السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دروس ثورات "الربيع العربي"
د. شمس الدين خيال
نشر في الراكوبة يوم 09 - 02 - 2021


تأثير ونتائج ثورات الربيع العربي
على مستقبل الشعوب العربية
في الذكرى العاشرة لإنطلاقة ثورات الربيع العربي المجيدة لا بد من تسليط الأضواء على هذه الثورات المستمرة وتسليط الأضواء على نتائج هذه الثورات المباشرة والنتائج طويلة الأمد.
لقد دخلت عدد من الشعوب العربية مخاض ثورات الربيع العربي بشكل مباشر، إبتدائاً من تونس واليمن وليبيا ومصر وسوريا والجزائر والسودان. وتأثرت دول وشعوب عربية أخرى بشكل غير مبشر بأجواء الربيع العربي كلبنان والمغرب والعراق. فقد دخل قرابة 300 مليون مواطن من الشعوب العربية في تفاعلات ثورات الربيع العربي السياسية والإجتماعية والإقتصادية والعسكرية. وقد استمرت حالة الثورة في المجتمعات العربية حتى الأن وهي مرشحة للإستمرا حتى تحقيق أهداف شعوبها الإستراتيجية في التغيير وبناء الأوطان على أسس ثابتة وعصرية. فبعد راهنت قوى الثورة المضادة وقوى الشر الإقليمية والدولية على إنحسار، بل توقف حالة الثورة في المجتمعات العربية فاجئت ثور الشعب الجزائري وثور الشعب السوداني هذه الأطراف المتربصة بالشعوب وبثورات الشعوب العربي وقلبت الطاولة في وجه هؤلاء جميعاً وأكدت أن الشعوب العربية مصممة على نيل حريتها وتحقيق أهدافها الإستراتيجية في بناء نظمها السياسية المدنية والعصرية، أنهاء وجود أنظمة القمع وأنظمة الإنقلابات العسكرية المتخلفة. ومن ثم لحق الشعب اللبناني والعراقي في مسيرة الثورات العربية، لازالت ثورات الشعوب العربية تتجدد وتؤكد حضزرها وإستمرارها بأشكال متعددة من الإنتفاضات والحالات الثورية.
صحيح أن عدد من الثورات العربية لم تنجز بعد مشروعها الحضاري الجذري في التغيير، وأن عدد من الدول والشعوب العربية غرقت في بحر من الدماء والخراب والتهجير جراء أصرار القوى والدوائر الحاكمة على الإستمرار في السلطة مهما كلف الثمن، وحتى ولو دمرت الأوطان، وشردت الشعوب، وفقدت الدولة والشعب السيادة على أوطانها، كما هو الحال في سوريا واليمن وليبيا. إنه من نافل القول أن دمار وخراب حصل في عدد من دول الثورات العربية، والأسباب الاساسية تعود إلى :
1. نظراً لإصرار القوى الحاكمة على الإستمرار في السيطرة على الشعوب والأوطان، والإستمرار في ممارسة الفساد والقمع والغدر.
2. سطحية النخب السياسية في الشعوب العربية الثائرة وعدم قدرتها في التعامل مع الأزمات، وعدم قدرتها على فهم ما يدور من حولها ، من تدخلات قوى إقليمية ودولية في الشان الداخلي للدول العربية والشعوب العربية الثائرة.
3. إختراق صفوف الثورات العربية من قبل قوى الإسلام السياسي المتطرف، وذلك بمساعدة وتشجيع من قبل دوائر السلطات الحاكمة، ومساعدة وتشجيع من قبل دول الجوار وأطراف إقليمية ودولية أخرى متعددة، في المقدمة منها نظام الملالي في طهران ونظام نوري المالكي الطائفي في العراق، وكذلك نظام عصابة بشار الأسد. وكان دور حركة الإخون المسلمين في هذا الخصوص في سوريا والسودان وفلسطين كبير ومؤثر في حرف وتشويه صورة الثورات العربية، ومنحها سمة وصفة الأسلام السياسي المتطرف، الذي ساهم إلى حد كبير بدوره إلى عزل الثورات العربية عربيا وإقليميا ودوليا. هذا واقع لما ألت إليه الأمور في دول الربيع العربي، من الناحية المادية.
