كثير ما يتحدث الناس خاصة في ولاية الخرطوم عن التردي البيئي الواضح في الولاية، وربما يعود ذلك للتوسع الملحوظ في الرقعة الجغرافية، والنمو السكاني سواءً بالهجرة أو الولادة، فالخرطوم العاصمة أصبحت مركزاً لكل شيء، على الرغم من الحديث الكثيف للحكومة حول الفيدرالية، وتقصير الظل الإداري، إلا أن ذلك لم يوقف الهجرة تجاه الخرطوم، فتأثرت بذلك عجلة التنمية في غالبية الولايات، والضغط بكل أشكاله نجده في هذه الولاية.. كل ذلك يجعل مجهودات القائمين عليها لا تظهر، لأن مجهوداتها وامكاناتها توجه للاستهلاك وليس للإنتاج بنسبة كبيرة.. المهم سادتي نعود للحديث عن التردي البيئي وأريفة العاصمة- كما يقول الكثيرون- وأعتقد أن نسبة ليست بالقليلة يمكن أن تصل ل(60%) تعود للمواطن، فهو الذي يقوم ببعض الممارسات التي لا يراعي فيها للبيئة، فهو في كثير من الأحيان لا يراعي قضية النظافة إلا أمام منزله فقط، وهذا ظاهر جداً في وضع النفايات في الشارع في أيام غير التي تأتي فيها «عربة» النفايات، مما يجعل الشكل العام للشوارع والطرقات في وضع حرج.. والغريب أن المواطن هو الذي يرمي الأوساخ، وهو الذي بيده تزهر من شكلها ووجودها،، أما التردي البيئي في الأسواق فهو أيضاً يشترك فيه المواطن، فالتجار والباعة المتجولين ومرتادي السوق يتعاملون بإهمال في التعامل مع مخلفاتهم، ولن ننسى أن نعيب على الحكومة قلة «الحمامات».. وفي الأسواق بصفة خاصة، والأماكن العامة بصفة «عامة».. فهذه الحمامات تعتبر من أسباب حماية البيئة مع مراعاة مجانيتها.. وأما المصانع ومخلفاتها وضررها على عامليها أو من يجاورها فهي قضية يجب أن تبحث.. والحمد لله فإن المجلس الأعلى للبيئة ولاية الخرطوم قد قام بخطوات نعتقد أنها جيدة، لكنها تحتاج للمزيد، فما نزاع المناطق الصناعية وسط الخرطوم، وخاصة وأن بالخرطوم أكثر من الف مصنع تعمل بصورة فعلية، ولها مخلفات يومية، وينتج عنها ما يجعل البيئة أخطر على الإنسان من المواد المسرطنة التي يتناولها، ولابد لنا أن نذكر ورش إصلاح الركشات، التي انتشرت وسط الأحياء و«بعدد» مزعج جداً، وفي كل يوم يقومون بحرق العوادم، والغريب أن هذه الورش تنتشر في المدارس والجامعات، فهي تستأجر أكشاكاً أو دكاكين تتبع لهذه المدارس كنوع من زيادة الدخل لهم، ولابد أن تنظر حكومة الولايات ومجلسها البيئي لهذه القضية بعين الاعتبار، وهناك مخرج اتبعته غالبية دول العالم التي نصفها بالرقي والتقدم والنظافة هي السمة العامة لها، وصلت لذلك بواسطة فرض غرامات- على آقل تصرف يمكن ان يؤدي لخرق البيئة- فقارورة المياه التي يقوم المواطن في السودان بالقائها بكل سهولة في تلك الدول بغرم من يفعل ذلك، ولايقف الأمر عند هذا الحد، بل يصل لأقل من ذلك التصرف.. فلماذا لا نضع قوانين ولوائح تغرم من يقوم بذلك حتى ينضبط السلوك.. فالمواطن الذي يشكو من ضيق معيشته بالتأكيد سيكون حريصاً على عدم الوقوف في أمر يجبره على دفع مبلغ، يمكن أن يطعم به اطفاله.. أما أصحاب المصانع فهم يحبون جمع «القروش» وسيكون الحرص عليها، ولعل هذه الخطوة تحتاج لدراسة ولتنفيذ محكم حتى لا يكون مدخلاً لأهل الهوى، فالقضية تهم الجميع ونتمنى أن يكون 2013م عام البيئة.