الآن ربما يفهم الشعب السوداني ضرورة ان تكون الحكومة مهنية في الفترة الإنتقالية، و إبتعاد الاحزاب عنهاجملةً، و تفصيلاً. من العبث بمكان ان توكل مسألة التحول الديمقراطي، و الإنتقال الي احزاب كرتونية اكبرها لا تتجاوز عضويته اصابع اليد الواحدة، و عواطلية سيجدون انفسهم خارج اللعبة في ظل ايّ نظام ديمقراطي، ولو بنسبة مُرضية في حدها الادنى.
للأسف ما فعلته قحت، و العواطلية الذين ضاقت بهم حانات الغرب، و ازقته، و فيهم للأسف homeless، ايّ و الله " شماسة" نعرفهم فرداً فرداً بحكم عيشنا في الغرب.
من سخرية الاقدار ان تصبح الديمقراطية كرت ضغط يرفعه حميدتي في وجه الاحزاب، و نخب العواطلية بمناسبة، او بلا مناسبة، لا لشيئ سوى انه خَِبر اللعبة، و عرف كُنهها، و انهم ابعد ما يكون من الإيمان بالديمقراطية، و مبادئها.. اللهم انها شعارات براقة للإلهاء، و الكسب.
قالها الرجل صراحةً و كيف تسابقوا نحو الكسب الرخيص لأجل السلطة، و المغانم، و في ذات الوقت كانوا يرتدون ثوب الثورة الطاهر، و غيبوا الشباب الثائر بخطاب شعبوي معطوب في غفلة من الزمان.
منهم من مجد الرجل لدرجة العبودية خوفاً، و طمعاً.. منهم من كنا نعتقد انهم ارباب الشرف، و النزاهة في معارضة النظام البائد، و كل المظاهر السالبة التي صنعها، حتي نصبوا انفسهم اوصياء علي المعارضة، و الثورة، و التغيير، فلهتهم العطايا عن الحق، و المبادئ فبئس الرجال!
قلناها، وسنظل نقولها شاء من شاء وابى من ابى لا يمكن لدولة ان تكون محترمة، و بها مليشيات مسلحة ذات تكوين قبلي حيث النشأة، و القيادة.
ثم كررناها ما لم تكون البداية الصحيحة في هيكلة القوات المسلحة، و قوى الامن المختلفة، و تحريرها من قبضة سدنة النظام البائد سنظل في ذات الحلقة الجهنمية، و التي بالضرورة ادواتها التشظي، و الإنقسامات، و الجهويات، و النعرات العنصرية البغيضة.
ستظل قوات الدعم السريع احد مظاهر ضعف الدولة في الثلاثين العِجاف، و حالة العجز التي عاشتها المؤسسة العسكرية، و عدم القيام بدورها المنوط بها، لذلك لا يمكن لهذه المليشيات ان تكون جزء من الحل لمجرد وصول قادتها الي السلطة، و مراكز القرار.
شاء من شاء و ابى من ابى فأرض الصراع هي دارفور حيث منشأ هذه القوة لغرض يعلمه الجميع، حيث إستخدمها النظام البائد لصالح مشروعه القبلي، و العنصري في تفتيت النسيج الإجتماعي في دارفور، و السودان بشكل عام، لإضعاف الجميع، فحصدوا نتاج مكرهم، و سوء تقديرهم فذهبوا الي مزابل التاريخ، و بئس المصير.
كان يجب ان تكون قوات الدعم السريع في إطار انها حركة مسلحة نشأت في خضم صراع إجتماعي أُلبس الثوب السياسي عبثاً لنضيف له قاذورات السياسة السودانية المعطوبة منذ قيام الدولة الوطنية المدعاة، و التي كانت ولا تزال تخدم نُخب، و جماعات بعينها دون سائر الشعوب السودانية المهمشة.
اعلم السيد حميدتي انك جزء من المشكلة، و يكمن الحل في وجود قوات مسلحة وطنية قوية تفرض هيبة الدولة بعيداً عن مبدأ التجاذبات، و صراع القوى القبلي العبثي الذي فرض نفسه لأطماع ستؤدي بالجميع الي الجحيم.
ما شهدته دارفور من احداث في الايام الماضية سيذهب بالصراع الي مزالق لا تحمد عقباها، فمن بيده القوة هو الاقدر، و الاجدر بتقديم التنازلات، لأجل المصلحة العامة، و الاهداف العليا للدولة الوطنية ذات الطابع القومي.
ما شاهدناه من فيديوهات، و صور تُعتبر تحول خطير، و مهدد حقيقي اكثر مما مضى، يجب الوقوف عنده بجدية، و حسم، فالصراع اصبحت هويته اوضح، و معالمه اكثر وضوحاً.
شكراً حميدتي لأنك المحت الي خُبث، و مكر النخب، والاحزاب الخربة، و التسابق الرخيص، لأجل الذات المريض، سنزيد من الشكر، و الثناء إن خرجت بشكل اوضح، و سميت الاشياء التي طال الزمان، او تقاصر ستطل برأسها، و سيعلمها الجميع.
شكراً حميدتي لأنك عرفتنا ان الديمقراطية هي الغول الذي تخشاه احزابنا، و نخبنا العاطلة، و المتسكعة علي ارصفة ثورتنا اليتميمة.