كثيرة هي الرقصات الشعبية التي تتنوع بجنوب كردفان مثل الكمبلا، النقارة، الدرملي، نقارة الهوسا، إلا أن رقصة الكرنق عند القبائل النوبية هي الأولى بين الرقصات الشعبية والأكثر انتشارا بجبال النوبة. تمثل الكرنق تاريخاً ضارباً في التراث والثقافة السودانية ونوعاً من العادات والتقاليد التي تمارسها الشعوب النوبية. وترقص في الساحات والميادين وداخل الأحياء والطرقات في المناسبات الاجتماعية والاحتفالات العامة والخاصة كتقيلد ثقافي مولع به الجميع بشتى أعمارهم، ويتفنن البعض في ابتداع رقص مبتكر يتماشى مع ضربات الطبل والإيقاعات بتمايل يتسق مع الجرس الموسيقي. وتشتهر الرقصة وتمارس بكثافة في أعياد الحصاد السنوية والأسبار في معظم الجبال والأعراس والختان والنفاير وخاصة في المساء والليالي القمرية كتقليد يمارس عقب مواسم الزراعة الطويلة، وتختلف طريقة الأداء وتتصاعد سرعةً وبطئاً من مجموعة إلى أخرى. الباحث في التراث والمعلم بالمرحلة الثانوية الأستاذ الطيب ديجو يقول ل(الصيحة): رقصة الكرنق الأصل في النطق (الكرنل) ومقتبسة من تمايل الأغصان عندما تهب الريح عليها، وترقصها قبائل الأجانق ونبعت من قبيلة الكدرو بالجبال الستة، والآن صارت تمارسها كافة القبائل النوبية و اختلفت من حيث الأداء واختلفت التسميات من قبيلة إلى أخرى. ويضيف" تنقسم الكرنق إلى أنواع منها ضرب النقارة والإيقاعات المصاحبة والغناء بدون صفقة، وهذا هو الأساس في الكرنق وتمارس في المناسبات الكبيرة، والنوع الثاني صفقة الايادي وغناء بدون إيقاع، وهذه عند غناء البنات. والنوع الأخير (كتو كتوك)، أو (كشو كشوك)، وهذه تمارس في الخريف وهي غناء حماسي مع صفقة قصيرة وأغانٍ لتمجيد المزارع ولا تستغرق وقتاً طويلاً وتمارس في المناسبات الزراعية والنفاير . ويكشف ديجو عن الآلات الموسيقية التي تستخدم في الكرنب التي تصدر أصواتاً تتماشى مع حالة الرقص مثل (نقارة الكرنك)، وهي عبارة عن جذع شجرة خاوي الجوف يغطى بجلد البقر ويفضل جلد الحمار إن وجد، ولها جانبان، جانب دائري كبير ويسمى (الأم وجانب دائري صغير ويسمى (الابن). وآلة من الحديد عبارة عن صفيح يطرق لوزن ضربات الكرنق ويسمى (كُتي) بضم الكاف. وللكرنق أزياء مستخدمة والزينة. يقول ديجو: (تلبس المرأة أم كتيفة وهو ربط الثوب السوداني بالميل من أعلى لأسفل على طول الجسم، وتتزين بالمشاط أو بعدد من المشطات منها (أقروبي، ديبات، قندول)، وتزين شعرها بالودع الأبيض المحبوك بخيط الحرير الأحمر. أما الرجال فيميلون إلى الزي الحربي عبارة عن عراقي وسروال طويل مع الطاقية. والشباب بالزي العادي أحياناً البنطلون والقميص. وتؤدى رقصة الكرنق بطريقة الأداء، حيث تقف المرأة معتدلة القامة تنظر إلى الأمام ويداها في الجنب مع تحريكها في شكل تموجات تتسق مع حركة الجسد من أعلى إلى أسفل مع ضرب الرجل اليمنى على الأرض والتقدم إلى الأمام، أما الرجل فيقف معتدل القامة يحمل عصا ويمد يده إلى الأمام مع ضرب الأرجل والتحرك إلى الأمام والخلف بخفة ورشاقة. ويردف ديجو: والكرنك تسمى رقصة الانسجام، لانسجام حركات الجسد مع ضرب الرجل على الأرض مع الإيقاع والغناء. رقصة تميزت بها القبائل النوبية وخاصة قبائل الأجانق، إلا أن معظم القبائل الأخرى تؤديها بسرعات متفاوتة، وأصبحت الكرنق الرقصة الأولى بجبال النوبة، وتكاد تكون عالمية بتفردها وطريقة أدائها. الصيحة