عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصارف السودانية بين خيارات الاندماج او الاستحواذ او زيادة راس المال
صلاح احمد بله احمد
نشر في الراكوبة يوم 17 - 06 - 2021

تعتبر عملية الاندماج والاستحواذ من ابرز مظاهر العولمة والمنافسة وعصر التكتلات الاقتصادية والمالية الكبيرة ، لرفع كفاءة الجهاز المصرفى كقطاع حيوى للتنمية الاقتصادية ، واعادة الثقة بينه وبين العملاء وخلق كيانات مصرفية كبيرة الحجم لديها القدرة على المساهمة فى تمويل المشروعات الاستثمارية الكبيرة بما يعزز التنمية الاقتصادية و مواجهة المتغيرات المالية العالمية فى المستقبل ورغم ان الاندماج له نتائج ايجابية كبيرة فايضا له نتائج سلبية تعتمد على مبررات الاندماج وفقاً لظروف معينة .
فالاندماج يتم نتيجة لظروف اقتصادية تقتضى معالجة تدهور فى القطاع المصرفى مثلما يحدث الان فى السودان ، ليتمكن القطاع من تكوين وحدات مصرفية قادرة على تقديم خدمات مصرفية بكفاءة عالية وتحقيق الاهداف ومواجهة التحديات والشروط الواجب توفرها فى المصارف من اجل الدخول فى الاسواق العالمية وتعزيز الملاءة والرقابة ، كما ان الانماج يمكن ان يكون احد الحلول لمشكلة التعثر التى تعانى منها البنوك السودانية ، ويساعد على تقديم خدمات ومنتجات مصرفية جديدة كما يساعد على توفير ادارة مصرفية عالية المستوى ترفع من شأن الكفاءة الفنية والتشغيلية للكيان الجديد
ورغم ان الاندماج له مزايا عديدة ، الا ان له ايضا سلبيات منها فقدان الكفاءات من الموظفين لوظائفهم بما يحتم ايجاد فرص وظيفية جديدة بديله منعاً لزيادة البطالة ، كما ان هذه الكيانات الجديدة يمكن ان تستأثر بالسوق وتعمل على ترسيخ وتعميق الاحتكار وبالتالى تفرض شروطها على السوق وعلى المتعاملين .
قد لا يكون الاندماج الحل الامثل لكل التحديات التى تواجه القطاع المصرفى وليس الطريق الاوحد لاعادة هيكلة المصارف واخراجها من ازمتها ، فهنالك من المقومات التى يمكن ان توفر الحلول المناسبة للاصلاح ومواجهة العقبات التى تقف عائقاً امام القيام بدوره ، والتى تشمل اختيار ادارات مصرفية عالية الكفاءة مواكبة للمستجدات وتطور الصناعة المصرفية وفق احدث التقنيات العالمية وكذلك تشمل المقومات هذه تطوير القوانين والتشريعات المصرفية والعمل وفقاً للمعايير العالمية المتجددة .
ومما يجب ذكره بأن خطوات الاندماج او زيادة راس المال للقطاع المصرفى يسبقها تقييم لاداء المصارف من البنك المركزى يتضمن – كفاية راس المال – جودة الاصول – جودة الادارة – ادارة الربحية – ادارة السيولة – والحساسية تجاه مخاطر السوق ، وتحديد مؤشرات القوة والضعف للعمليات المالية والتشغيلية والادارية للمصرف ، وتحديد اى الخيارات تناسب وضع المصرف وهى عملية تقييم وقياس ودرجة تصنيف للتأكد من قدرة المصرف على الاستمرار او الدمج ( وهو ما يعرف بمؤشر CAMELS – وهومؤشر سريع الاحاطة بالوضعية المالية لاى بنك ، كما انه احد الوسائل الرقابية التى تتم عن طريق التفتيش الميدانى .
