عاد الحديث عن إعادة هيكلة قوى الحرية والتغيير ورأب الصدع مجدداً بين الأطراف التي تفرقت بها السُبل، عقب مخاض عسير من فترة شهدت صراعات وجرت فيها مياه كثيرة تحت الجسر، ففي تصريحات نقلتها صحفية )الحراك) قال القيادي بحزب البعث عادل خلف الله، إن المشاورات تجري داخل (قحت)، منذ ثلاثة أشهر لرأب الصدع بين المكوّنات غير الممثلة بالتحالف من جهة، وبين شقي تجمّع المهنيين من جهة أخرى، وبحسب خلف الله أنّ المساعي تكلّلت بإعلان فك تجميد نشاط حزب الأمة القومي، وأضاف (من المرجو أنّ تصل المشاورات لتجاوز الخلاف الذي قضى بإنقسام تجمّع المهنيين، وتفعيل المكوّنات الموقعة على الإعلان ولم تمثّل داخل التحالف)، وإن كان الواثق البرير الأمين العام لحزب الأمة القومي ينفي في حديث ل(الانتباهة) عن أن حزبه فك التجميد، وقال: (لم نصل إلى إتفاق بعد ولكن المشاورات متواصلة). ويبدو واضحاً أن (الواقع) الماثل هو من يدفع، مكونات قوى الحرية والتغيير إلى البحث عن توافق جديد، بعد أنّ أصبحت خارج الفعل السياسي، وتفرقت بين السلطة وخارجها، فالتطورات الجديدة التي تلت إتفاق سلام جوبا، فرض على (قحت) التواري قليلاً لأن صناعة الحدث والتعليق عليها وإدارة الشأن السياسي، تفرق بين شركاء وأجسام جديدة، من أبرزها بالطبع (مجلس الشركاء) وشركاء العملية السلمية، وهو ما جعل من حديث سابق أطلقه مني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان، حول وجود (قحت) في الساحة بعد السلام، يصبح أمراً واقعاً وفقاً للمعطيات الراهنة، فالرجل كان واثقاً عندما قال إن قوى الحرية والتغيير إنتهت ولا توجد بعد الآن، ومع إن حديث مناوي قوبل برفض واستنكار كبير وقتها، إلا أن ترتيبات إعادة هذا التحالف الذي يعتبر الأكبر في تاريخ السودان السياسي، تمضي في إتجاهات مختلفة، يقول عادل خلف الله إنّ المشاورات الواسعة تتضمّن الرؤية السياسية الجديدة لقوى الحرية، وردّ تأخر نتائج الخطوات المتعلّقة بإدراج رؤى كافة الأطراف في الهيكل التنظيمي للتحالف للمداولات التي تجري حول تشكيل المجلس التشريعي وقبله تشكيل الحكومة الحالية، ويقول الواثق البرير إن الإجتماعات تجري الآن عبر لجان من بينها لجنة للحزب، بشأن التشاور والتفاكر في كيفية إعادة هيكلة قوى الحرية والتغيير، وأضاف (لم نصل إلى إتفاق بعد)، وأشار إلى أن الأمة طرح رؤية العقد الإجتماعي بشأن الوصول إلى تفاهم متكامل للبناء الهيكلي). عودة كيان (قحت) إلى الساحة مجدداً سيخلق نوعاً من التوازن في الساحة السياسية، ليس فقط للمكونات التي يتألف منها، ولكنه سيشكل قوة دعم للحكومة التنفيذية سيما جانبها المدني، سيما بعد الجدل حول صلاحية (مجلس الشركاء)، ففي السابق أكد رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، أهمية وحدة وتماسك قوى إعلان الحرية والتغيير، كان ذلك قبل تشكيل الحكومة في لقاء جمعه بمجموعة (9+1) التي تضم عدداً من مكونات (قحت)، يقول محمد جمعة عادل الناشط السياسي ل(الإنتباهة) إن عودة قوى الحرية مهم لقيادة الشارع والمجتمع، منوهاً إلى أن الكثير من مطالب الثورة تحتاج إلى حراسة ولا أحد يمكنه فعل ذلك سوى (قحت) بمكوناتها المختلفة، وأضاف (في ظل حالة التشرذم والإنقسام التي جرت لا يمكن لإعلان قوى الحرية والتغيير أن يقوم بدوره كما ينبغي ولذلك يصبح من الضرورة بمكان إعادة الهيكلة بما يسمح باستيعاب أراء كل المكونات في الحد الأدنى من التوافق). ثمة معطيات أخرى تحول بين هذا الغاية وتصبح حجر عثرة أمام التحالف العريض في العودة إلى عنفوانه مجدداً، أولى هذه الصعوبات أن شقة الخلاف بين المكونات المختلفة أصبحت بعيدة، بسبب (لعنة السلطة)، فواحد من أهم الأحزاب في "قحت" الحزب الشيوعي، غادر المجموعة من قبل لأسباب من بينها أن إعلان قوى الحرية، قد فارق الطريق الذي تكون من أجله. يقول فتحي فضل المتحدث باسم الحزب الشيوعي ل(الإنتباهة) إن الخلافات في التحالف مرتبطة بالبرنامج، وما تقوم به من نشاط، وأشار إلى أن ما تبقى من مكونات قوى الحرية، خرقت الإتفاق الذي بموجبه تأسس إعلان قوى الحرية، في عام 2013م، والذي يتضمن برنامج الحد الأدنى، ويشتمل على السلطة المدنية الكاملة وإقتصاد مشترك، سلام مبني على مشاركة كل القوى السياسة، إضافة إلى اللاجئين والنازحين وسياسة خارجة مستقلة بعيداً عن المحاور العسكرية والمدنية)، وأضاف فتحي (ما تبقى من الحرية والتغيير مزق الوثيقة الدستورية وإختطف ملف السلام)، وزاد ( لذلك في ظل هذا الخرق الذي تم لا نستطيع العمل في هذا الإطار لكننا نسعى لإطار وتراص جديد للصفوف يحقق الأهداف)، وإشترط فتحي الإتفاق مجدداً بعودة الذين خرقوا البرنامج إلى ما كان متفق عليه مسبقاً، وأضاف (لذلك عليهم العودة إلى البرنامج المتفق عليه وهو موجود ومعروف وحينها فلا مشكلة لدينا من الإتفاق معهم)، بينما في حديث أكثر حدة يصف عضو تجمع المهنيين حسن فاروق الحديث عن رأب الصراع بين شقي تجمع المهنيين والحرية والتغيير ب(الحلم)، مشيراً الى أن قحت في حيرة من أمرها لأنها لا تعرف كيف ستعالج مشكلة المجلس التشريعي دون تجمع المهنيين، وأضاف (الحكومة لا بتهش ولا بتنش وتتخذ حلول هشة)، وعد فاروق، طبقاً لموقع (الإخباري) أن ما ذهب إليه عضو اللجنة الإقتصادية بقحت عادل خلف الله عن رأب الصدع، (إنتهازية سياسية)، وسلوك ليس غريب على من وصفهم ب(الكيزان الجدد)، وأضاف (خلف الله إتهمنا بأننا أبناء قوش وهذا الإتهام لن ينتهي بالتقادم)، وتساءل فاروق (إذا كنا أبناء قوش فلماذا يريد الجلوس معنا)؟.