا تحديد مصدرها.وأضاف (إن مبلغ ال25 مليون دولار لم نستخدمه لمصلحة خاصة، وإنما تبرعات لجهات وأفراد ودعم لشركات)، ومن قبل كشفت تقارير صحفية أن وحدة المعلومات المالية التابعة لبنك السودان المركزي رصدت حركة مشبوهة لأموال من الحساب الخاص برئاسة الجمهورية لحساب موظفة باحدى الشركات الخاصة.. هذه الافادات تلفت الانتباه لما يعرف بالمال الخاص للوزير أو الوالي أو أيا كان ممن تخصص لهم أموال خاصة بحسب موقعهم الوظيفي، يتصرفون فيها ويصرفونها بمعرفتهم على من يشاءون وفي ما يشاءون، ولا نطلق القول هنا جزافا وانما استنادا على ما سبق ذكره وعلى تقارير سابقة للمراجع العام أثبتت أن هذا المال السائب عرضة للذهاب الى جيوب أشخاص ( خاصين ومخصوصين ) بل ولا يشغلون أي وظيفة لا في دائرة اختصاص صاحب هذا المال ولا حتى في جمهورية السودان قاطبة ،ومما أذكره في هذا الصدد أن المراجعة العامة كانت قد أوردت في أحد تقاريرها واقعة محددة وبالتفاصيل والأرقام، وعليه طالما أن هذا المال الخاص يمكن أن يغري بالسرقة ويفتح ثغرات يمكن أن يتسلل منها الفساد بتحويله لمصلحة بضعة أشخاص أو جهات كما حدث فعلا ، ما الذي بحق الله يبرر وجوده.. الحق الذي هو أحق أن يتبع أن لا يكون هناك مال بهذا المسمى ويجب الغاءه حالا ، ضبطا للمال العام وتقليلا للصرف الحكومي ومن باب أولى سدا لمنافذ الفساد..أما التبرعات التي كان يتفضل بها بعض أهل السلطة من وراء ظهر المؤسسات والدواوين، ويعلنونها هكذا كفاحاً أمام بعض جلسائهم، أو زائريهم أو حشود مستقبليهم (قطع أخدر) وليد اللحظة، كما كان يفعل بعض الأمراء والملوك العرب في الزمن السالف، حين يقدمون هداياهم وعطاياهم على زائريهم وضيوفهم الأكارم،وحتى لو وجدنا العذر لأمراء وملوك الزمان الغابر باعتبار أن تصرفهم ذاك يجئ ضمن السياق الثقافي والتاريخي الذي كان يحدث فيه قبل بروز الإطار المؤسسي للدولة الحديثة ، فما الذي يبرر لأي مسؤول سيادي كبر أو صغر أن يعلن تبرعه لأي وفود تغشاه أو حشود تستقبله بتلك الطريقة الملوكية الأميرية ، (أمرنا له بمائة ألف درهم وجارية وفرس)، وكأننا في عهد بني أمية ، هل هناك بند في الموازنة غير مال التنمية يستوعب مثل هذه التبرعات، وهب أن هناك بنداً كهذا، فما الضمان أن لا يذهب هذا المال الى غير المشروع المتبرع له ويدخل الجيوب، طالما أنه غير مرصود ويتم الحصول عليه بطريق خاص وغير مؤسسي، ثم لماذا هي تبرعات ما دام أنها من المال العام ولن يدفعها المسؤول من جيبه وماله الخاص. الشاهد هنا أن مثل هذه الممارسات تدخل أيضاً في هذا الباب الذي يدخل منه الفساد.. حيدر المكاشفى