لكن عدد من الثورات العربية قطعت مسافات طويلة ومهمة على طريق تحقيق المكاسب االأساسية للشعوب والأوطان، كالثورة التونسية والجزائرية والسودانية. فالثورة السودانية على سبيل المثال أنجزت الأهداف الأساسية التالية:
أسقطت نظام الفساد والإرهاب والإقصاء نظام عمر البشير ونظام جماعة الإخوان المسلمين المتخلفة، وتحرر الشعب من قبضة الأجهزة الأمنية القاسية.
تشكيل حكومة ومجلس رئاسي إنتقالي يحضران الوطن وينقل الشعب والوطن إلى مرحلة إستقرار ونظام سياسي مدني ديمقراطي مستقر، ناضل الشعب السوداني طويلاً للوصول إليه.
لقد أعادت الثورة السودانية اللحمة للوطن والشعب السوداني، وأخمدت مناطق الحرب الأهلية التي كانت دائرة في مناطق دار فور وجبال كردفان والنيل الأزرق، والتي كانت تهدد بتمزيق البلاد وتستنزف قدرات الشعب والوطن السوداني في أكثر من مجال.
وأعادت الثورة السودان إلى المجتمع الدولي وأنهت حالة الإنعزال والقطيعة التي فرضت عليه لعقود طويلة.
ولا زالت الثورة السودانية تحقق يومياً الإنجازات المتتالية، ولو بصعوبة وبمواجه كم كبير من العوائق والتحديات الجمة، التي تواجهها الثورة الشعبية السودانية المباركة. وقد أصبحت ثورة الشعب السوداني مدرسة يحتذا بها في كثير من جوانب معالجة الصعوبات التي تعترض طريقها ومسيرتها التحررية.
إن الثورات العربية، وعلى الرغم من حجم الخسائر البشرية والمادية من جهة ، وتلكوء وتعرج مسار الثورات في تحقيق كامل أهدافها المعلنة والمباشرة وحرف بوصلة بعض هذه الثورات، كما هو الحال في ليبيا واليمن على سبيل المثال، فقد احدثت ثورات الربيع العربي، ولا زالت تحدث، تغييرات كبيرة وإسترتيجية الأبعاد في الجسم العربي وفي الواقع العربي، وأحدثت هزة في كبيرة في العقلية والأفكار الرجعية البائدة والمتخلفة السائدة في المجتمعات العربية منذ قرون. وكانت هذه التغييرات والإهتزازات العميقة مكاسب استراتيجية وضرورية لوضع عربة التطور لشعوب ودول المنطقة على السكة والطريق الصحيحيين، ومن الممكن إجمالها كالتالي:
1. لقد أحدثت ثورات الربيع العربي طفرة ونقلة نوعية فريدة من نوعها في مسيرة شعوب المنطقة العربية وأوقفت نمط الحكم الفردي الإقصائي السائد منذ قرون طويلة على شعوب ودول هذه المنطقة.
2. لقد أحدثت الثورات العربية تغييراًجذرياً في تركيبة المجتمعات العربية من خلال هجرة ونزوح الملايين عن مناطق عيشهم المألوفة ووفسح المجال لنسج علاقات إجتماعية عديدة جديدة مع أشخاص ومجموعات بشرة أخرى متنوعة الثقافات والعادات.
3. وأحدثت تغييراً جذرياً في وعي فئات المجتمع السياسية والإقتصادية والعسكرية والثقافية، ونظرتها إلى شكل الدولة ونوع النظم السياسية المناسبة لشعوبها في الحاضر والمستقبل من خلا تجربة هذه الفئات مع أحداث الثورة والبحث عن حلول سياسية وإقتصادية وإجتماعية جديدة غير مألوفة.
4. وأيضا احدثت الثورات العربية حراك سياسي ومعرفي غير مسبوق في المجتمعات العربية، وتجلت ارهاصاته في تشكل مئات ، بل آلاف المنظمات السياسية والنقابية الجديدة والشابية والفتية الناشطة في كل مجالات الحياة، وسيكون لنشاط وفعاليات هذه المنظمات نتائجها الايجابية بكل تأكيد على حياة الناس وعلى مستقبل الشعوب ونظم الحكم في بلدان العالم العربي.
