المقبرة الجماعية هي تلخيص لحقب الوطن الطويلة وسنن الإفلات من القانون والعدالة.. القتل بدم بارد وطمر الضحايا في حفرة واحدة لا يقوم به الإ من فاض بالحقد قلبه وتمرس على فعل القتل، وتأكد من غياب القانون، أو عرف أنه في مأمن منه لتوفر الحماية. كم من القبور نثرت على أرض الوطن؟ هذه ثالث مقبرة جماعية تكتشف في الخرطوم، كانت الأولى لشهداء انقلاب 28 رمضان، وتم العثور بقربها على مقبرة جماعية ثانية، فكم من مقبرة جماعية بدارفور دار حرب الحزب الضرار وحكومته الفاشية وحدها، وكم من قتيل ألقي في العراء ونهشت جثته الضباع في اصقاع السودان المختلفة..؟! حينما أندلعت الحرب في جنوب كردفان بعد الانتخابات في العام (2011)، التي كان أبرز من تنافسوا فيها حزبي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية (أحمد هارون وعبد العزيز الحلو)، هاجمت قوات الحكومة وقتذاك المحتمين بمبنى الأممالمتحدة، وكان من بينهم بعض اعضاء الحركة الشعبية، ونفذت مجازر بحقهم، وكان من بينهم القائد أحمد بحر، الذي مثلوا بجثته والقيت الجثث في الخيران والشوارع. هذه المقبرة الجماعية إن صح انها لمفقودي اعتصام القيادة تشير بوضوح لقتلتها.. وهي تنبئ عن المجرمين الطلقاء الذين مارسوا القتل لسنوات طويلة، ويتخفون بين الناس ويعيشون حياتهم كما لم يفعلوا شيئا. حينما قال مهندس بيوت الأشباح والمحبوس على ذمة التحقيق علي عثمان محمد طه، لدينا كتائب ظل تعلمونها جيدا، انما كان يشير لتاريخ طويل من القتل والتعذيب والانتهاكات والإفلات من العقاب، وكان يمارس الترهيب للشعب، وهو الذي قال يوما علنا وعلى رؤوس الأشهاد بعد انفصال الجنوب "Shoot to kill" وهذا هو تلخيص حقبته الإجرامية التي كان عرابها، وهولاء المجرمين الطلقاء هم ابناء هذه المدرسة الدموية. ستظل قضية فض اعتصام القيادة حاضرة بهذا الدم المنثور، وبهذه الجثث المطمورة في القبور الجماعية، ولن ينجو من قاموا بها طال الزمان أم قصر، والواجب الذي لا فكاك منه هو اقتياد المجرمين لساحات المحاكم. هولاء هم شهداء الثورة السودانية وشهودها وهم من شاهدوا وشهدوا وحفظوا وجوه القتلة، وبفضل الدم وحده سقط البشير وعهده، وهذا هو الثمن الغالي الذي دفع لقاء كراسي الحكم، ومن أجل التغيير، فالمجد والخلود لهم. ……. الدم قصاد الدم لو حتى سلمية