في مقابلة مع صحيفة المجهر، نُشرت الحلقة الثانية منها في 29 اكتوبر، تعرض د. امين حسن عمر للجمهوريين.. وضمن ما جاء من أقواله، ما نصه: ( أنا لا أرى نجما ساطعا، ولا حتى مصباحا مضيئا.. بل أرى قوما أخرجوا من كهف النسيان، الى دائرة ضوء، صنعها تمكينهم بوزن يتجاوز وزنهم..).. نقول لد. أمين إنك لا تملك السنج التي تقيس بها الجمهوريين.. بل هنالك شك كبير في أنك تملك أي سنج، وهذا ما يظهر من اقوالك التي نحن بصددها.. إن زعمك أن الجمهوريين (أخرجوا من كهف النسيان، الى دائرة ضوء، صنعها تمكينهم بوزن يتجاوز وزنهم)، زعم قوي الدلالة على انزعاجك الشديد من الجمهوريين، كما أنه قوي الدلالة على عدم موضوعيتك.. زعمك هذا زعم باطل من أساسه، ويقوم على مغالطة فجة.. الجمهوريون لم يشاركوا في الحكم في أي مستوى من المستويات.. وهم لن يشاركوا في أي حكم مرحلي.. فقولك هو محض كذب مكشوف.. فإذا كنت تشير الى وزيرة الشباب والرياضة فهي قد قالت منذ البداية أنها لا تنتمي لأي جماعة.. وإذا كنت تشير الى د. عمر القراي، فهو لم يشغل أي منصب سياسي، وإنما هو منصب إداري _خدمة مدنية.. وقد حكمتم أنتم، منفردين، حكما شموليا، سيطرتم فيه على كل شيء، ولفترة ثلاثين عاماً، فما هي النتيجة؟! هل أقمتم الاسلام الذي زعمتموه؟ هل اقمتم دولة صالحة في أي مستوى من المستويات؟! لا!!.. والله لقد عثتم في الأرض فساداً، وملأتموها ظلما وجورا.. قتلتم الأبرياء بأعداد مهولة، وعذبتم الأبرياء اشنع صور التعذيب.. ونهبتم المال العام، ونشرتم الفساد والرشوة والمحسوبية وكل صور القيم الهابطة.. فمن حقنا يا دكتور ان نسألكم، ما علاقة الاسلام بكل هذا الذي قمتم به؟! الوضع الطبيعي، أنه عندما يُقبض على مجرم متلبسا بجريمته، يكون خجلاً يداري وجهه من الناس.. أما أنتم، رغم بشاعة الجريمة، وثبوتها عليكم بصورة قاطعة، لا زلتم تتحدثون في الأمر العام، دون حرج او حياء.. فأي أنفس هذه؟؟ انك تتصور الآخرين مثلكم، لا هَمَ لهم إلا السلطة والثروة، وبكل سبيل معوج، فمن اجل ذلك انت لا تستطيع فهم الجمهوريين، خلِّ عنك أن تزنهم. كل من عاش في السودان ممن هم في عمرك، يعلم تماما أن الجمهوريين هم أكثر فرقة عملت على نشر دعوتها، عن طريق توزيع الكتب بأنفسهم في جميع مدن وقرى السودان.. واقاموا اركان النقاش في الشوارع وفي الأماكن العامة، وفي الجامعات، وفي المدن والقرى.. واقاموا المحاضرات والمناظرات.. وقاموا بما اسموه حملة الدعوة الخاصة، وفيها وصلوا كل فرد له اسم في مجال من المجالات، في منزله وحملوا له الدعوة.. وأنت تقول: (وأما الجمهوريون فيلزمهم أن يخبروا الناس من هم، وما هي فكرتهم بعد موت المتنبي).. الجمهوريون شرحوا للناس فكرتهم باستفاضة، كما ذكرنا أعلاه.. وإذا استطعت أن تذكر لنا أي جماعة في الأرض، قامت بمثل هذا الصنيع فلتتفضل!! أما عبارة (بعد موت المتنبي)، فهي عبارة تدل على معدن صاحبها.. فالأستاذ محمود لم يمت في فراشه، وإنما تمت محاكمته، ونفذ عليه الحكم، وهذا أمر يعلمه كل سوداني .. ولقد كنتم أنتم وراء مؤامرة الحكم والاغتيال.. وكنتم وقتها سدنة لنميري، وبايعتموه