بعد إنتصار ثورة ديسمبر المجيدة 2019 إرتفع سقف التوقعات بتحسن الوضع الاقتصادى فى البلاد وذلك عبر و قف الاستنزاف المستمر لخزينة الدولة عبر عصابة الاجرام التى جعلت الدين مطية لتحقيق مآربها الدنيئة فى الاستحواذ على ثروات البلاد فى كل المجالات وعملوا ما عملوا فى الشعب السودانى الطيب من بيع لاصول الدولة وبنياتها التحتية وأخضعوا الاقتصاد لصالح منسوبيها من الافراد و الشركات الخاصة بالتعاون مع بعض الاجانب وهلكوا المواطن التعبان و أرهقوه بالضرائب و الجمارك و الجبايات المختلفة فى شتى المجالات بمسميات ما أنزل الله بها من سلطان ( رسوم انتاح – دعم الطلاب – دعم اتحاد المرأة –رسوم دفاع مدنى دعم الجريح دعم السلام رسوم عبور قبانات رسوم محصول زكاة رسوم تراخيص وهكذا ….الخ)( تدفع بس و ما تتكلم ) كنا نتوقع بعد زوال هذا الكابوس ووقف الصرف البذخى على القصر الجمهورى و المؤتمر الوطنى و المجلس الوطنى و المجالس التشريعية و الولائية و وزراء الدولة و المستشارين و وزراء الولايات بالاضافة الى وقف الحرب فى جميع ولايات السودان أن يتحسن الوضع ولو قليلا مما يتيح للسيد/ وزيرمالية الثورة فى إصدار قرارات تصب فى صالح 43 مليون سودانى كتخفيض للجمارك و الضرائب ومنع تجنيب اموال الدولة فى البنوك التجارية الخاصة فأموال الدولة و الحسابات الحكومية من المفترض ان يحفظها البنك المركزى وولاية وزارة المالية على الاموال العامة !!! كان سقف التوقعات و التفاؤل كبيرا فى تحسن الوضع الاقتصادى والسيطرة على صادرات السلع الاستراتيجية القومية مثل القطن و الصمغ و الذهب والحبوب الزيتية او كما كان يحدث فى منتصف الستينات و حتى منصف السبيعينات عندما كان القطن و الصمغ و الحبوب الزيتية محتكرة لصادرات الدولة القومية الاستراتيجية عبر شركات المساهمة العامة فى ذلك الوقت كانت الدولة تسيطرة سيطرة تامة على سعر صرف الجنيه السوانى ويتراوح ما بين 4 – 3.70دولار امريكى (نعم الجنيه السودانى حتى العام 1977 كان يعادل 3.70دولار) لذلك كانت الحكومات تستطيع ان تصرف على التعليم المجانى وداخليات الطلاب و العلاج المجانى وكانت الناس تعيش حياة طيبة وفرص العمل تتوفر للجميع لذلك سمى الزمن الجميل !!!! (كان تعريف الجنيه السودانى فى العام 1957 بأنه عقد بين لجنة العملة السودانية وبقية العالم يحوز بموجبه الجنيه السودانى على قوة شرائية تقدر قيمتها ب 2.55187جراما من الذهب الصافى وهذا التعريف هو الذى يحدد كمية السلع و الخدمات التى يمكن أن يشتريها فى اسواق العالم كلها (من نشرة لوزارة المالية ) ( المصدر جريدة الرأى العام 4 ابريل 1957) أما تعريف الجنيه السودانى اليوم فهو فقير مدقع حيث نجد تعريف الجنيه السودانى فى قانون بنك السودان لايزيد عن هذه العبارة ( الجنيه السودانى هو عملة الدولة الرسمية ) و الدولة الرسمية نفسها لا تحب الجنيه السودانى فإنها تعشق الدولار بدليل إنها تسمح لكثير من مؤسساتها الرسمية و الخاصة و التى تعمل فى حدود السودان الجغرافية بالتعامل واستلام الدولار وخير مثال على ذلك الجامعات السودانية التى تتاجر فى العملات !!!! يبدو إن السيد وزير مالية الثورة الدكتور ابراهيم البدوى وعبد الرحيم بن حمدى الذى وصفه بعض الكتاب بأنه يفكر وفق نهج براغماتى محض . و البرغماتية: (فلسفة أمريكية المنشأة تعرف أيضا بأسم الواقعية النفعية ) والدكتور حسن بن احمد بن طه و على بن محمود و بدر الدين بن محمود و الركابى إبن مين !!! كلهم تخرجوا من نفس المدرسة الاقتصادية الامبريالية الرأسمالية التى همها الاول ثراء الشركات الخاصة و الافراد وعقولهم جباية الشعوب و البحث عن القروض وهم متخصصون فى وصفات صندوق النقد الدولى و أبعاد الدولة عن قطاع الاقتصاد و الاعتماد على القروض ودوران الدولة فى منظومة الاقتصاد الراسمالى العالمى الذى يدور فى فلك الشركة الامريكية التى وصفها الدكتور جون بيركنز فى كتابه الاغتيال الاقتصادى للامم (Corporate America)(الكربورقراطية) ويطلق مجازا تعبير على المنظمة المشتركة للشركات الامريكية الكبرى و التى تشكل عصب إقتصاد الولاياتالمتحدةالامريكية )!!! تخرج الدكتور حسن بن احمد بن طه فى جامعة الخرطوم فى العام 1972 و التحق بوزراة التخطيط الاقتصادى والتعليم العالي وحضًر ماجستير ودكتوراة فى الولاياتالمتحدةالامريكية وبعد عودته من الولاياتالامريكية عمل نائب لمدير التعليم العام وكان وكيلا لجامعة امدرمان الاسلامية وفى بداية الانقاذ كان من المشاركين فى وضع برنامج الانقاذ الاقتصادى وعمل اول أمين عام للتصرف فى مرافق القطاع العام ووزير دولة بالمالية وقد تقلد منصب مدير تنفيذى بالبنك الدولى (المصدر صحيفة الانتباهة السودانية 22/8/2013) أضف الى ذلك لقد كان رئيسا للقطاع الاقتصادى بالمؤتمر الوطنى !! خماسى الرعب هؤلاء دكتور/عبد الرحيم بن حمدى و الدكتور /حسن بن احمد بن طه و الدكتور على بن محمود و الاستاذ بدرالدين بن محمود و الدكتور / ابراهيم البدوى والذى إكتمل بحضوره النصاب الخماسى يبدوا انهم درسوا فى كتاب واحد لو إستمعت الى اقوالهم فى الحقب المختلفة لتقلدهم المناصب تجدهم يؤمنون بالقروض و رفع الدعم وزيادة الضرائب و الجمارك وترك الاقتصاد لسيطرة القطاع الخاص و خاصة قطاع الصادرات و تحميل المواطن مسئولية الميزانية ويضربون الامثال في محاكاة الشعوب فى هيكلة إقتصادياتها:(( واحد يقول ليك فى أمريكا الصادرات يقوم بها القطاع الخاص واحد يحكى لك عن اثيوبيا قامت بأخذ قرض من صندوق النقد الدولى وكلهم يتفقوا فى مفاهيمهم برفع الدعم وعبد الرحيم حمدى يقول ليك فى تسجيل ساذج جاهل سخيف يستخف فيه بعقول الناس سبق وا ن زرعنا فى مشروع الجزيرة 950الف فدان قمحا بدلا عن القطن كما فعلت ماليزيا و قد نجحنا فى ذلك كثيرا علما بأن سعر القطن فى الاسواق العالمية 2080دولار و يسمى الذهب الابيض و الطن من القمح 200دولار فأيهما تزرع ايها القارئ الحصيف ؟!!! أذا إستمعت الى خطاب السيد/ وزير مالية الثورة امام اصدقاء السودان من المانحين نفس الملامح و الشبه مما يدل على أننا ما زلنا امام أحمد و حاج أحمد لقد ذكر ما ذكره حسن بن احمد بن طه فى العام 2016م بأن التحصيل الضريبى فى السودان يمثل 6% من الناتج القومى الاجمالى ومن المفترض أن يكون 15% حسب المعيار العالمى وهم جميعا لا يعلمون بأن الضرائب هى التضخم هى قرارات سياسية وليست نظرية فى علم الاقتصاد هى أعباء على كتف المواطن هى من معوقات الدورة الانتاجية لرأس المال هى إضعاف للقوى الشرائية للجنيه السودانى مقابل إرتفاع العملات الصعبة بسبب تخفيض