إعتمد مجلس الوزراء موازنة العام الحالي بعد ترقب وطول إنتظار لجهة انها موازنة تأتي لأول مرة عقب رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية وإتفاق السلام، وخصصت الموازنة بحسب وزيرة المالية هبة محمد علي مبالغ مقدرة لمعاش الناس والحماية الاجتماعية بمبلغ قدره (260) مليار جنيه بنسبة (24)٪ من تقديرات الموازنة شملت الدعم النقدي للأسر السودانية وبرنامج إعادة تأهيل قطاع المواصلات القومية وبرنامج سلعتي وبرنامج توظيف الشباب ومواصلة الدعم للقمح والدواء وغاز الطبخ والكهرباء. وأبانت أن النسبة المخصصة للصرف على التعليم والتى تقدر ب(137) مليار جنيه بنسبة 12,5٪ بزيادة بلغت (170٪) مقارنة بموزانة العام الماضي 2020م فاقت لأول مرة في التاريخ ميزانية الدفاع ، فضلاً عن الصرف على الوجبة المدرسية وبرامج محو الأمية وتعليم الكبار وتدريب المعلمين وتطوير المناهج وتأهيل المدارس الفنية . ويصف الخبير الاقتصادي د. عادل عبدالمنعم ان موازنة العام الحالي من أفضل الموازنات التي مرت خلال (6) سنوات ماضية، وقال أنها تشابه موازنه (2016م)، منوها إلى أنها تأتي في ظل رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وتطبيق بصورة كبيرة سياسات صندوق النقد الدولي برفع الدعم عن الوقود الذي كان يشكل 60٪ من الدعم، ورفع الدعم الجزئي عن الكهرباء، وأوضح أن تنفيذ هذه السياسات تتيح للسودان ان يحصل علي قروض من البنك الدولي في حدود مليار ومائة مليون دولار وبالتالي تغطية جزء كبير من فاتورة القمح المستورد ، وتوقع أن تحقق فائضا كبير، خاصة في حال تم رفع او تحرير سعر الدولار الجمركي. وأكد في حديثه ل(الراكوبة) أن سعر الدولار الجمركي عنصر أساسي في زيادة الإيرادات الجمركية والضريبية،مشيرا إلى أن أن التقيم حاليا يتم وفق سعر منخفض جدا بواقع( 15) جنيه للدولار الجمركي، مقارنه مع سعره بالسوق الموازي ب(270)جنيه، مما أدى إلى إنخفاض الإيرادات الضريبية، لافتا إلى أن أن إيرادات الضرائب والجمارك في موازنة 2021م قدرت ب 300 مليون دولار ، وشدد على ضرورة تحريك سعر الدولار الجمركي الي 55 جنيه والى 120 جنيه في النصف القادم، ليساعد في زيادة الإيرادات الجمركية والضريبية بصورة كبيرة، جازما بأن زيادة القيمة المضافة للإتصالات من من 35٪ إلى 40٪ تساعد في زيادة الإيرادات بصورة كبيرة يمكن ان تغطي ميزانية الصحة في الموازنة في حال تم وضع الضوابط لتنفيذها، بيد أنه عاد وإتهم شركات الإتصالات بعدم الإلتزام بتطبيق هذه الضريبة منذ العام 2011م، واعتبر ذلك بالمخالفة القانونية الكبيرة جدا، واضاف اذا تم انفاذ القانون تضع رؤساء مجالس إدارات الشركات ومديري الادارات حسب المادة 43 من قانون القيمة المضافة مواجهة السجن والغرامة، مبينا أن شركات الإتصالات تقوم بأخذ ضريبة على الاشتراك في الخدمة خلافا للسعر الجاري، واصفا ذلك بالتحايل والإلتفاف ليتمكنوا من سحب الأرصدة من المستهلك بالطريقة التي تحلو لهم. ووصف عبدالمنعم الموازنة بالجيدة بحجم 938 مليار جنيه بزيادة 85٪ عن موازنة العام الماضي، إضافة لإحتوائها علي مؤشرات جيدة من موارد كبيرة تأتي من الخارج في حدود4 مليار دولار، تتحول لإرادات دائمة، لافتا إلى رفع