ونحن نقترب من الذكرى الأولى لثورة ديسمبر المجيدة شهدت العاصمة الأمريكيةواشنطن أمس الجمعة السادس من ديسمبر لقاء الجالية السودانية برئيس وزراء الثورة حمدوك والوفد المرافق .. ويزور وفد الثورة المنتصرة الولاياتالمتحدة في إطار المحاولات الدؤوبة لإعادة السودان إلى موقعة الطبيعي عضوا عاملا في الأسرة الدولية كما كان قبل العزلة الطويلة التي فرضها علية النظام المباد ... وكانت فرصة سانحة لجالية واشنطن لتلتقي وجها لوجه مع ممثلي الثورة التي طالما ساندوها عن بعد بالتظاهرات والندوات والأهازيج والتبرعات .. إن الذي كابد قسرا سنوات العيش في "الدياسبورا" ومرارة الحرمان في الغربة يعرف جيدا الإحساس بالأمان والأمل الذي بعثته ثورة ديسمبر في النفوس بعد سنوات اليأس والقنوط .. لذلك كان الترحيب بحمدوك والوفد المرافق مفعما بمشاعر الحب والثقة في تأسيس قواعد الحكم الرشيد في سودان السلام والحرية والعدالة .. تحدث حمدوك حديث الواعي بالإرث الثقيل الذي بين يديه من أزمات والجهد المطلوب بذله من الجميع لعلاجها .. والمتابع لأحاديث حمدوك يجده لا يفتر من ترديد إيمانه بالعمل الجماعي للتصدي للمشكلات وهذا لعمري جوهر الفكر الديمقراطي الذي ليس فيه مكان للفرد "القائد الملهم" الذي يمتلك مفاتيح الحل لكل الأزمات .. وبعد أن أوجز إنجازات وتحديات حكومته أكد أن السودان بإرثه الحضاري وموارده البشرية والطبيعية وموقعة الاستراتيجي قادر على التغلب على الأزمة التي يمر بها الان .. وربما الدرس الأكبر المستفاد من مثل هذه الجولات الخارجية أن السودان بعد إصلاح وترميم علاقاته الخارجية قادر على النهوض من جديد باستثمار موارده الداخلية الكامنة التي ما زالت متوفرة ولم تطالها يد الفساد .. إنها في انتظار القيادة الرشيدة التي تمتلك الرؤية الثاقبة للاستفادة منها في بناء المستقبل الواعد .. وبالرغم من ازدحام جدول الزيارة ومحدودية الوقت المحدد للقاعة أجاب رئيس الوزراء على الأسئلة بتلخيص جماعي .. غير أن ما أضاف للقاء بعدا آخر وزخما فوق زخم هو الظهور المفاجئ لأستاذة اللغويات في المعهد الدبلوماسي في واشنطن آمال طلسم "فرقة البلابل"التي أعادت للحضور ذاكرة الزمن الجميل وحسنا فعلت أن إختارت للترحيب بحمدوك أغنية: نور بيتنا وشارع بيتنا يوم ما جيتنا يا الهليت فرحت قلوبنا وهكذا سرت طاقة من الشجن والطرب تفاعل معه الضيوف والحضور وقوفًا .. إنها أغاني فرقة البلابل كما وصفها قلم الأديب الراحل الطيب صالح: "ربما أكثر من أي ظاهرة أخرى, كان غناء البلابل تلك الأيام, يعبر عن روح السودان. عن ثقته في نفسه وتفاؤله في المستقبل, وإقباله على الحياة. ولما انفرط عقدهن, كأنما السودان نفسه فقد حيويته وأخلد إلى الكآبة والركود" ...