أكتب هذا المقال، وإني على يقين أنه وحين تخرج هذه الصحيفة من المطبعة ستكون وزيرة خارجيتنا مريم الصادق في القاهرة أو عائدة منها أو في الطريق اليها..!! هل تعلم وزيرة خارجيتنا أنها زارت القاهرة في أقل من شهر ثلاث مرات!! ثلاث مرات أي والله.. هل صارت القاهرة من المدن التي يشد اليها الرحال أم أن مريم تحزم حقائبها دون أن تتأكد من موطئ قدمها..؟! لقد زارت مريم القاهرة أكثر مما زارت مكتب رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، والذي من المفترض أنه الشخص المعني بوضع السياسات الخارجية معها، والاطلاع على علاقات السودان الخارجية. ولكن على ما يبدو، أنّ التنوير يقدم للقاهرة، والسياسات تُناقش في القاهرة، والتوصيات تخرج من القاهرة..!! نعم الخرطوم تُدار من القاهرة مع الأسف، لقد فقدنا كل شئ، السيادة الوطنية، هيبة الدولة، استقلالية القرار، كل شيء فقدناه..!! صارت القاهرة هي التي تحرك الخرطوم بالريموت كنترول..!! أصبحنا مثل الطفل حديث الولادة لا يملك من أمر نفسه شيئاً، من حوله هم الذين يرضعونه من ثديهم أو من البزازة، هم الذين يهدهدونه للنوم أو يوقظونه لتناول الطعام أو يدغدغونه ليضحك، وأيضاً هم الذين يتجاهلون تغيير حفاضته حين يتبوّل…! الآن لا نطلب من مريم أن تثأر لوالدها الذي ( طُرد ) من مصر قبل ذلك، ورفضت القاهرة منحه إذن دخول أراضيها، بل رفضت حتى فتح صالة كبار الزوار له، لا نريد منها أن تثأر لكرامة أبيها بأثر رجعي، لأنها تمثل السودان، ولكن ندعوها فقط أن تجلس في مكتبها وتشاهد مقطع الفيديو لتصريحاتها الأخيرة عقب انهيار مُفاوضات كينشاسا. هل تذكر مريم لعبة الزمبرك التي يتم ملؤها وإدارتها لتفرغ ما تم تعبئته بها، والله يا مريم إني وعقب مُشاهدة تصريحكِ السقطة ذاك لم أجد تشبيهاً يُناسب ما قمتِ به غير أنكِ كنتِ في حالة الزمبرك الذي تم ملؤه وانطلق ليخرج ما في جوفه. كأنّك كنتِ تُسمعين تعليمات، كان نفسكِ متهدجاً، وكنتِ غايةً في الانفعال والتوتر والشحن الزائد، وجميعها صفات لا تُناسب موقع الدبلوماسية الذي تمثلينه..!! هل يُعقل في تصريح واحد تتحدثين عن اربع قضايا مهمة؟ في تصريح واحد أطلقتِ أربع قذائف صاروخية. ما هكذا تُدار البلاد، ولا هكذا تكون الدبلوماسية. *خارج السور:* نتمنى أن تتذكري أنكِ وزيرة خارجية السودان وليس مصر..! حلايب سودانية سهير عبدالرحيم [email protected] *نقلاً عن الانتباهة*