كأن الشعب السوداني قد تفاجأ بتشكيل مجلس شركاء الحكم، تناولت الوسائط الخبر وتحدثوا عن تمكين العسكر، وتحكم حميدتي اخوان، ودخول حزب الامة الذي غادر الحرية والتغيير، واحتجاج البعض علي ضعف تمثيل النساء. كان رد فعل الاغلبية بما فيهم حمدوك في شكل ملاحظات في كيفية تكوين المجلس ودوره وليس ضرورة المجلس والهدف من وجوده. المشهد السوداني يحركه مخرجون من خلف الكواليس باقتدار مستغلين ضعف حمدوك وحكومته وغياب قوي الحرية والتغيير وتمايز الصفوف كما قال حميدتي، وانحسارها علي قوي الهبوط الناعم. كان اكثر المتشائمين يتحدث عن انقلاب عسكري يتبناه محور الخليج ومصر لتكرار نموذج السيسي في مصر، وغاب عليهم ان الانقلاب ليس هدفا في حد ذاته بل وسيلة لتحقيق غايات المحور، وتم اخراج التحكم في السودان بمشهد يتلاءم وطبيعة المرحلة ومعرفة بمزاج الشعب السوداني وامكانيات قواته المسلحة ورفض الشارع السوداني لدور العسكر خاصة بعد مجزرة القيادة العامة. اول الاشواط في ادارة المشهد كان تعطيل تنفيذ الوثيقة الدستورية وارجاء تتفيذ اهم بند في بناء مؤسسات الحكم وهو المجلس التشريعي، وتأليب الحركات علي الاصرار علي رفض قيامه. ثم تعطيل تكوين المحكمة الدستورية، حتي يكون الانقضاض علي الوثيقة الدستورية المتهاكلة سهلا، فكان ان اصبحت الوثيقة نهبا لطموحات ضعاف النفوس و مدخلا لتنفيذ الانقلاب علي الثورة بسلاسة، فلا تمر اية حادثة الا ويستدعي العسكر حمدوك و وزرائه ويعدلون في الدستور كيفما شاءوا ومثلما يريدون، مستغلين سلطة استثنائية تمنح المجلسين القيام بدور المجلس التشريعي لحين قيامه المحدد باجل واضح في الوثيقة، الا انهم خرقوا الدستور المرة الاولي بعدم الالتزام بالاجل واستغلوا الصمت والقبول للتمادي في تعديله والتعديل حق للاصيل ( المجلس التشريعي) لا يمكن للوكيل( مجلسي الوزراء والسيادة) القيام به. والآن تسارع العسكر والحركات المسلحة بانشاء ما اسموه بمجلس شركاء الحكم وادرجوه في الوثيقة المغلوب علي امرها، مستبقين بذلك تكوين المجلس التشريعي في عملية اقل ما يقال عنها امساك بالخيوط في يد العسكر واظهار حميدتي وجنجويده بمظهر القوة المسيطرة باختيار شقيقه كممثل اضافي للعسكر. اي هوان هذا الذي يشهده الوطن؟ واي انبطاح اوصلنا اليه السيد حمدوك؟ حمدوك يرتكب الاخطاء تلو الاخطاء ويساعد كل صباح في اغراق سفينة الثورة، وليته وقف يتفرج بل يمنح من يدفعونها للامواج مجاديف تعينهم علي تحقيق تلك المهمة. وافق علي قيام هذا المجلس الغريب و وافق علي تضمينه في الدستور، ثم اصبح يتزاوغ ويتحدث عن عدم تمثيل المرأة و انه يريد ان يصبح رئيسا مناوبا، هب انك اصبحت رئيسا! ماذا انت فاعل؟. رئيس وزراء ثورة لا يعرف زيارة وفد اسرائيلي للسودان واجتماعه في منظومة الدفاعات العسكرية وعودته غير جدير بحكم السودان. السؤال الاخير: من الرقيب علي هذه التجاوزات في ظل غياب المحكمة الدستورية المتعمد؟ محمود سراج [email protected]