الموانئ البحرية و البرية و الجوية فى كل دولة من دول العالم تعتبر من الركائز الاساسية للأمن القومي الشامل، الامن العسكري والاقتصادي والاستخباراتي و الجيوسياسي. و تعتبر الموانئ البحرية من ركائز الامن القومى الشامل التى لا يمكن تعويضها او الاستعاضة عنها بغيرها Indispensible and Irreplaceable Cornerstone Assets . ولذلك تعتبر من الاصول التي لا يمكن التفريط فيها او ايجاد بدائل لها تحت اية ذريعة كانت. وظلت الهيئة العامة للموانئ البحرية لسنوات طويلة هي الداعم الاول للخزينة العامة مع الهيئة العامة للطيران المدني وشركة السكر السودانية. الموانئ البحرية سواء اكانت سواكن او عيذاب او بورتسودان او عثمان دقنة وغيرها هي من مكونات الدولة السودانية الاستراتيجية و التي تشكل مصدر قوة و منعة ورافعة في علاقات السودان الاقتصادية والسياسية والامنية والعسكرية مع جيرانه وغيرهم. الموانئ البحرية مصدر اساسي للدخل خاصة بالعملات الحرة. ومن اهم ميزات الساحل السوداني و الذي يقارب طوله سبعمائة وخمسين كيلومترا يمكن ان يتم تجهيز ما لا يقل عن عشرة موانئ عليه. وهنالك ميزة ضخمة جدا وهي ان السودان تحده عدة دول غير مشاطئة للبحر وهذه تعتبر ميزة استراتيجية لا تتمتع بها عدة دول بنفس القدر. نعم هنالك نقص في بعض آليات التحميل و التفريغ في الموانئ و لكن هذه ليست معضلة كبيرة والتي يمكن الحصول عليها فوريا بواسطة هيئة الموانئ البحرية او من يعملون في ايجار تلك الاليات من رجال الاعمال في بورتسودان وغيرها. والميناء اساسا مكان للتحميل و التفريغ والتخزين والنقل الفوري مثل ما كان يتم سابقا عن طريق القوة العضلية " العتالة" وحاليا عن طريق الآليات الرافعة وليس اكثر من ذلك خاصة مع توسع الاتجاه للنقل بالحاويات. المطلوب فقط هو تطوير الادارة وتحديثها حتى تواكب مستجدات العصر من أنظمة اتصال ومعلوماتية واتفاقيات التجارة الدولية المختلفة ومع حسن الادارة والتدبير فيمكن برمجة وصول المعلومات المتكاملة فوريا لكل شحنات البضائع الواردة و الصادرة و تجهيز ما هو مطلوب للانزال و الرفع و الشحن و الارسال و تجهيز وصول كل ذلك عن طريق انظمة ...JUST IN TIME(JIT) بمعنى التنسيق والترابط الكامل للعمليات بحيث تكون فترات الانتظار صفرية. و قد افترعت هذا الشركات اليابانية خاصة التويوتا و قد عملت مع شركة جياد لتطبيق هذا فى فترة من الفترات و هي تخفيض التخزين و ما يليه من عمليات الى الحد الادنى بحيث تصل المواد المطلوبة و تنقل فورا لخط الانتاج او الشحن و التفريغ باتباع نظام تخزين صفرى. و معلوم ان هنالك اتفاقية سارية ضمن انظمة اتفاقية التجارة الدولية…و التي ظللنا نقوم بتدريسها لعقدين من الزمان…و من اتفاقية الفحص قبل الشحن و التحميل Reshipment Inspection Agreement وهذه تتم بواسطة مؤسسات معترف بها دوليا.و ترسل تلك الوثائق مقدماو يتم اجاراء و تجهيز المعاملات الجمركية و غيرها فوريا و بكل سهولة و يسر فى اطار الانظمة المحوسبة المتاحة حاليا فى هيئة الموانئ و الجمارك و القطاع المصرفى و انظمة المقاصة المالية الفورية و انظمة النقل و التخزين و غيرها. نقل الصادرات السودانية مصنعة و مجهزة او خام الى الموانئ المصرية او غيرها هو كارثة اقتصادية شاملة و هو اختراق شامل ومدمر للامن القومي السوداني. اصلاح و تطوير و تحديث الموانئ أمر سهل ميسور مقدور عليه فقط يحتاج لارادة سياسية وطنية و ادارة راشدة حديثة و المال اقل عنصر فيه، وقد كنت لصيقا بهذا عند اختياري نائبا لرئيس لجنة الموانئ قبل استقالتي منها حين شعرت ان فى الامر "إن" او كما يقولون، و قد قامت دولة جيبوتي باستعادة كافة الموانئ التي قامت بتأجيرها للاجنبي وهي الآن تديرها بكل كفاءة. وقارن بين جيبوتي والسودان.. و لنا عودة إن شاء الله.. عثمان البدرى مدرس تحليل السياسات العامة.جامعة الخرطوم