بالتأكيد كانت دخول قوات حركة العدل والمساواة للخرطوم في 2011م يوماً لا ينسى في تاريخ الخرطوم، حيث راح ضحية ذاك الهجوم عدد من المواطنين والمصابين، بعدها عزمت الحكومة على رد الصاع صاعين للحركة فكان اغتيال رئيسها خليل إبراهيم في غارة جوية شنتها القوات المسلحة السودانية شمال كردفان، وبذلك اختير جبريل خلفاً لشقيقه ليصبح هو رئيس العدل والمساواة، ومن ثم خاض كل مفاوضات السلام حتى تم التوقيع مع حكومة الفترة الانتقالية ضمن مكون الجبهة الثورية، وهو الآن وزير لوزارة المالية والاقتصاد الوطني وفي عهدته أموال السودانيين. فقد الوالد وُلد في يناير 1955 في ألتينا بولاية دارفور، التي كانت وقتها تحت الادارة المصرية البريطانية، توفي والده وهو في الرابعة من عمره فربته والدته، درس في جامعة الخرطوم كلية الاقتصاد وتخرج منها ليحصل على منحة في اليابان حيث واصل دراسته بتحضير الماجستير والدكتوراه في ذات تخصصه ، بعدها عاد إلى السودان ليغادره مرة اخرى الى المملكة العربية السعودية حيث عمل استاذاً جامعياً للاقتصاد، بعدها سافر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة بسبب معارضته للحكومة. وفي دبي كان مستشاراً اقتصادياً لحركة العدل والمساواة لست سنوات، قبل أن يسافر للمملكة المتحدة عام 2006 حيث كان سكرتير الحركة للشؤون الخارجية.
عقدة الطريق دخل معترك السياسة مع بداية المرحلة الثانوية ثم الجامعية حيث كان ضمن قيادات اتحاد جامعة الخرطوم، وكان رئيساً لاتحاد الطلاب المسلمين في اليابان أثناء فترة دراسته هناك. كان جزءاً من فريق المفاوضات لحركة العدل المساواة في محادثات السلام الفاشلة التي عقدت في أبوجا والدوحة، وفي أكتوبر الماضي وقع على اتفاق سلام جوبا والذي بموجبه أصبح ضمن الحكومة الحالية وتم ترشيحه لوزارة المالية التحدي الذي يراه البعض صعباً في ظل الوضع الاقتصادي المعقد والمتدهور الذي تواجهه البلاد وفشلت كل المحاولات في ترميمه. كمال عيسى عضو حزب الأمة القومي قال ل"المواكب" إن جبريل مؤهل أكاديمياً وتجربته الإدارية جيدة لكن إدارة وزارة المالية قد تبدو صعبة لشخص بعيد عن السياسات الاقتصادية للدولة وفي ظل عدم الاستقرار الحالي خاصة إذا تم الاختيار ضمن إطار الترضيات وتوزيع المناصب فإنه يحتاج إلى جهد كبير ومضاعف للنجاح في هذه المهمة. مزالق التفاوض الدكتور التجاني بدر المستشار الاقتصادي لحكومة أبوظبي بدولة الإمارات قال في شهادته بحق جبريل إبراهيم "لقد تعرف على الاخ الفاضل والمناضل الدكتور جبريل بالامارات في حوالي العام 2002 ، وكنت حذراً في علاقاتي مع الاخوان المسلمين بمختلف تياراتهم ولكن عندما تعرفت بجبريل تغيرت نظرتي اليسارية المشوهة إتجاه هؤلاء القوم فعند معاشرتي اللصيقة جدا وجدت فيه ثقافة عالية وحبا للسودان و مرونة في التفكير المستقل و مروءة في القيام بالخير و تضحية بلا حدود من اجل الاخرين و يد سخية تمتد الى كل محتاج و عدم تميز بين الأطراف في مجلسه وتواضع جم و مقدرة على الاستماع وقدرة على التحليل. سافرت إلى اجتماعات ابوجا و كنت رئيساً لوفد التفاوض الاقتصادي بزعامة الأخ مني اركو مناوي ضد حكومة السودان شكلنا فريقا مفاوضا للجنة الاقتصادية برئاستي والاخ جبريل رئيساً مناوبا فكان نعم الرجل المقاتل لقضيته المتفهم لأبعاد مشكلته و اليقظ في متابعة أعداء النور و قد انتصرنا في البنود جميعها على ممثلي الحكومة الوزراء الاقتصاديين جميعاً بمختلف مسمياتهم ولم نختلف ابداً. كان د. جبريل نعم المدافع والمقاتل عن قضيته والواعي لمزالق التفاوض ولم يهتم بالصغائر في جدوله. يتسم د. جبريل بتواضع العالم العارف وطوال علاقتي به لم يتحدث عن شخص إلا بالخير رغم معرفتنا بنقائص الرجال. هذه شهادة للتاريخ وللحاضر عن الدكتور جبريل ابراهيم الرجل المؤمن بقضيته والمقاتل من اجلها فله التحية واصدق التمنيات.. تمنياتي له بالنجاح والتقدم فهو نعم الرفيق الذي لا يخون.