فبرغم ان القطاع المصرفى هو راس الرمح ومرآة لعكس تعافى اقتصاديات الدول – ولكنه فى وطننا يعكس حجم ما يعانيه الاقتصاد الكلى ، لذلك لم يتمكن هذا القطاع من النهوض جراء ما وصل اليه حاله – اما بسبب الحصار او بسبب غياب الرؤية للاصلاح الاقتصادى الشامل او بسبب الفساد المستشرى فى هذا القطاع او بحجم التعثر فيه و تبديد الموارد على قلتها فى مشروعات فاشله ومحافظ استثمارية صوريه نهبت كل مدخرات هذه البنوك وذهب الى جيوب النافذين واصابت هذا القطاع بالفشل ، او بسبب ولاءات مجالس الادارات لنافذين بالدولة حالت دون اعادة هيكلة هذه المصارف بتدخل من البنك المركزى ، وبرغم هذا الوضع المزرى الا ان عرابى العولمة واقتصاد السوق من الاقتصاديين لم يجتهدوا على التوافق لرؤية محددة وخطط استراتيجية للنهوض بهذا القطاع فى اطار الاصلاح الكلى للقطاع الاقتصادى ، بدأً بالبنك المركزى والذى يحتاج الى الاصلاح واعادة الهيكلة قبل البنوك السودانية – فهو الشريك فى اكثر من 11 مصرفاً وينسحب عليه التسبب فى التعثر والفساد واهدار موارد الوطن وابتعاده عن دوره الرقابى والاشرافى ووضع السياسات والضوابط واللوائح .
الاندماج المصرفى : BANKING MERGER
ويقصد به اندماج مصرفين فى كيان واحد بمسمى جديد او مسمى مختلط من الاسمين السابقين او مسمى احدمهما فقد يكون الاندماج اختيارى بين بنكين بموافقتهما – او اجبارى نتيجة فشل بنك فى توفيق اوضاعه بحجم التعثر وضعف راسماله ، وهنا يتدخل البنك المركزى لدمج هذا المصرف فى بنك اخر ليذوب فى هذا البنك الدامج ، او تكوين بنك بمسى جديد – واذا لم يوافق البنك المتعثر على عملية الاندماج فلا خيار غير شطبه وتصفيته .
لقد شهدت الصناعة المصرفية فى الاونة الاخيرة نموأ وتطوراً كبيراً على المستوى العالمى من خلال عمليات الاندماج والاستحواذ لمصارف كبيرة ساهمت فى زيادة قدرتها على النمو والاستمرارية فى السوق وتطوير الخدمات المصرفية .
وقد شهد العام 1970 م سودنة العديد من البنوك الاجنبية العاملة بالسودان ، امثال بنك باركليز و الكريدت ليونيه ، والبنك العربى وبنك مصر – وتحولت الى مسميات جديدة كبنك الدولة للتجارة الخارجية وبنك امدرمان وبنك جوبا التجارى وبنك البحر والاحمر التجارى وبنك الشعب التعاونى .
وففى عام 1975 تمت اول عملية هيكلة للقطاع المصرفى السودانى بدمج بنك جوبا التجارى وبنك امدرمان ليصبح بنك الوحدة ، ودمج البنك العربى والتجارى الاثيوبى فى النيلين وبنك الدولة للتجارة الخارجية ليصبح بنك الخرطوم -وفى عام 1982 تم دمج بنك الشعب التعاونى فى بنك الخرطوم بقرار من البنك المركزى بعد تعثره وتآكل راسماله ثم فى عام 1993 دمج بنك الوحدة والبنك القومى للاستيراد والتصدير فى بنك الخرطوم ، كم دمج فى نفس العام البنك الصناعى فى بنك النيلين بمسمى جديد وهو بنك النيلين للتنمية الصناعية ، ودمج البنك التجارى فى بنك المزارع عام 1998 ، و دمج بنك النيل الازرق مع بنك المشرق ليصبح الكين الجديد بنك النيل الازرق المشرق وهو اندماج اختيارى واخر اندماج فى 2008 م باندماج بنك السودان والامارات فى بنك الخرطوم .
وبما ان القطاع المصرفى السودانى برمته بما فيه البنك المركزى يحتاج الى اصلاح شامل من خلال تحسين الحوكمة والضبط المؤسسى وايجاد ادارة مصرفية على درجة عالية من الكفاءة والخبرة والمواكبة للتطور الذى حدث للصناعة المصرفية وغياب السودان عنها سنين طويله .
فقد استبشر المصرفيين والاقتصاديين وكثيرين خيرا بما صدر اخير بقرب اندماج بعض المصارف مع بعضها واستحواذ اخرى لاخرى – وزيادة راس مال بعض البنوك بشراكات محلية او خارجية – بنهاية هذا العام – حتى تتمكن الكيانات المصرفية الجديدة من تصحيح مسار هذا القطاع الحيوى وتحسين الحوكمة والنظم القانونية ودعم وتقوية آليات الرقابة ومواكبة الاجراءات والاحترازات العالمية التى تتطلبها مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب وانتشار التسليح ومحاربة الفساد والتزوير – والامتثال للتوصيات التى تصدر من المؤسسات و المنظمات التى تهتم بالشأن المالى والمصرفى وتعمل وفقاً للمعايير الدولية المستحدثة اخيراً .
