قبل جرس الصباح، وفي الطريق إلى المدرسة يتوقف التلاميذ الصغار لشراء سندوتش الطعمية، كوجبة صباح للبعض والبعض الآخر يدخرها للفطور. وقد أصبحت الطعمية وجبة رئيسية، لرخص سعرها، متنازلين بذلك عن وجبة الفول التي كانت وإلى عهد قريب، قبل أن تصبح الأزمة الاقتصادية خانقة بشكلها الحالي. وربما سهولة حمل سندوتش الطعمية إلى المدارس ومقار العمل دون تعرضها للتلف، أغرت الكثيرين. ولكن الآن، ارتفع سعر السندوتش الواحد منها إلى (25) جنيهًا بدلًا عن خمسة جنيهات، وفي بعض المحلات تُباع بقيمة (35) جنيه، مما أدي إلى إحجام كثير من الفئات ذات الدخل المحدود عن تناول سندوتش الطعمية، فما الحل؟ أصل الطعمية، او الكبكبي الحمص، أو ما يُعرف في العامية السودانية (الكبكبي)، يُصنف من البقوليات، ويرجع أصله إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط. وهو مميز بشكله المستدير ولونه البني الفاتح، ومنه أنواع كثيرة منها: الحمص الأسود، والأخضر والأحمر. ويعتبر الحمص متوفراً طوال العام بالشكل المجفف أو المعلب، ويدخل في عدة مكونات للأطعمة المقلية، ويستخدم مسحونًا أيضًا، لاحتواءه على كثير من المركبات والعناصر الغذائية وله فوئد صحية. ارتفاع أسعار المكونات يقول عمر آدم، صاحب دكان بمنطقة الوحدة الحاج يوسف، إن أسعار سندوتش الطعمية زادت لان المكونات أصبح ثمنها مرتفع، وبالكاد نربح معه، حيث وصل جوال (الكبكبي) إلى (450) جنيه، فيما تبلغ عبوة الزيت زنة (36) رطل إلى (550) جنيه، ضف إلى ذلك ارتفاع سعر البهارات. وتابع: (نحن نحاول توفير وجبة لتلاميذ المدرسة بسعر مناسب، لأننا نقدر ظروف الأسر ولكن السوق يفرض علينا زيادة الأسعار عموما). أسعار نارية كفتريا بشارع المك بالخرطوم، ترفع سعر سندوتش الطعمية إلى (25) جنيه، وأخرى بشارع السيد عبد الرحمن بذات المنطقة، ترفع سعر سندوتش الطعمية إلى (30) جنيه. ووصف عدد من المواطنين زيادة أسعار الأطعمة بصورة عامة ب (المبالغة)، لكونها لا تتماشي مع المصروف اليومي للطلاب وتلاميذ المدارس، خاصة وإن هذه الفئة هي الأكثر إقبالا على الوجبات السريعة. يقول أحمد حسن، طالب، إن تكلفة سعر صحن (البوش) وصل إلى (80) جنيه، على الرغم من بضع قطع من الخبز و(موية) فول. ويضيف، مصروف الطلاب لا يتعدي ال (20) جنيهًا، ويحتوي على وجبة الفطور وتعرفة المواصلات، ويتساءل: (كيف تكفي العشرين جنيهًا لكل ذلك؟ لا أحد يعرف!). وفي جولة سابقة على مدارس منطقة بحري، أشار عدد من المعلمين إلى سوء البيئة المدرسية وعدم توفر بوفيه (كافتريا) خاصة بالتلاميذ بأسعار مناسبة، الأمر الذي حرم كثير من التلاميذ تلقي وجبة الفطور، وقال احد المعلمين إنهم يضطرون إلى تجهيز صحن (فته) للتلاميذ المتعففين، واصفًا الأوضاع بالصعبة. ويؤكد على التلاميذ يعانون من كل النواحي الغذائية والصحية والنفسية بسب الضغوط الاقتصادية وعدم مقدرة الأسر على الصرف. أما آمنة عثمان، ربة منزل فقالت: أنها حاولت توفير وجبة يومية لأبنائها التلاميذ، إلا أنها وجدت أن تكاليف السندوتشات كبيرة مما يؤثر على ميزانية الأسرة. أيضًا حاولت منح كل منهم قيمة السندوتش ولكني صدمت بغلاء سعرها، كما أنها غير صحية. وكان عدد من الناشطين نظموا مبادرات عن إطعام تلاميذ المدارس، إلا أن معظمها توقف بسبب التكاليف، وعدم دعم تلك المبادرات منها من جهات رسمية، من بينها عدة مبادرة لتوفير الكتاب المدرسي . ويقتات بعض التلاميذ في المناطق الطرفية (البلية العدسية) بدلا عن الفول والطعمية وذلك لعجز أسرهم عن توفير (حق السندوتش). الوسوم الأسعار الحكومة المدنية الخبز السودان