5. والأهم من كل ذلك هدمت الثورات العربية نموذج الانظمة القمعية التي كانت سائدة في المنطقة لعدة قرون مضت، وفتحت الباب على مصراعيه، ولأول مرة بشكل جدي وجذري لبناء دول مدنية حديثة، وانظمة سياسية عصرية مناسبة لطبيعة العصر.
6. إلى جانب الصورة المساوية في أغلب دول ثورات الربيع العربي فقد تحرر الملايين من المواطنين من قبضة الأجهزة الأمنية المرعبة التي حيدت حركة الجماهير ونشاط النخب الإجتماعية لعشرات السنين.
7. وكشفت الثورات العربية، وخاصة الثورة السورية واليمنية، حقيقة عدو إستراتيجي كان مختبئ ومتخفي خلف شعارات دينية وتحررية مزيفة، وهو العدو الفارسي المتجسد بنظام ملالي طهران ومشروعهم التوسعي الفارسي في المنطقة العربية. لقد تعرفت الشعوب العربية، وخاصة الشعب السوري والعراقي واليمني والسوداني واللبناني والأحوازي على حقيقة حقد وعدوانية حكام إيران على الشعوب العربية بكل وضوح. وسقطت وتعرت جميع شعارات حكام إيران وعملائهم في المنطقة العربية في تحرير فلسطين، كقيادة حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينة ، وجماعة الإخوان المسلمين في الدول العربية، التي تمنح الغزاة الطائفيين حكام إيران الغطاء العربي والإسلامي المزيف، لتنفيذ مخططاتهم العدوانية في المنطقة العربية، وفي تمزيق المجتمعات العربية على إسس طائفية وعرقية مقيتة.
النتائج الاستراتيجية الايجابية للثورة السورية
جميع النتائج ,التاثيرات العامة التي أحدثتها الثورات العربية أنفة الذكر في أغلب دول الثورات العربية حدثت وتحدث أيضاً في واقع الشعب السوري والمجتمع السوري. لكن بالإضافة لذلك هناك تأثيرات متميزة في الواقع السوري لتميز اتجربة الشعب السوري مع عصابة نظام الحكم في سوريا قبل إنطلاقة مسيرة الثورات العربية، وإنطلاقة ثورة الحرية والكرامة السورية.
من الممكن سرد أهم التأثيرات والتغييرات الإيجابية التي أحدثتها الثورة السورية الباسلة على الواقع السوري كالتالي :
1. لقد انهت الثورة السورية التي انطلقت في تاريخ 18. 03. 2011 حالة الرعب والخوف التي سادت في سوريا كبلت الشعب السوري منذ عام 1963، وذلك بعد انقلاب حزب البعث وسيطرة عصابات العسكر الطائفية الفاسدة على الحكم في سوريا، من خلال فرض حالة الطوارئ الدائمة، وفرض حالة الخوف والرعب على الشعب السوري حتى عام 2012 . لقد دام فرض حالة الطوارئ على الشعب السوري مدة 49 سنة متواصلة. وتعتبر هذه المدة هي أطول فترة حالة طوارئ تفرض على أي شعب من شعوب العالم عبر تاريخ البشرية. فحالة الطوارئ التي كانت مفروضة على الشعب السوري أوقفت العمل بشكل تلقائي 63 مادة من الدستور السوري المكون من 165 مادة، أنهت بالتالي أي نوع من أنواع الحياة السياسية، وأنهت أي نوع من أنواع الحياة البرلمانية والنقابية، وأنهت وجود المنظمات المدنية والشعبية، وأقصت الصحافة الحرة والإعلام الحر. وألغت حقوق المواطنين الأساسية. لقد خلقت حقبة البعث وحقبة حكم عائلة الأسد خلال نصف قرن من الزمان حالة من التصحر السياسي وإنهاء وجود الأحزاب السياسية والحياة الحزبية الحقيقية. وتوقفت حرية الراي في سوريا بشكل مطلق. فالثورة السورية وضعت حد لحالة الطوارئ والتصحر السياسي المفروض على الشعب السوري، وفتحت الأفاق واسعة للإهتمام المواطن بالشان العام والمشاركة الشعبية في صنع مستقبل الشعب والدولة.
2. لقد حطمت الثورة السورية هيمنة الأجهزة الأمنية المتعددة على الشعب وعلى أجهزة الدولة السورية، وأضعفت تأثيرها .
