قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن قوات إريترية قتلت المئات من الأطفال والمدنيين في مذبحة بإقليم تيغراي الإثيوبي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ويعدّ هذا هو ثاني تقرير من نوعه في أسبوع عن اعتداءات إريترية في مدينة أكسوم شرقي إقليم تيغراي المجاور والذي مزقته الحرب. وتعدّ مدينة أكسوم من بين مواقع التراث العالمي، بحسب منظمة اليونسكو. وذكر تحقيق أجرته منظمة العفو الدولية تفاصيل عن الوقائع ذاتها، وكيف "عاثت قوات إريترية في المدينة وقتلت بشكل ممنهج مئات المدنيين بدم بارد". ومع صدور تلك التقارير يتصاعد قلق دولي حول أعمال وحشية ارتكبتها قوات إريترية في إقليم تيغراي. واتهم قادة في الأممالمتحدة أمس الخميس القوات الإريترية بما يُحتمل أن يكون جرائم ضد الإنسانية، وطالبوها بالانسحاب. وتنكر أديس أبابا وأسمرة انخراط إريتريا في إقليم تيغراي. وكان رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد أعلن مطلع نوفمبر/تشرين الثاني انطلاق عمليات عسكرية ضد قيادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، مبررًا العمليات بأنها جاءت ردا على هجمات شنّتها الجبهة على معسكرات تابعة للجيش الاتحادي. وكانت قوات إثيوبية وإريترية اقتحمت مدينة أكسوم في 20 نوفمبر/تشرين الثاني عقب قصف عشوائي قتل كثيرا من المدنيين، حسبما أفاد تقرير ل هيومن رايتس ووتش صدر اليوم الجمعة. وأضاف التقرير أن الإريتريين انخرطوا بعد ذلك في أعمال نهب واسعة، معظمها وقع تحت نظر القوات الإثيوبية. ونقل التقرير عن أحد سكان أكسوم القول: "سألت جنديا، لم لا تفعلون شيئا، أنتم إثيوبيون، ونحن في إثيوبيا؛ لم تسمحون للإريتريين بفعل ذلك؟، فأجاب: ‘نحتاج أوامر من أعلى'". ناجين من الحرب في تيغراي
وبدأت المذبحة في 28 نوفمبر/تشرين الثاني في أعقاب هجوم شنه ملسحون من تيغراي انضم إليهم عدد من السكان، على جنود إريتريين، بحسب تقرير هيومن رايتس ووتش. وبعد طلب تعزيزات، بدأ الإريتريون في اقتحام أكسوم، وعاثوا فيها بحثا عن شباب وأطفال لإعدامهم. وتقول هيومن رايتس ووتش، والعفو الدولية إنه من المستحيل إثبات إحصاء دقيق لعدد القتلى، لكن التقديرات تشير إلى أن العدد يزيد عن 200 مدني لقوا مصرعهم يومي 28 و29 نوفمبر/تشرين الثاني فقط. وبهذا تعدّ مذبحة أكسوم إحدى أكثر الفظائع دموية في صراع تيغراي حتى الآن. وتجري الوكالة الفرنسية للأنباء تحقيقا صحفيا حول مذبحة أخرى نفّذها جنود إريتريون في التوقيت نفسه، ولكن في قرية دينقولات شمالي ميكيلي عاصمة تيغراي. ويقول مسؤولون في إحدى الكنائس بالمنطقة إن مذبحة دينقولات سقط فيها 164 مدنيا. ومنذ صدور تقرير العفو الدولية، تقول حكومة أبي أحمد إن محققين اتحاديين ينظرون في "مزاعم قابلة للتصديق" حول فظائع وانتهاكات وقعت في مناطق بينها مدينة أكسوم. لكن حكومة أديس أبابا في الوقت ذاته تحاول التشكيك في نتائج تقرير العفو الدولية، متهمة المنظمة ب "تعزيز التضليل المعلوماتي والشائعات التي تروج لها جبهة التحرير الشعبية لإقليم تيغراي والداعمون لها". ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش، اليوم الجمعة، إلى تحقيق عاجل تجريه الأممالمتحدة حول جرائم حرب يُحتمل وقوعها في إقليم تيغراي. وقالت مديرة القرن الأفريقي في هيومن رايتس ووتش، ليتسيا بادر، إن "قوات إثيوبية ارتكبت أعمال قتل وحشية في أكسوم ولم تكترث بشكل متعمّد بحياة المدنيين". وأضافت ليتسيا: "لم يعد في إمكان مسؤولي إثيوبيا وإريتريا التخفّي وراء ستار الإنكار، وينبغي إفساح المجال لتحقيق العدالة وتعويض الضحايا، وليس إضافة المزيد من المظالم".