في البداية نترحم علي الذين قتلوا في سبيل الله , واي سبيل حق هو سبيل الله , فهم احياء عند ربهم يرزقون , في هذا اليوم المبارك قام الجيش السوداني بفتح النار قرب القيادة العامة علي مسيرة اسر شهداء الثورة المجيدة والتي كانت مسيرة سلمية تماما , القت منظمة اسر الشهداء ببيانها وكررت المطالبة العادلة بحق دماء الشهداء وهمت بالرجوع رغم التضييق الذي فرض من قبل العسكر , لكن ولسبب غير معلوم تم فتح النيران علي الجموع ونتج عن ذلك اكثر من اربعين اصابة واستشهاد كلا من عثمان ومدثر وهما لم يكملا العقد الثاني من حياتهم ليحرقوا قلوبنا كافة , ويكرر العسكر فاجعة فض الاعتصام مره اخرى لتفتح بيوت العزاء في ايام كانت مفترض انها ايام عيد وفرحة , وبعدها تلاها رد فعل مخجل ومخزي ببيان بارد من الشق المدني الممثل في قوى الحرية والتغيير ( قحت) دون حتي استقالة واحدة لوزير في الحكومة , هولاء الذين جاءوا الى السلطة بدماء الشهداء الذين تناسوهم وقاموا باستغلال الثورة لتوزيع كراسي السلطة وفق محاصصات بينهم كانها كعكه وغنيمة , كأن السلطة تشريف وفرص للكسب الشخصي وليست تكليف ومسئولية , لكني اتمنى ان نقف وقفة و نحلل الموقف الحالي لنعرف اصل المشكلة وعليها يتم وضع حلول جذرية بارادة الشباب وشرفاء هذا الوطن وهم كثر وان غلب علينا ظلام هذا الطريق, خلال عامين الان من بدء حكم الفترة الانتقالية لم نرى سوى فشل قحت وادارة حمدوك في ملفات رئيسية لهذه الفترة وخاصة الملف الاقتصادي , هذا الفشل في المقام الاول جاء نتيجة لصراعات قوى الحرية والتغيير في بعضها البعض و بالتالي تعدد التوجهات ومراكز القرار والمنافسة للكسب السياسي , ويمكن الرجوع لما قاله ابراهيم البدوي من مناهضة خطته وقتها من قبل بعض الاحزاب خوفا من الشارع , وتأتي هذه الصراعات استكمالا لفشل تاريخي للاحزاب السياسية في السودان منذ الاستقلال , فكلما يحتد الصراع بينهم يستنجد احد الاطراف بالعسكر للحصول علي السلطه بانقلاب عسكري ( وان تضاربت الاقوال في حكم فترة نميري) , الاحزاب السياسية يا سادة محدودة بايدولوجيات بالية فكريا وثبت فشلها تاريخيا حتى في اوطانها التي بعثت منها , لن اقوم بالدخول في كل ايدلوجيا للاحزاب المشهورة لدينا فعمنا قوقل موجود وللقاري حرية البحث و التحليل في هذا الجانب , فكل حزب شايت في اتجاه و مثبت في قضيب حديدي لا يمكن ان يخرج منه , ولن اتطرق الي مسئلة التخوين والعماله ايضا فمن المعروف ان لهذه الاحزاب تحالفات سياسية مع دول اخرى تحصل منها علي الدعم المادي وتتردد عليها في بجاحه وعلى عينك يا تاجر !!! اما عسكرنا اليوم ليسوا بعسكر الامس , فخلال 30 سنه كامله من حكم بني كوز تم اعادة هيكلة المؤسسة العسكرية بالكامل وصناعة عقيدة جديدة لمنسوبيها تدين بالولاء لتنظيم الاخوان المسلمين وهو في نظري تنظيم ارهابي في المقام الاول , ليعيشو وهم الدولة الدينية و قيام دولة الخلافة لهزم امريكا وروسيا واحلام طائشة دفع ثمنها ابناء