3. لقد قلصت الثورة قدرات نظام الشبيحة الاقتصادية والعسكرية والامنية والسياسية، وأصبح هذا النظام غير قادر على إدارة اي جزء من سوريا، وأصبحت عصابة الحكم غير قادرة من السيطرة على عدد كبير من أجهزة الدولة الرسمية. لقد فقد نظام الشبيحة السيطرة من الناحية العملية على أغلبية الأراضي السورية، وفقد السيطرة على اغلبية الشعب السوري.
4. فقد نظام الشبيحة اي نوع من انواع الاستقلال والتصرف في شؤون الدولة السورية، وفتح الباب على مصراعيه لتدخل قوى إقليمية ودولية لفرض املاءاتها السياسية والعسكرية والإقتصادية على عصابة النظام في سوريا، وصارت عصابة النظام مجرد ممسحة قذارة يستعملها اكثر من طرف متواجد على الأرض السورية .
5. فتحت الثورة السورية الآفاق الواسعة لأول مرة منذ نصف قرن مضى على فرص واحتمالات كبيرة وواسعة لبناء دولة مؤسسات حقيقية في سوريا، وبناء نظام سياسي عصري وحديث يكون الإنسان فيه محترم ويعيش بكرامة تحفظ به حقوقه الأساسية .
6. ساهمت الثورة السورية الباسلة بصمودها الاسطوري على تشجيع شعوب عربية أخرى، كالشعب الجزائري والشعب السوداني، على تجاوز حالة الخوف والرعب، والانتفاض والثورة على أنظمة الحكم العسكرية الفاسدة المشابهة لنظام الشبيحة في سوريا، والتمكن من إسقاط هذه الانظمة، والبدء في مرحلة بناء دولة المؤسسات وأنظمة الحكم العصرية في تلك البلدان .
7. كشفت الثورة الكم الهائل من التخلف والعجز الذي تعاني منه النخب السياسية وقوى المعارضة السورية وبعدها الكبير عن نبض الجماهير، وعدم فهم ما يحيط بسوريا، والعجز عن أهمية سوريا في المعادلات الإقليمية والدولية
8. كشفت وعرت الثورة السورية الباسلة عدد كبير من القوى والاحزاب والشخصيات العربية التي غدرت بالشعب السوري الثائر، وغدرت بالشعوب العربية الاخرى الحرة الثائرة. والتي وقفت إلى جانب أعداء الشعب السوري والشعوب العربية الاخرى، كحكومة محمود عباس وحركة فتح الفلسطينية، وكذلك قادة حركة حماس الفلسطينية عملاء ومرتزقة نظام الشبيحة وملالي طهران. بالإضافة إلى بعض الأشخاص المحسوبين على التيارات الدينية واليسارية والقومية العربية .
9. نشوء وانطلاق حركة سياسية وفكرية نشطة ومتصاعدة في صفوف الشعب السوريين والتجمعات السورية للبحث عن حلول حقيقية لحالة الصراع والتناقض الحاد بين الشعب السوري الثائر وعصابة الأسد وحلفائه الاقليميين والدوليين، ومن اجل خلق الظروف والعوامل المناسبة لتحقيق النصر الكامل على هذه العصابة الفاسدة. فقد انخرط في هذه الحركة وهذه الأنشطة مئات الالاف من السوريين، داخل سوريا وخارج سوريا، في بلاد اللجوء والمهجر، وقد تشكلت مئات الاتحادات والمنظمات والاحزاب السياسية والاجتماعية والثقافية نتيجة هذه الحاجة الماسة والملحة، نظرا لغيابها عن الساحة السورية لمدة نصف قرن مضى.
هذه بعض النتائج ذات الابعاد الاستراتيجية التي أحدثتها الثورة السورية في المجتمع السوري، كان من الصعب تخيل حصولها لولا انطلاقة ثورات الربيع العربي وإنطلاقة الثورة السورية، ثورة الحرية والكرامة الباسلة، واستمرار صمود الشعب السوري الأبي في الثورة كل هذه السنين العصيبة والقاسية في وجه قوى البطش والفساد والعدوان، وفي وجه الغزاة الفرس والغزاة الروس، وفي وجه عصابات الحشد الشيعي العراقية والإفغانية وعصابة حزب الله وحركة أمل اللبنانية الطائفية.
