للمرة الأولى.. السعودية تواجه نفس الخصوم في كأس العالم    بدء نبش ونقل رفاة معركة الكرامة الاثنين المقبل بمحلية الخرطوم    الجنائية الدولية تصدر حكمها في قضية "كوشيب " 9 ديسمبر    شاهد بالصورة والفيديو.. طفل عراقي يفاجئ والده والحاضرين ويتوقع فوز صقور الجديان على منتخب بلاده في كأس العرب والجمهور السوداني: (ربنا يسمع منك)    فوائد النعناع واستخداماته العلاجية.. تعرّف عليها    اكتشاف ثوري يربط جودة النوم بصحة الأمعاء    السودان.. المحكمة تصدر حكمًا قاسياً على معلّم الثانوي    ترامب .."لا أريد الجوائز... أريد إنقاذ الأرواح"    السكري وصحة الفم.. علاقة متبادلة    العبيد أحمد مروح يكتب: أمريكا كانت تعرف، فلماذا سمحت بذبح السودانيين ؟    السودان يندّد بالمذبحة الجديدة    الأهلي الأبيض يتجاوز الناصر أمدرمان في الدوري العام    الصفا الابيض يكتسح الاهلي نيالا بخماسية    رئيس مَوالِيد مُدَرّجَات الهِلال    مان يونايتد يفشل في تحقيق الفوز    شاهد بالصورة والفيديو.. طفل عراقي يفاجئ والده والحاضرين ويتوقع فوز صقور الجديان على منتخب بلاده في كأس العرب والجمهور السوداني: (ربنا يسمع منك)    شاهد.. أحد أفراد الدعم السريع يفجر مفاجأة داوية وينقل لزملائه خبر وفاة قائد ثاني المليشيا عبد الرحيم دقلو    شاهد.. أحد أفراد الدعم السريع يفجر مفاجأة داوية وينقل لزملائه خبر وفاة قائد ثاني المليشيا عبد الرحيم دقلو    شاهد الفيديو الذي أشعل الحرب بين المطربتين هدى عربي وأفراح عصام في زفاف "ريماز" والجمهور يلوم السلطانة: (مطاعنات قونات)    شاهد الفيديو الذي أشعل الحرب بين المطربتين هدى عربي وأفراح عصام في زفاف "ريماز" والجمهور يلوم السلطانة: (مطاعنات قونات)    نتيجة قرعة كأس العالم 2026.. تعرف على طريق المنتخبات العربية في المونديال    بالصورة.. الفنانة أفراح عصام تفتح النار على مطربة شهيرة عقب نهاية حفل زفاف ريماز ميرغني: من عرفتك نحنا بنسجل في البرنامج وانتي في محاكم الآداب وقبلها المخدرات مع (….) وتبقي فنانه شيك كيف وانتي مكفتة ومطرودة!!    "روفا" الرئة الثالثة التي لا تتوقف عن الركض للهلال والسودان    إصابات وسط اللاعبين..بعثة منتخب في السودان تتعرّض لعملية نهب مسلّح    "يارحمن" تعيد الفنانة نانسي عجاج إلى القمة.. أغنية تهز مشاعر السودانيين    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    كامل إدريس يوجه برفع كفاءة قطاع التعدين    شاهد بالصورة والفيديو.. الخبراء بالأستوديو التحليلي لمباراة السودان والجزائر يجمعون على وجود ضربة جزاء صحيحة لصقور الجديان ويعبرون عن استغرابهم الشديد: (لماذا لم يرجع الحكم المصري للفار؟)    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة ترامب توقف رسميا إجراءات الهجرة والتجنيس من 19 دولة    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    الخرطوم تعيد افتتاح أسواق البيع المخفض    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الأمين العام للأمم المتحدة: صراع غزة الأكثر دموية للصحفيين منذ عقود    بشكلٍ كاملٍ..مياه الخرطوم تعلن إيقاف محطة سوبا    فيلم ملكة القطن السوداني يحصد جائزة الجمهور    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    العطش يضرب القسم الشمالي، والمزارعون يتجهون للاعتصام    إخطار جديد للميليشيا ومهلة لأسبوع واحد..ماذا هناك؟    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    بالصورة.. مذيعة سودانية كانت تقيم في لبنان: (أعتقد والله اعلم إن أنا اكتر انسان اتسأل حشجع مين باعتبار اني جاسوسة مدسوسة على الاتنين) والجمهور يسخر: (هاردلك يا نانسي عجرم)    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قوات الدعم السريع وآفاق الديمقراطية في المرحلة الانتقالية في السودان
استيفن أمين أرنو
نشر في الراكوبة يوم 13 - 06 - 2021