واذا تطرقنا لرؤس الاموال البنوك الاجنبية العامله بالسودان ، نجد ان راسمالها لايتجاوز 10 مليون دولار رغم انها اسست براسمال مدفوع باكثر من 100 مليون دولار فى تاريخ انشائها بعد عام 2000 م ، اذ الزام البنك المركزى هذه البنوك بتحويل راسمالها الى العملة المحلية بعد منحها الترخيص المطلوب لمزاولة نشاطها – مما اضعف قيمة رساميلها بعد سنوات قليله نتيجة للتدهور المتسارع فى قيمة العملة الوطنية ، مما افقد هذه البنوك اى دور للمساهمة فى التنمية الاقتصادية – واصبحت اسيرة للوضع الاقتصادى المتدهور وتبعيات الحصار الاقتصادى على السودان حالها كحال البنوك المحلية .
اما القطاع المصرفى فى المحيط العربى والاقليمى ، نجد ان هنالك خطوات متسارعة الى تكوين كيانات مصرفية عملاقة لمواكبة التطورات الاقتصادية المتلاحقة ، وقد شهدت البنوك الخليجية تحديداً العديد من الاندماجات والاستحواذ فيما بينها خاصة فى الامارات وقطر والسعودية .
فقد تم فى السنوات الاخيرة اندماج بنك ابوظبى التجارى مع بنك الاتحاد الوطنى لينتج عنهم بنك ابوظبى التجارى ويستحوذ على مصرف الهلال بهويته الاسلامية – ليصبح ثالث اكبر مؤسسة مصرفية بالامارات وخامس اكبر مؤسسة مصرفية بالخليج ، كما اندمج بنك الخليج الاول مع بنك ابوظبى الوطنى لينشأ بنك ابوظبى الاول فى ابريل 2017 م ، اما فى المملكة العربية السعودية فانه سيتم بنهاية النصف الاول من العام 2021 م انماج البنك الاهلى التجارى مع البنك السعودى الامريكى لينشأ كيان جديد باسم البنك الاهلى السعودى .
وهنا اشير الى ان البنك السعودى الامريكى ( سامبا ) هو نتاج اندماج بين البنك السعودى التجارى المتحد والبنك السعودى الامريكى – والبنك السعودى التجارى المتحد نفسه كان نتيجة اندماج بين بنك القاهرة السعودى والبنك السعودى التجارى .
اما فى دولة قطر فقد تم فى ااكتوبر 2020م اندماج بنك بروة القطرى مع بنك قطر الدولى – وهوالاندماج الاول من نوعه فى قطر ، لينشأ بنك دخان .
الاستحواذ :- Acquisition
وهو شراء وامتلاك اسهم بنك الى بنك اخر من سوق الاوراق المالية بما لا يقل عن 50% من اسهم البنك محل الاستحواذ دون زواله وبالتالى السيطرة على قرارات مجلس الادارة او الجمعية العمومية المالية والادارية رغم استمرار الشخصية القانونية لكل منهما .
فقد سبق وان استحوذ بنك قطر الوطنى على 99.81% من اسهم فاينانس بنك التركى فى يونيو 2016م فى اطار سياساته للتوسع الخارجى ، ثم بعد فترة استحوذ على ما تبقى من نسبة اسهم ( 19.% ) ليصبح بالكامل مملوكا لبنك قطر الوطنى .
كما اعلن بنك ابوظبى الاول عن الوصول لاتفاق باستحواذه على بنك عوده مصر ، فى صفقة قد تصل الى 700 مليون دولار – كما اعلنت المؤسسة العربية المصرفية ABC عن عزمها الاستحواذ على بنك بلوم مصر فى صفقة وصلت الى 427 مليون دولار امريكى وربما تكون قد اكتملت هذه الصفقات فى النصف الاول لهذا العام .