أوراق قوة الثورة السورية الباسلة
في الصراعات والحروب والثورات يعمل كل طرف من الاطراف المتصارعة على جمع وتعظيم أوراق قوته لفرض إرادته على الطرف الأخر في الصراع وتحقيق أهدافه من خلال هذا الصراع.
والساحة السورية، كبقية الساحات الملتهبة الأخرى، كل طرف يعرف ويحدد أوراق قوته في هذا الصراع.
في نظرة موضوعية إلى أوراق قوة الثورة السورية والشعب السوري لتحقيق النصر النهائي على نظام الجريمة المنظمة، عصابة بشار الأسد، وهي كالتالي:
1. أول نقاط قوة الثورة هي شرعية ومشروعية الأهداف التي تطالب بها الجماهير السورية الثائرة، في إقامة نظام سياسي مدني عصري يتساوى فيها المواطنون دون تمييز عرقي أو ديني أو طائفي أمام القانون. وإقامة نظام سياسي ديمقراطي، فيه فصل للسلطات الثلاثة ، التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتكتسب هذه السلطات شرعيتها من إرادة الشعب عبرصناديق الإقتراع ، بدل نظام العسكر وأجهزة الأمن القمعية المختلفة، التي أرعبت وإضطهدت الشعب طوال خمسة عقود من سيطرة عائلة الأسد على مقاليد الحكم في سوريا عبر إنقلاب عسكري جائر. إن مطالب وأهداف الشعب السوري الثائر بحق المواطنة العادلة وحماية حقوق وكرامة المواطنين تتفق وتتوافق بالمجمل مع مطالب وأهداف جميع شعوب العالم الحرة. فالثورة السورية هي ثورة حقوق بالدرجة الأولى، وهذه المطلب وهذه الحقوق متناسبة ومتوافقة مع ما تعيش في ظله أغلبية الشعوب الحرة في العالم.
2. الورقة القوية الأخرى بيد المفاوض السوري و الشعب السوري تتمثل بحقيقة أن عصابات الأسد قد أجرمت كثيراً بحق الشعب السوري وأوغلت بدماء السوريين خلال العشرة أعوام الماضية بشكل فضيع وسافر، وعملت عصابة بشار الأسد على تدمير المدن والبلدات السورية، وشردت نصف الشعب السوري إلى أصقاع العالم. وإستعملت أسلحة الدمار الشامل المحرمة دوليا، الغازات السامة، ضد المدنيين والأطفال السوريين العزل في الغوطة الشرقية وفي اكثر من مكان في الأرض السورية . هذه الحقيقية يشهد عليها العالم، ولا يستطيع أحد عاقل من ممثلي الدول والأحزاب ووسائل الإعلام في العالم إنكار تلك الحقيقة. لقد فقد نظام بشار الأسد أي نوع من أنواع الشرعية وأصبح متهم وملاحق بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. فقد أصبح هذا النظام ورموزه الأساسية منبوذين أخلاقيا، ومدانين سياسياً ، وعدد من رموزه ملاحقين قضائياً بإرتكاب جرائم حرب ووتعذيب وقتل المعتقلين في السجون أمام عدد من المحاكم الدولية، كما هو الحال أمام المحكمة العليا في مدينة كوبلنز الألمانية. وأصبح مع مرور الزمن وتكرار إرتكاب النظام جرائمه ضد الشعب السوري الأعزل من المستحيل إعادة تأهيل هذا النظام والتعايش معه في حكم سوريا أو المشاركة في الحكم بأي شكل من الأشكال.
3. لقد فرط النظام السوري بسيادة الدولة وساهم وعمل على إدخال عدد من القوى الأجنبية إلى الأرض السورية، وترك البلاد مسرحاً لعبث عصابات الجريمة المنظمة والتطرف الطائفي والديني والعنصري، من داعش والنصرة وحزب الله ومرتزقة العراق والأفغان والفرس الحاقدين. وأستدعى الغزاة الفرس والغزاة الروس لإحتلال جزء من الأرض السورية ومحاربة الشعب السوري الثائر وتدمير المدن والرى السورية والمساهمة بقتل الشعب السوري بكل أنواع الأسلحة الفتاكة. فالواقع يشهد بذلك ولا يستطيع أحد إنكار هذه الحقيقة.