اماما للمسلمين!! وهي بيعة ستلقون الله وهي في اعناقكم.. وقد اقمتم وقتها، قوانين سبتمبر التي اذلت الشعب واهانته، وشوهت الاسلام.. ولم تكتفوا بذلك، وإنما أكملتم صورتكم الشائهة جدا، باستيلائكم على السلطة بانقلاب عسكري، وزعمكم الكاذب انكم تقيمون دين الله. اما دعوة الجمهوريين، إن كنت لا تعرفها، ولا عذر لك في ذلك، فهي الى (طريق محمد صلى الله عليه وسلم)، هذا هو اساس الدعوة، والمنهاج الذي عليه الجمهوريين، ويدعون اليه غيرهم.. ونحن على يقين أنه أكمل منهاج، ولا نجاة للمسلم بغيره.. ومع ذلك، نحن على اتم استعداد، لأن نسمع منك، إن كنت تجد أي منهاج آخر أكمل من طريق محمد صلى الله عليه وسلم، فدلنا عليه.. هذه هي دعوتنا!! فالجمهوري هو من يكون على طريق محمد صلى الله عليه وسلم، عقيدة وعملا.. ولا يشترط ان يكون معنا ، ولا حتى ان نعلم به. دعوتنا، كلها تقوم على اصول القرآن في العمل الفردي وفي تنظيم المجتمع.. مرة أخرى، إن وجدت أي دعوة أكمل من الدعوة لأصول القرآن، فتفضل ودلنا عليها. ثم نحن دعاة البشارة بالمسيح المحمدي الموعود، وهو عندنا الشخص الوحيد المأذون من الله لاقامة الاسلام في الأرض.. ولا شك عندنا أن وقته قد أظل، فقد اكتملت جميع العلامات الظاهرة، ولم يبق إلا الإذن الإلهي.. وهو محتمل الحدوث ، في أي لحظة من اللحظات (ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً).. هذا الثالوث، هو دعوتنا، فأين أنتم منها؟! كنتم تظنون أنه إذا غاب الأستاذ محمود، انتهت الدعوة !! ومن أجل ذلك قمتم بمؤامرتكم الخسيسة.. وما هالكم إلا أن وجدتم أن الدعوة سائرة في طريقها وفي اتساع. اسمع مني يا د. امين، واسمع اخوانك، هذه الدعوة لبعث الاسلام.. وهي منتصرة لا محالة، ولو عارضها اهل الأرض جميعا.. فالله تعالى هو الذي ينصر دينه، وليس لغيره من الأمر شيء.. فالدعوة بشارة بنصر الاسلام.. وهي للناس، كل الناس، وليست لأهل السودان فحسب.. وعلى ذلك هي ليست رهينة بالجمهوريين أو غيرهم.. آمن من آمن، وكفر من كفر. والدعوة حتى في فترة الإنقاذ، ومع نظامها الشمولي ومحاربتها للفكرة، ظلت سائرة، خصوصا في خارج السودان.. فبحمد الله توفرت الوسائل بصورة يستحيل معها خنق الأفكار.. وما قام به الإنقاذيون من تشريد للسودانيين، خدم الفكرة بصورة من الصور.. فقد اصبح هنالك عدد كبير من الأخوان والأخوات، في أرض الشتات، وفي العديد من الدول، يعملون لدعوتهم في مناطقهم.. ولقد خدم الانترنت خدمة جليلة في نشر الدعوة.. فأنت مدعو لزيارة موقع الجمهوريين www.alfikra.org كما ان هنالك العديد من المواقع ظلت تنشر لنا، فجزاهم الله كل خير. يا د. امين هل سمعت بالترجمات التي حدثت لبعض كتب الفكرة.. وهل سمعت بالدراسات التي حدثت حول الفكرة؟ فإذا لم تسمع ، فمن الخير لك أن تسمع.. هل سمعت بما تم مؤخرا من ترجمة لكتاب الرسالة الثانية للغة الفرنسية؟ وهل سمعت بالكتاب الذي صدر مؤخرا، للكاتب العراقي د. جعفر نجم نصر، باسم (الاسلام الكوني والاسلام العربي، محمود محمد طه والحل الصوفي للشريعة)، هذه مجرد نماذج، وهي لأناس لم نلتق بهم، وكان فهمهم للدعوة واضحاً، وهذا بسبب غياب الالتواء الذي عندكم.. فليس من المستبعد أن تأتيكم الفكرة من خارج السودان. في المقابلة المذكورة ، أشاد د. امين، بالمرحوم د. الترابي، فقال: (لا شك أن د. الترابي زعيم استثنائي ، ليس في السودان فحسب، بل هو كذلك على مستوى العالم الاسلامي، فافكاره التجديدية تركت أثرا في التطور الفكري للحركات الاسلامية..).. إنظر إلى تضخيم الذات هذا!! ما هي أفكار د. الترابي التجديدية في الاسلام؟! أليست هي ما طبقتموه علينا لفترة الثلاثين عام؟! هل هذا هو الاسلام؟! د. الترابي هو المسؤول الاول عن كل ما جرى في فترة الانقاذ.. هو مسؤول عن كل من قُتل بغير ذنب أو عُذب بغير ذنب.. وهو مسؤول عن كل الاموال التي نُهبت، وعن كل المفارقات في القيم الدينية، والقيم المدنية السلمية، وكل المفارقات التي ظلت تجري خلال فترة الثلاثين عام من عمر الانقاذ.. وكل واحد منكم يا زعماء نظام الانقاذ، مسؤول أمام الله، وأمام الشعب السوداني، عن كل ما جرى في فتنتكم الرهيبة.. لا أحد منكم، يستطيع ان ينجو من قانون المعاوضة في الحقيقة، وقانون المعاوضة في الشريعة (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)، فمن الخير لكم ان تعكفوا على انفسكم، وتراجعوا مواقفكم، وتتوبوا إلى ربكم، وتستغفروه لعله يقبلكم.. هذا هو الأمر العاجل بالنسبة لكم.. فمن تاب منكم فلنفسه، ومن كابر فلن يضر الله شيئاً (مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ). يقول د. أمين: (ونحن نحكم على القرار إن كان صوابا أو خاطئا ظالما أم عادلاً نافعا أم ضارا..).. متى أصبحتم كذلك؟ فلنسمع منك شخصيا حكمك، ليس فقط على قرار، وإنما على الممارسة العملية لنظام حكمكم.. نحب أن نسمع منك شخصياً يا د. أمين، هل قتلكم الابرياء الذي اعترف به الرئيس السابق، هو دين، أو له أي علاقة بشرع الله؟! وهل كان صواباً ام خاطئاً، ظالماً ام عادلا، نافعا أم ضارا؟! السيد الرئيس اعترف بأنه عمل مفارق للدين، نحن نريد أن نسمع منك أنت. يقول د. أمين: (ونحن مع حكم الشعب كل الشعب، ونريد حكماً للشعب كله، وفق دستور يتوافق عليه الجميع وتشريعات وقوانين تصدرها هيئات منتخبة انتخابات حرة، فذلك هو الحكم المدني..).. نحن نسأل: متى أصبحتم كذلك؟ تجربتنا العملية معكم، ولفترة طويلة، هي عكس ذلك تماماً.. أين ذهب حديثكم الكثير جداً من خلال وسائل الاعلام المختلفة، عن دين الله وشرع الله؟! لم تذكروا لنا أنكم اخطأتم فيما قمتم به من حكم شمولي ظالم.. لم تعتذروا للشعب السوداني، وقبل ذلك لم تعتذروا لرب العالمين، الذي قمتم بجرائمكم باسمه، واسم دينه. لن ننخدع هذه المرة، إن شاء الله.. وسنظل نطاردكم بالأسئلة حول ما فعلتموه فينا، وفي دين الله.. هذا هو الواجب المباشر الذي لن ننصرف عنه بأي حيلة من الحيل.. لن نسمع منكم بعد اليوم، أي حديث نظري عن الدين، أو عن الحكم والسياسة، فقد أخذتم فرصتكم كافية في التطبيق العملي لتصوركم الديني والسياسي.. فمن واجبنا ان نردكم دائماً إلى هذا الذي قمتم به، ولن نمل من مطاردتكم في هذ الصدد. المصدر: المجهر السياسي 16 نوفمبر