زيادة رأس المال :- Capital Increas
لقد اصاب تدهور القطاع المصرفى اصحاب رؤس اموال بعض البنوك فى مقتل حيث تأكلت وضعفت رساميلها وتدنت قيمة اصولها وانخفضت ودائعها وارتفعت نسبة التعثر فيها مع تحقيق خسائر متوالية ان لم تكن ارباح بالنذر اليسير ورغم هذا الوضع والذى امتد لسنوات ، لم يتحرك بنك السودان المركزى لايجاد معالجات لهذه المصارف الا مؤخراً ، ولم يفصح عن هذه البنوك التى سوف تدمج او يتم الاستحواذ علبها من بنوك اخرى او التى ارتضت بزيادة راس مالها خلال فترة محددة دون تحديد الحد الادنى لراس المال المطلوب والذى يجب ان يكون نتاج زيادة حقيقية نقدية من كبار المساهمين وتسييل بعض الاصول الثابتة والتخلص من الاستثمارات والاسهم فى قطاعات اخرى وتقليل المصروفات وزيادة الايرادات ورسلمة الارباح ودخول مساهمين جدد وضخ مزيد من الاموال لزيادة راس المال ، علماً ان هنالك معيار موحد لكفاية راس المال ملزم لكل البنوك فى العالم ومعيار دولى للدلالة على مكانة المركز المالى للبنك بما يقوى من ثقة المودعين وحمايتهم ( بازل ااا ) .
ففى عام 2000 بدأ بنك السودان المركزى فى برنامج لهيكلة القطاع المصرفى بهدف خلق كيانات مصرفية قوية وذات ملاءة مالية عالية تساهم فى التنمية الاقتصادية – واختارت معظم البنوك زيادة راس المال بدلا عن الاندماج الا انها لم تتمكن من ذلك رغم انها قد منحت فترة زمنية لاكثر من عامين ، ولم يكن لبنك السودان المركزى خيارات اخرى للبنوك فى حال فشلت هذه البنوك فى زيادة راس المال – وهذا ما ادى لوصول حال الجهاز المصرفى لما فيه الان .
هنالك اسئلة مشروعة تدور فى ذهن كل متابع ومراقب لوضع قطاعنا المصرفى .
هل راس المال فى البنوك السودانية ملائم وكاف للانشطة التى تقوم بها ؟
هل طبقت البنوك السودانية مقررات بازل ا – بازل اا– بازل ااا ؟
ماهى الخطوات التى اقدم عليها بنك السودان المركزى للتأكد من تطبيق البنوك لمقرارات بازل ااا – وما هى استعدادت البنك المركزى للتعامل مع بازل iv – التى سيبدأ تطبيقها فى يناير 2022 – وفى ظل النافذة التقليدية التى اجيزت اخيراً ؟
هل قام بنك السودان المركزى بتأهيل وتدريب موظفى البنوك لتطبيق هذه المعايير – بعد تنقيحها من مجلس الخدمات الاسلامية بما يتناسب و متطلبات المصارف الاسلامية ؟
ان اولى الخطوات للاصلاح الشامل للقطاع المصرفى ذو النافذتين الاسلامية والتقليدية ، تبدأ بالبنك المركزى نفسه باصلاح التشريعات والقوانين الاتية :-
– قانون بنك السودان المركزى الذى صدر فى 1959 – وعدل بقانون 2002 ثم 2005 تعديل 2014 مازال ساريا ويحتاج الى تعديل خاصة بعد اجازة النظام المزدوج .
– قانون تنظيم العمل المصرفى لهام 1991 تعديل 2004 تعديل 2014 والى يومنا هذا .
– قانون مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب الصدار فى عام 2010 تعديل 2014 – يحتاج الى مراجعة لمواكبة التعديلات التى طرأت اخيراً على المستوى العالمى .
– قانون الاموال المرهونة للبنوك لعام 1990 م – ووصول حجم التعثر بالبنوك الى معدلات تجاوزت كل التوقع .
– قانون جرائم المعلوماتية 2007 .
– قانون المعاملات الالكترونية لعام 2007 – الذى لم يطرأ عليه تعديل – وما يحدث من اختراقات لحسابات واموال المودعين خير شاهد على ضعف الحماية والتامين وفقدان القوانين الصارمة فى هذا المنحى .
– قانون التعامل بالنقد – والنقد الاجنبى – لعام 1981 – تعديل فى اللائحة عام 1999م والى يومنا هذا .
هذا مايلى تعديل القوانين لاصلاح البنك المركزى والقطاع المصرفى والمالى باكمله ، اضف لذلك مطلوبات اخرى يجب ان تترافق مع الهيكلة واصلاح القوانين والتشريعات حتى ينهض هذا القطاع الحيوى ومنها :-
– الفصل بين منصب رئيس مجلس الادا رة و محافظ البنك المركزى ( توصيات المؤتمر الاقتصادى ) .
– خروج البنك المركزى من مساهماته فى بعض البنوك ( مساهمة فى 11 بنكاً ) ، ليكون على خط واحد مع كل البنوك ، والحفاظ على حياديته فى الاشراف والرقابة .