4. والحقيقة الأخرى هي أن النظام غير مسيطر على حوالي 40% من مساحة الوطن السوري، وأن قرابة 16 مليون سوري هم خارج سيطرة نظام الأ وحلفائه من الغزاة الروس والغزاة الفرس. حيث يعيش جزء منهم في الماطق المحررة وجزء يعيش في المنطقة الشرقية من سوريا الخاضعة تحت سيطرة الإنعزاليين الأكراد بحماية أمريكية، والجز الأخر يعيش في دول اللجوء في الاردن ولبنان وتركيا ودول الخليج العربي وأوروبا. وحتى المناطق التي يسيطر عليها هي في الواقع مقسمة ويشارك في السيطرة عليها قوات الغزو الفارسية والغزو الروسية وعصابة حزب الله اللبناني الأرهابي. ويضاف إلى ذلك هي حقيقة أن حوالي 1400 كيلو متر من طول الحدود السورية مع دول الجوار هي خارج سيطرة نظام الأسد وحلفائه الغزاة .
5. أن جميع القرارات الدولية التي صدرت في موضوع الصراع الدائر في سوريا، جميعها وبشكل مطلق مضامينها ونصوصها لصالح الشعب السوري والثورة السورية، وتجيز، بل تنص على تغيير النظام في سوريا من الحالة الفردية الدكتاتورية الإقصائية الطائفية القائمة إلى نظام ديمقراطي مدني عصري متطور. هذا تماماً ما نص علية بيان كوفي عنان ذو النقاط الستة، وكذلك بيان جنيف 1المعتمد على قرار الجامعة العربية للحل في سوريا، وأيضاً قرار مجلس الأمن رقم 2118 وقرار مجلس الأمن 2254 . كل هذه القرارات تشرعن وتدعم مطالب الشعب السوري المحقة وتشرعن وتدعم أهداف الثورة السورية الباسلة. وتنص على تشكيل هيئة حكم إنتقالية كاملة السلطات التنفيذية، أي سلطة رئيس الجمهورية وسلطة رئيس الوزراء والحكومة، للتحظير لصياغة دستور جديد لسوريا والإشراف على إقامة إنتخابات برلانية ومن ثم إقامة إنتخابات رئاسية في سوريا تحت رقابة ومساعدات دولية. ولهذه الأسباب يتهرب نظام اعصابة بشار الأسد والغزاة الفرس والغزاة الروس من مفاوضات جنيف، ويبذلون كل الجهود لخلق بدائل للشرعية الدولية والإلتفاف على القرارارت الدولية والتهرب من تنفيذها. والهروب إلى مباحثات ولقاءات في أستانا وسوتشي تحت رعاية ومشاركة روسية وتركية وإيرانية لا يقبل بها الشعب السوري.
6. على الرغم من المأسي والتشريد والدمار الذي صنعه نظام الجريمة بالشعب السوري، ظلت الحاضنة الشعبية السورية صامدة وقوية لا تتزحزح على أمل تحقيق أهداف ثورتها العادلة. فتلك الحقيقة تهز كل يوم أركان نظام بشار الأسد وتقوي من عزيمة ثوار سوريا. ولم تستطع كل محاولات النظام ومحاولات الغزاة الفرس والغزاة الروس من كسر عزيمة الثوار السوريين وكسر عزيمة الحاضنة الشعبية لثورة الحرية والكرامة السورية.
حتى وأن تأخر إنتصار الثورة وحسم الصراع مع أعداء الشعب، فالشعب السوري تحرر من الكثير من قيوده، والعدو يعيش مأزقه التاريخي، وفي كل يوم يمر يقترب من حافة سقوطه المحتوم وطوي صفحة وحقبة الجريمة والفساد والخديعة، ورحيل الغزاة عن الوطن السوري العظيم. فالثورات العربية، والثورة السورية صنعت المعجزات وحررت الشعوب من الأغلال والقيود التي دامت مئات السنين، ومهدت طريق مستقبل الأجيال الواعدة.
د. خالد المسالمة
باحث سياسي من جامعة
Ruhr-University Bochum, Germany
09.02.2021


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.