ظل الحديث عن علاقات تربط بين "الخرطوم وتل ابيب" ، من محرمات السياسة السودانية، حتى أن كثير من الساسة " يتحاشون" الحديث حول إمكانية إقامة مثل هذه العلاقات ،باعتبار أن "المزاج " الشعبي العام يرفضها، وهو رفض لا علاقة له بمنطق المصالح… المصالح التي لن تكون بحال خصما على "الدين" ، فالذين اقاموا علاقات باكرة مع إسرائيل لم يصبحوا "كفارا" بل مآذنهم تعانق السماء كما هو حال مصر الشقيقة. حتى الحديث عن أن إسرائيل تحتل أرض عربية وتقتل أبناء الشعب الفلسطيني ، أصبح لا يدغدغ المشاعر ..فأهل فلسطين أنفسهم يقيمون من خلال حكومتهم الشرعية علاقات مع إسرائيل ، ولديهم تنسيق أمني لا تهزه التصريحات الغاضبة التي تصدر أحينا من " رام الله" على استحياء، وكأنها فقط لإرضاء بعض الجهات.. ثم ان العلاقة المفترضة بين السودان وإسرائيل من شأنها ان تخدم القضية الفلسطينية ، من خلال تقريب وجهات النظر كمات تفعل مصر والأردن ودول اخر. حينما سُئلت وزير الخارجية ، أسماء محمد عبد الله عن إمكانية هذه العلاقة .. قالت أن الوقت "غير مناسب" .. بمعنى أن هذه العلاقة يمكن أن تصبح واقعا ..فقط " الوقت غير مناسب" أعتقد أن التصريح يناسب المرحلة .. فالشعب السوداني قدم للقضية الفلسطينية الكثير وأستضاف قادتها بمختلف الوانهم السياسية ، للحد الذي جعل الراحل ياسر عرفات خلال سنوات ماضية لا يمر أسبوع دون أن يهبط في الخرطوم . وإقامة العلاقات مع إسرائيل لن ينزع الدين من القلوب أو يتوارى صوت الاذان، او حتى يضعف الدعم للقضية الفلسطينية المشروعة. عانى الشعب السوداني طويلا ، حتى أصبحت الاحتياجات "المتواضعة" نوع من الترف ..فيما يدفع الشعب فواتير مجانية لمحاصرة مؤلمة ،ووضع أسم السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب.. ونحن "للأسف" لا إرهاب صدرنا ولا لشعبنا وفرنا الحياة الكريمة. العام الان يتعامل بلغة المصالح وليس العنتريات التي لن تقتل ذبابة .. " وأمامكم" دول عربية ثرية تقيم علاقات مع إسرائيل ان كان "سرا او جهرا" .. بينما نحن "نتمشدق" بشعارات " تافهة" ..شعارات لم توفر "محلول الملح" ومريض يلقى ربه في مستشفى الساحة القريبة من مكان محاكمة المخلوع عمر البشير، وطفل اخر يقضي لعدم توفر الاوكسجين.. والبعض يعاني سوء التغذية، في وطن كان يجب أن يكون موفور الكرامة والعيش الرغيد. بالله عليكم أتجهوا للعلاقة مع إسرائيل فهي ليس خصما من الدين ولا على السيادة الوطنية ..علاقة تقوم على الاحترام وتبادل المصالح، مع الإبقاء على دعم القضية الفلسطينية في كل المحافل الدولية ، ولا اعتقد ان هناك حرجا من هذه العلاقة طالما بنيت على مصالح مشتركة ، في ظل إنفتاح واسع على كل الدنيا ..أن الأوان لنخرج جميعا من دائرة التخوين لنقل مرحبا بإسرائيل.