أصبحت العاصمة الخرطوم ، وكأنها قد خرجت للتو من حرب مدمرة ، حتى أصبح لا يوجد شارع في مدن العاصمة الثلاثة "الخرطوم، أم درمان وبحري " صالحا لسير المركبات ..ومما زاد الطين بلة، هطول الامطار بغزارة خلال هذا الخريف الذي لايزال مستمرا رغم ان شهر أكتوبر لم يتبق منه غير أيام وينصرف . نعم تبدو الخرطوم عاصمة مدمرة ، فشوارعها أصبحت حفر تتعدد وتتنوع ، وتتحول الى مصائد للمركبات خاصة عند تجمع المياه ، واللافت أن من بين الشوارع التي غمرتها المياه شوارع لم يمض على تشييدها غير وقت قصير ، فتحولت الى حجارة ورمال وطين .. وهو أمر لا يمكن حدوثه في غير السودان .. صحيح أن الشوارع عهدة قديمة من قبل حكومات الإنقاذ الوطني "المتعاقبة" ولكن مثل هذا الحديث صعب ان يجعل الناس تلزم الصمت .. فالإنقاذ أصبحت في رحم الغيب ورئيسها وقادتها داخل السجون ، وبالتالي لامعنى لحديث لا يفيد الناس. فاذا كانت المليونيات تخرج كثيرا في الخرطوم لتحقيق أهداف مشروعة أختلف الناس او اتفق حولها ، تبقى شوارع العاصمة بحاجة لمليونية تطالب بتسريع إصلاح هذه الشوارع التي انعشت ورش الصيانة وغذت أسواق قطع الغيار، غير الاضرار التي تصيب كثير من الناس لجهة بطء الحركة ن وتحول بعض خطوط المواصلات عن الشوارع والمحطات المعتادة بحجة ان أي من السائقين لا يمكن ان يغامر بمركبته ، ويزج بها الى مكامن الخطر ..ويتزامن مع هذا الواقع القبيح تردي كبير في صحة البيئة حيث ينتشر الذباب نهارا ويتولى البعوض الورديات ليلا، حتى أصبحت الملاريا تنهش في الأجساد المتعبة ، وسط تجاهل تام من قبل الجهات المعنية .. في وقت ينشغل فيه وزير الصحة بإخطار منظمة الصحة العالمية بأن الحمى القلاعية تنتشر بالسودان ليتوقف تبعا لذلك صادر الماشية، وتلك قضية أخرى ، قد نعود اليها !!. يبقى الحديث عن تركة النظام السابق غير قابلة للتسويق.. فالمسألة بحاجة لحلول سريعة ، فلن يسعد الناس بالتوصل الى اتفاق مع الحركات المسلحة وهم يعانون تردي البيئة وتصدع الشوارع وتراكم المياه ، فبقدر ما تبذل الحكومة من جهود لتحقيق سلام شامل في البلاد ، جعل رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الرحمن البرهان ينقذ المفاوضات مع الحركات المسلحة بوقف شامل لإطلاق النار ردا على "زعل" الحلو من حادثة "خور ورل" عليها ان تعمل على اصلاح شوارع العاصمة.. وإصحاح البيئة امرا يرقى لدرجة تحقيق السلام .. وان كان الامر بحاجة لخروج مليونيه حتى تصل الرسالة الى مجلسي السيادة والوزراء فليكن ذلك ..طالما أصبحت لغة التخاطب والمطالب تتم عبر المليونيات الهادرة. مصطفى محكر [email protected] الوسوم