يثير الموقف الشاذ لقوات الدعم السريع (RSF) في الهيكل الأمني السوداني تساؤلاً حول الاحتمالات المرتقبة في التحول الديمقراطي و كيف للسودان ان ينعم بالسلام و الاستقرار في و جود قوتين نظاميتين احدهما تحت امرة الدولة بينما الآخري تحت قيادة اسرة لها ميزانية خاصة لا تخضع للرقابة و لها علاقات خارجية ممتدة خارج النظم الدبلوماسية الرسمية. هذه هي حقيقة قوات الدعم السريع و التي تتمتع بوضعية خاصة لا تخضع لرقابة الدولة و النظم الديمقراطية فمهما برر المسؤولون لوجود هذه القوات ، فإن الواقع يقدم أدلة مضادة. هذا المقال يتناول ظاهرة الدعم السريع من منظور منهج دراسات الأمن الحديث معللاً بأنه و بالرغم من الاستخدام المتزايد للهيئات الأمنية الخاصة محليًا ودوليًا ، فإن الوضع الحالي لقوات الدعم السريع يضر بعملية التحول الديمقراطي ويرجع ذلك إلى طبيعة وبنية هذه القوات وعقيدتها المبنية علي منهج مكافحة التمرد (counter insurgency). هذه القوات تستقي شرعيته من قانون مكافحة التمرد و الذي اعطاها السلطة في الانتهاكات خارج العرف القانوني (extra-judicial) بينما تستمد سلطتها المالية بالسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي الغنية بالموارد المعدنية لتحفيز افرادها. فقبل الدخول في صدر المقال ساتناول بإيجاز وجهات النظر حول استخدام القوات العسكرية والأمنية الخاصة بشكل عام.
تعتبر الشركات الأمنية و العسكرية الخاصة احد أهم التطورات الحديثة في دراسات الأمن نسبة لدورها المتصاعد في سد الثغرات الأمنية خاصة بعد الحرب الباردة وما بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر. ويرجع ذلك أساسًا إلى قدرة هذه القوات فى التعامل مع مواقف تعتبر ذات كلفة عالية للجيوش التقليدية. علي هذا الاساس تعاقدت الحكومة الامريكية مع بعض الشركات الخاصة مثل البلاك ووتر (Blackwater) في حربها بالخليج و حربها علي الإرهاب مثل حربها في العراق وأفغانستان و الصومال كما تعاقدت سيراليون و انغولا مع شركات امنية خاصة مثل ساندلاين (Sandline) و اكيزيكتيف اوتكام (Executive Outcome). بعض الامثلة الحديثة تشمل تعاقد حكومة جمهورية إفريقيا الوسطى مع عسكريين روس لتعزيز قدرتها الأمنية في ردع المتمردين وتدريب قواتها العسكرية. فبالرغم من اختلاف قوات الدعم السريع حيث التكوين لكن بلا شك ان فكرة صنع قوات خاصة خارج المنظومة الامنية لتعمل علي نظام التعاقد لتقوم بالادوار القذرة (dirty work) ليست بعيدة عن فكر النظام البائد في تكوينه للدعم السريع خصوصاً بعد اتهام رموزه و رئيسه في العام 2009م بضلوعهم في الانتهاكات الجسيمة بدارفور.
في كتابه "السياسة الحقيقية للقرن الأفريقي: المال والحرب وأعمال السلطة" استحدث بروفيسور اليكس دي ووال مصطلح "الريعية العسكرية" (military rentierism) لوصفه الدور الناشئ لبلدان مثل أوغندا وبوروندي و مساهمتهما بقوات في الصومال كوسيلة لكسب الموارد المالية. الأمر نفسه ينطبق على قوات الدعم السريع التي اصبحت جزءاً من حملة "عاصفة الحزم" في اليمن بقيادة التحالف العربي نظير اموال لافرادها و قياداتها اما علي الصعيد المحلي، تمت مكافأة قوات الدعم السريع على جهودها في مكافحة التمرد بمنحها السيطرة على مناجم ذهب جبل عامر والتي تزعم بايلولتها للحكومة العام الماضي.
فاجهزة الامن و القوات العسكرية الخاصة اصبحت و سيلة لرمي اللوم في حالة الانتهاكات الخطيرة كما هو الحال مع شركة بلاك ووتر و انتهاكاتها في سجن ابو غريب او قضايا غسيل الاموال او الجريمة المنظمة لأن في الاساس هذه القوات متعاقدة و ليس لها سلسلة (قيادة – و سيطرة) و اضحة. هذا ما جعل الرافضين لفكرة المؤسسات الامنية الخاصة يرون الدور السالب لها بأعتبارها مسؤؤلة عن تقويض سيطرة الدولة علي الاوضاع وبالتالي تقوض العملية الديمقراطية. و يُخشى المراقبون بأن وجود مثل هذه القوات في دولاً تعاني من هشاشة في المؤسسات و قصور في الحوكمة بان تقوم الأنظمة الاستبدادية على استخدام هذه القوات لقمع وتقويض الحكم الديمقراطي. ومن الأمثلة نذكر كيف طلب الرئيس السابق عمر البشير، في ابريل 2019م ، من قائد قوات الدعم السريع بفض الاعتصام لحمايته من الاحتجاجات التي تهدد حكمه.
