من هو الأهم للفنان.. الشعب أم الحكومة؟ سؤال يتم طرحه عقب اجتياح الثورات لأيِّ بلد، بينما تُسلّط الأضواء بكثافة على مواقف الفنانين في تلك الثورة، خُصُوصاً من الجماهير والتي تنتظر انحياز الفنان لها وتقديمه الدعم لخيارها في تلك الثورة، وذلك لاعتبارات عديدة في مُقدِّمتها أن الفنان في الأصل هو صنيعة الشعب وليست الحكومة، وهي قاعدة ربما تم تطبيقها بحذافيرها خلال الثورة السودانية الأخيرة والتي شهدت تقلُّبات مُخيفة في مواقع ومراكز الفنانين بالسودان، فالعديد من الفنانين الذين كان الشعب يهتف باسمهم هوى نجمهم عقب الثورة، وآخرين صعدت أسهمهم بسرعة الصاروخ.. وما بين هذا وذاك تحاول (كوكتيل) اليوم تقليب صفحات كتاب الفنانين والثورة لتقف على كل تفاصيل ذلك الانقلاب المُباغت.... (1) الفنان الشاب أحمد الصادق يعتبر من أبرز الفنانين الذين ارتفعت أسهمهم عنان السماء عقب الثورة، وذلك بسبب المواقف القوية التي سجّلها أحمد منذ اندلاع الاحتجاجات الأولية ما قبل الثورة وإعلانه وبوضوح انحيازه لخيار الشعب، ولم يَكتفِ أحمد بذلك، بل كان من الفنانين الذين سجّلوا حضوراً طاغياً في اعتصام القيادة، وتجوّل بين خيم الثُّوّار وكان موضع احتفاء الجميع بلا منازع. (2) وعلى العكس تماماً، لم يجد حسين الصادق الشقيق الأصغر لأحمد ربع التأييد والترحيب الذي وجده شقيقه عند وصوله لاعتصام القيادة، حيث تعرّض للطرد من بعض الثُّوّار، والذين أكّدوا أنّهم قاموا بتلك الخطوة بسبب تأخُّر حسين في الاعتراف وتأييد الثورة، بالمُقابل شنّ عددٌ كبيرٌ من مُحبي ومُعجبي حسين، هجوماً شرساً على تلك الفئة، مؤكدين أن حسين كان من أوائل الفنانين الذين دعموا الثورة وذلك بإنتاجه لأغنية (قبيلتي حرية) والتي تزامن إطلاقها مع انطلاق الاحتجاجات. (3) الفنانة إنصاف مدني أيضاً تعرّضت للطرد من بعض الثّوّار في مُحيط القيادة، تلك الفيديوهات التي وجدت حظها من الانتشار، فيما أكد بعض المُراقبين آنذاك أن إنصاف تَعرّضت للطرد بسبب ترديدها أغنية للرئيس المخلوع عمر البشير قبيل سنواتٍ، وهو السبب الذي دفع أولئك الثُّوّار لطردها. من جانبها، حرصت (خرطوم ستار) على الحديث مع إنصاف وسؤالها عما حدث، لتُؤكِّد أنها مُندهشة جداً لانتشار فيديوهات طردها من القيادة وغياب فيديوهات غنائها مع الثُّوّار، مُشيرةً إلى أن ما حدث مُؤامرة ضدها، مُضيفةً: (لقد وصلت للقيادة ورددت عدداً من الأغنيات الوطنية مع الثُّوّار، وأثناء تجوالي قابلت بعض الشباب الذين يُحسبون على أصابع اليد الواحدة وهؤلاء هتفوا ضدي، وهذا من حقهم، لكنهم لا يُعبِّرون إطلاقاً عن كل الثُّوّار، والدليل أن من كانوا يغنون معي أكبر بكثير). (4) إذا جاز لنا أن نطلق لقب (فنانة الثُّوّار الأولى)، فستكون وبكل تأكيد نانسي عجاج، التي كانت من أكثر الفنانين انحيازاً للشعب خلال أغنياتها، وحتى بوستاتها الإسفيرية في مواقع التّواصُل الاجتماعي، بينما يبقى استقبالها في القيادة هو الأبرز بين كل الفنانين، إلى جانب هدى عربي والتي أكدت ل(خرطوم ستار) أنّ انحيازها لخيار الشعب هو فرض عين، مُضيفةً أنه لولا الشعب لما نالت أية نجومية، مُختتمةً: (من حق هذا الشعب أن يحلم بكل شئٍ جميلٍ، وواجبنا أن ندعم تلك الأحلام بأصواتنا ومشاعرنا). (5) بالرغم من حُضوره للقيادة العامة، إلا أن الفنان الشاب طه سليمان لا يزال يُعاني الأمرين لتوضيح بعض النقاط الخلافية ما بينه والثُّوّار، وأول تلك النقاط حفل الهند والذي تَعَرّض خلاله الفنان الشاب وفرقته المُوسيقية للضرب من بعض أبناء الجالية هناك، الذين رفضوا أن يغني طه في ظل استشهاد عددٍ من الشباب في الاحتجاجات، بينما تَعرّضت إنصاف فتحي لموقف مُشابهٍ أثناء غنائها بدولة الإمارات، حيث تم انتقادها بقسوةٍ بالرغم من أنها كانت تُغنِّي في حفل تكريم لها وهو ما أوضحته إنصاف عبر صفحتها ب"فيسبوك".