التجنيب عن الإصلاحات الضريبية المصاحبة لموازنه العام الماضي بزيادة ضريبة أرباح الأعمال من 15٪ إلى 30٪ ،وإخضاع القطاع الزراعي لاول مرة منذ 2001م. وتوقع أن يشهد التعليم عودة الحياة للمدارس الحكومية عقب زيادة ميزانية القطاع لاول مرة تفوق ميزانية الدفاع، إضافة لوقف إستغلال أصحاب المدارس الخاصة، وتابع"لاول مرة سوف يسير التعليم الحكومي في الطريق الصحيح المدعوم"، واضاف ان هنالك فاقد تربوي كبير حدث خلال السنوات الماضية، فالتعليم الحكومي يحتاج لإصلاح كبير،وذكر أن الموازنة إلتزمت في الفصل الأول بالأجور، وتوقع ان يخفض سعر الدولار، لجهة ان اسعار الظل له في السوق الموازي في ظل المهددات الاقتصادية، وقال ان السعر الحقيقي له يتراوح ما بين 180 إلى 200 جنيه، لافتا إلى أن سياسات الموازنة بدات منذ رفع الدعم عن المحروقات نهاية أكتوبر الماضي.وشدد على ضرورة ترشيد الاستيراد وخفض فاتورته بنسبة 30٪. ويخالفه الرأي القيادي بالحزب الشيوعي والمحلل الإقتصادي كمال كرار بان الموازنه تنذر بعواقب وخيمة، وقال أن تصريحات التي صدرت من وزيرة المالية لا تعبر عن الارقام الموجودة بالموازنة بنسبة 100٪،وتساءل عن المقصود من ورائها. ويري في حديثه ل(الراكوبة) أنها في الإتجاه العام يغلب عليها الإنفاق العسكري والدفاعي أكثر من أي إتفاق اخر، واعتبر الموازنة إستنساخ لسياسات النظام البائد، وأنتقد ما خصص للتنمية في العام الحالي واصفا إياه بالضئيل ويعادل ما بين 8٪_9٪، خلافا لما كان متوقع من تخصيص مبلغ للتنمية بشكل كبير عقب الإنكماش الذي حدث في العام الماضي لجهة ان التنمية الإقتصادية توفر فرص عمل إضافي للشباب، وأعتبر ان تخفيض نسبة التنمية بالميزانية بإهدار الأموال، مشيرا الي التركيز في الموازنة على الضرائب الغير مباشرة، وأضاف ان 91٪ من الضرائب مركزة علي السلع والخدمات اي على المواطنين، وأوضح ان الضرائب الغير مباشرة لديها علاقة بإرتفاع السلع ومعدلات التضخم، وفي ظل تدني الأجور ومحدوديتها تبقي الظروف المعيشية قاسية على المواطن من جراء هذه السياسات. وإنتقد تعويل الموازنة على المنح الأجنبية بحوالي 168مليار جنيه، بالرغم من ان تنفيذها في العام الماضي بواقع 16 مليار جنيه، فقط، ووصف ذلك بالمبالغة الغير مطلوبة في مثل هذا النوع من الموازنات، بتضخيم الايرادات وتقليل المصروفات، بيد انه يخلق عجز إضافي في الميزانية تضطر فيه المالية لتغطية عبر طباعة النقود والدين الداخلي مما يؤثر علي قيمة العملة سعر الصرف ويحطم الجنيه، وعاب علي الموازنة الحالية عدم تقيم ومعرفة اسباب فشل موازنة العام الماضي، وسوء الأوضاع الإقتصادية، بل قامت بإستنساخ نفس السياسات من رفع الدعم والضغط على المواطن بحجة رفع الدعم بتمويل عجز الميزانية من جيوب الفقراء، وأضاف ان هذه السياسة مجربة منذ عهد الانقاذ، مؤكدا عدم تفاءله بموازنة2021م، وتوقع ان تزيد الأمر سوءا في الإقتصاد والمواطن، وانتقد عدم إحتوائها عن بنود تخفيض حدة الفقر او تخفيض الأسعار وإستقرار سعر الجنيه، لافتا الي أن الموازنة إمتداد لبرنامج الإتفاق مع صندوق النقد الدولي الموقع العام الماضي والذي يمتد حتي يونيو القادم، وتابع "وكانما إصرار على سحق المواطن".