وبنات هذا الشعب , فقد فطن تنظيم الاخوان المتأسلمين الي خطورة الجيش التاريخية و اهمية السيطرة علي هذه المؤسسة التي من المفترض ان تحمي الشعب والوطن , فقاموا بتمكين منسوبيهم في المراكز القيادية بالجيش ليعملوا علي علي حماية النظام الحاكم والذي لم يكن من منسوبيهم المباشرين صار تابع يشترى بحفنه من الجنيهات و مخصصات اخرى عند التقاعد , فهذا حالهم الان الا من رحم ربي وهم قلة جدا لا يعول عليهم , ولكن الشعب السوداني المارد الاسمر له باع طويل في الثورات وكل جيل بسلم البعده , فبقيام الثورة اجبر هولاء المرتزقة على تسليم الحكم و تسليم صف القيادات السياسية للتنظيم الارهابي ولكن ظلت لجنتهم الامنية قابضة علي البلاد لتوقع اتفاق الشراكة مجبورة بضغوط دولية مع المكون المدني الممثل للثورة حينها قوى الحرية والتغيير , وحتي يومنا هذا ما زال الكثير من عناصر الاخوان المسلمين يعملون باريحية داخل معظم المؤسسات و الوزرات الحكومية , وشركاتهم مازالت تعمل في الكثير من القطاعات الحيوية تحت مظلة العسكر , هولاء يعملون جاهدين لاجهاض الثورة و ضد قحت , وهذا الذي ذكرت لا يعفي قحت من المسئولية عن التردي الذي يحدث الان امنيا واقتصاديا و سياسيا , فهم مشتتون و مشغولون بصراعاتهم الداخلية والشد والجذب في كافة القضايا والملفات , فما هي الحلول المطروحة امامنا للخروج من هذا النفق؟ ان قوى الحرية والتغيير تمثل الشق المدني في هذه الفترة الانتقالية , ارى انه يجب العمل علي اجبار قوى الحرية و التغيير كحاضنة سياسية علي اعادة هيكلة داخلية بحيث يتم اضافة الاجسام المدنية الاخرى من لجان المقاومة و منظمات المجتمع المدني والنقابات الي الحكومة الحالية كجسم رقابي يكون حاضر في كافة اجتماعات مجلس الوزراء و لديهم ممثلين داخل كل وزارة ومؤسسة حكومية وحتي لجان محاربة التمكين , وذلك لضمان استكمال الفترة الانتقالية وفق مصالح الشعب و حتى لا يكون هناك اي تعتيم في اتخاذ القرار كما يحدث في الفترة الحالية , هذه الخطوة لن تأتي الا بالتصعيد من الشارع السوداني بالادوات السلمية المعتادة و تنظيم هذه الاجسام وتوحيدها تحت مظله جسم قيادي واحد بنظام اساسي واضح متفق عليه ينظم الية اتخاذ القرار ومعالجة الخلافات و وسائل التواصل بين هذه الاجسام , بعدها مباشرة يتم فرض تكوين حكومة تكنوقراط جديدة بعيدة عن المحاصصات وايدلوجيات الاحزاب لتستلم مقاليد الحكم خلال الفترة الانتقالية وفق برنامج باهداف واضحه يمكن قياسها وتتبعها وتطبيقها لكافة الملفات يطرح علنا بموافقة قحت , ولتذهب الاحزاب السياسية لتعد العدة للانتخابات القادمة لتقنع جموع الشعب بالتصويت لها وفق برامجها المطروحه وليس الاشعار والكلام الفضفاض , هذا اذا ما كانت فعلا احزاب سياسية وليست تنظيمات ثورية خلقت لتعترض وتمهد للانقلابات العسكرية , فمخرجنا هو العبور بالبلاد الي نظام حكم ديمقراطي ليبرالي يحمي حقوق الاقليات ويحتفى يتنوعنا و اختلافنا كمصدر قوة لنهضة البلاد.