هناك من يري بأن القوات الأمنية و العسكرية الخاصة مفيدة لمعالجة المواقف المستعصية حيث تكون المواقف فوضوية ولا تسمح بتدخل الجيوش التقليدية. هذا الرأي يبرر منهج التدخلات الدولية لمنع الإبادة الجماعية أو العنف الواسع النطاق. من المثير للاهتمام أن قوات الدعم السريع قد تم اعدادها لتقوم بادوار لا يمكن للجيش القيام بها و بهذا اصبحوا جزءا من اهلنة (civilianization of conflict) الصراع بدارفور مما يفسر الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين بدارفور حيث أدى إلى نزوح ما يقارب المليوني شخص ، وقتل حوالي نصف مليون في غضون عام . فاهلنة الصراع المسلح باستحداث قوات خارج المنظومة العسكرية وجذب المدنيين الي الصراع كمقاتلين و جناة انتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني. فمن المعيب لحكومة ما بعد الثورة ان تحتفظ بقوات ضالعة في انتهاكات جسيمة و موثقة دولياً مثل قوات الدعم السريع التي كانت جزءًا من عملية اهلنة الصراع بداية بالجنجويد ثم حرس الحدود و لاحقاً قوات الدعم السريع.
فأن وجود قوة ضخمة لها تاريخ من الفظائع و انتهاك حقوق الإنسان دون مساءلة او تسريح كامل يقوض التحول الديمقراطي في السودان و ذلك لعدة الأسباب. أولاً ، هذه القوات التي تم تجميعها كجزء من مكافحة التمرد ليس لديها تفويضاً حالياً لمواصلة مهامها كقوة قتالية دائمة خارج التسلسل الهرمي العسكري و لا سيما ان الحكومة ضالعة حالياً في التفاوض مع كل المجموعات المتمردة .
ثانيًا ، كما يدعي البعض فأن قوات الدعم السريع تأسست بموجب قانون صادق عليه البرلمان المحلول ، تجدر الإشارة إلى أن النظام القانوني الذي تشكلت بموجبه هذه القوات باطلة خصوصاً بعد الإطاحة بالنظام الذي أنشاءها. علاوة على ذلك ، فإن البرلمان لم يكن ممثلاً لجميع السودانيين ولهذا السبب أقر مشروع قانون يسمح بتنفيذ الفظائع ضد بعض السودانيين. من المعروف أن مهمة قوات الدعم السريع هي محاربة التمرد في دارفور وأماكن أخرى مما جعلها ترتكب فظائع ضد مجتمعات تعتبر متعاطفة مع المتمردين. هل سودان ما بعد الثورة في حاجة إلى قوات بهذا التفويض؟
فتمادي البعض بتصوير هذه القوات كقوة وطنية ينكره الواقع خصوصاً اذا تسألنا كيف لقوة كهذه يكون في هرمها شقيقان و ما هي معيير تعيينهم كقائد و قائد مناوب – في كل الانظمة المعروفة لا يمكن توظيف فردين من نفس العائلة في نفس المنظومة. بلا شك أن قوات الدعم السريع جيش خاص ، له تسلسل هرمي مستقل تديره عائلة حميدتي وتدير أعماله بشكل مستقل عن الدولة. وهذا يجعل وجودها تحديًا للديمقراطية حيث تخضع كل القوات المسلحة للإرادة الديمقراطية للشعب من خلال للحكم المدني.
أخيراً و نظرًا للمخاوف الحالية بمفاوضات السلام السودانية بشأن دمج قوات الدعم السريع وآخرين في جيش واحد ، فإن القضية لا تتعلق بوجود جيش واحد بل تتعلق أكثر بإصلاح قطاع الأمن لجعله مهنياً مضطلعاً بدوره بعيداً عن السوق و السياسة. فمسألة بناء جيش واحد و طني غير مؤدلج ليست للمساومة و التفاوض بل مسألة إصلاح يضمن مستقبل السودان الديمقراطي.
أستيفن أمين ارنو مرشح لنيل الدكتوراة من الجامعة الأمريكية- بافريقيا (نيروبي) متخصصا في دراسات الأمن و السلام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.