القوى الشرائية للجنيه السودانى هى وصفة من وصفات صندوق النقد الدولى لتدمير إقتصاديات دول العالم الثالث و إستعمارها بطريقة علمية حديثة لنهب مواردها و إستغلال إمكانياتها لصالح شعوبهم ( الدكتور جون بيركنز كتاب الاغتيال الاقتصادى للامم ).!!! وزراء الماليه السابقون فشلوا فشلا زريعا فى السيطرة على اقتصاد السودان الدولة الغنية تماما من حيث الانتاج الذى يذهب فى جيوب الافراد عن طريق صادرات السلع السودانية الوفيرة والان جاء دور فشل وزير مالية الثورة وهو يسير على نفس الخطوات المرسومة من البنك الدولى و صندوق النقد منذ عشرات السنين !!!! حقيقة و اتمنى أن أكون مخطئا لم تعجبن سياسة الدكتور / ابراهيم البدوى رغم علمه الغزير وخبرته الطويلة وهو من خلال حديثه تراوده نفسه لرفع الدعم وزيادة الضرائب و الجمارك و تحميل المواطن أعباء إضافية ويحاول تلطيف الجو وخدعة المواطن بزيادة المرتبات بنسبة 100% .ماذا تعنى زيادة المرتبات لعدد 3,5مليون (ثلاثة ملايين و خمسمائة الف شخص يمثلون جميع العاملين فى كل مرافق الدولة ) وهم يمثلون 8% من حجم سكان السودان البالغ 43 مليون نسمة وهو لا يفكر و لا يعلم زيادة المرتبات تعنى زيادة جميع السلع و سوف يحاول كل العاملين فى السوق زيادة اسعار السلع وركوب الموجة وتلف الساقية و تدور فى نفس الحلقة الفارغة وهى فلسفة ( العطاء باليمن و الاخذ منكم بالشمال بطرق غير مباشر)!!! أضف الى ذلك لقد بشرنا الدكتور بأن هناك فلسفة جديده تسمى رفع الدعم السلعى و الاستعاضة عنه بفلسفة الدعم النقدى للفقراء و المساكين حتى لا يستفيد الاثرياء من الدعم السلعى!!! وقد طبقت هذه الفلسفة المملكة العربية السعودية و نجحت فى ذلك !!!!وهذا فى تقديرى كلام غير مقبول ونظرية فاشلة منذ بدايتها و سوف تثبت الايام صدق حديثى لاختلافات عده !!! ابرزها اختلاف و اختلاف المكان و اختلاف الامكانيات وهو من اساليب المحاكاة و التقليد الاعمى و الذى لا يقبله علم الاقتصاد حيث ذكر علماء الاقتصاد(ليس هتاك قوانين اقتصادية تصلح مع كل الدول ) فعلم الاقتصاد هو علم إجتماع هو فن التعامل فى تحقيق اهداف كبيرة من خلال الموارد القليلة هو فن الابتكار و التجديد و العقل و التميز بين ماهو معقول و الغير معقول او ما هو متاح و غير متاح هو علم للانسان الخلاق الذي يعمل على تحقيق و إشباع حاجيات كل الناس المعاشية و الخدمية بكل انواعها ولا يتوافق مع محاكاة الشعوب فى اساليب وهيكلة إقتصادياتها فالذى يتوافق و ينفع الناس فى امريكا او السعودية ليس بالضرورة ان يكون متوافقا و نافعا فى الاقتصاد السودانى !!! أخشى !! ما أخشى!! ان تضيع الثورة السلمية العظيمة و التى ضحى من اجلها شباب فى ريعان الصبا الباكر ومهروها بالدماء و الارواح حتى كللت بالنجاح و قد اشادوا بها كل احرار العالم من المثقفين و القادة و الشعوب و منهم من اوصى بتدريسها فى الجامعات كعلم من العلوم الحديثة !!!! خوفى الكبير ان تضيع الثورة السودانية عبر بوابة الاقتصاد وتخرج من بين اصابع النخب و العلماء التكنوقراط و الذين لا يعلمون حتى الان بأن مشكلة السودان الرئيسية الاولى هى مشكلة سعر صرف الجنيه السودانى مقابل العملات الاجنبية وبدون أستقرار لسعر الصرف سوف لن تقوم للاقتصاد السودانى قائمة !!!!