– التركيز على كفاءة القيادات المصرفية العليا بالبنوك خاصة المديرين العموميين – و ان يكونو مصرفيين مهنيين مع الالتزام بمعيار الكفاءة والخبرة .
– اعادة كل حسابات الوزارات والمصالح والمؤسسات الحكومية الى البنك المركزى عدا المؤسسات الايرادية فقط كالجمارك والضرائب وتحديد جدول زمنى لاضافتها لحساب وزارة المالية فى اطار ولاية وزارة المالية على كل الايرادات والمصروفات من خلال حسابها الموحد بالبنك المركزى
والتى تشكل ودائع ضخمة لبعض المصارف دون الاخرى .
– الحد من هيمنة وسيادة السياسة المالية على السياسة النقدية ، وخروج البنك المركزى من تمويل شراء وتصدير الذهب والذى تسبب فى زيادة حجم التمويل للحكومة بطباعة المزيد من اوراق النقد – علمأ ان حجم التمويل الممنوح من الجهاز المصرفى للحكومة المركزية قد بلغ 533,567 مليون جنيه فى يونيو 2020م ، مقارنة ب 407,284 مليون بنهاية عام 2019م ، وازداد عرض النفود فى يونيو 2020 الى 839,238 مليون جنيه مقارنة ب 689,798 مليون جنيه فى نهاية 2019 م – نتيجة ازدياد طلب الجمهور على النقود فى ظل تباطأ الجهود لتحويل الاقتصاد الى التعامل بوسائل الدفع غير النقدية ( المصدر – ورقة بنك السودان للمؤتمر الاقتصادى ) لذلك ارتفع حجم العملة لدى الجمهور الى 346,019 مليون جنيه فى يونيو 2020 مقارنة ب 281,336 مليون فى نهاية 2019 اى بزيادة 64,683 مليون جنيه ، فيما بلغ حجم العملة لدى المصارف 32,852 مليون جنيه فى يونيو 2020 مقارنة ب 13,938 مليون جنيه بنهاية عام 2019م – اى بزيادة 18,914 مليون جنيه ( المصدر ورقة بنك السودان للمؤتمر الاقتصادى ) .
– تطوير الاطر التشريعية لقطاع سوق المال .
مزايا الاندماج والاستحواذ :-
– عودة الثقة للقطاع المصرفى وتعزيز ثقة المساهمين ، وتشجيع العملاء على اعادة مدخراتهم من الخارج وفى الداخل للمصارف ، مما يساهم فى زيادة ودائع البنوك بما يمكنها من زيادة حجم المحافظ الاستثمارية لتمويل كافة القطاعات ، خاصة الزراعية والصناعية والخدمية .
– وجود كيانات مصرفية كبيرة لها القدرة فى التواجد والمنافسة واعادة العلاقات المصرفية الخارجية على المستوى الاقليمى والعالمى والتى تتطلب معايير محددة لكفاية راس المال ، ممثلة فى معايير لجنة بازل 2 وبازل 3 CORE CAPITAL – SUPPLEMENTARY CAPITAL – – والمعيار الدولى الجديد IFRS 9
– FINANCIAL REPORTING STANDARD – 9 ) INTERNATIONAL) – وهى معايير تتطلبها السلامة المصرفية والمالية والجدارة الائتمانية ولابد من التكييف معها لتعزيز الاستقرار المالى وحماية البنوك ضد اية مخاطر محتملة والاستعداد لمعايير لجنة بازل 4 والتى يبدأ تطبيقها فى يناير 2022 م .
– التوسع فى التعامل بنظام الدفع الالكترونى وادخال مزيد من التطبيقات المتقدمة فى مجال الدفع الالكترونى وحركة الاموال ، والتى حرم منها السودان خلال سنوات الحصار الاقتصادى ، وادخال بطاقات الائتمان العالمية ( فيزا كارد وماستر كارد واميريكان اكسبريس ) التى تساهم فى الحفاظ على الكتلة النقدية بالنقد الاجنبى داخل المصارف ، وتقليل الطلب على الدولار نقداً
– تحسين قاعدة الشمول المالى للمصارف تحت رقابة البنك المركزى فيما يلى تصنيف المنتجات والخدمات المصرفية المقدمة للعملاء ، بما يحقق التنمية الشاملة والمستدامة والعدالة الاجتماعية وتطوير آليات الرقابة والحوكمة وتحسين بيئة العمل .
– حافز لعودة الكوادر المصرفية المهاجرة للمساهمة فى تأهيل القطاع المصرفى والانضمام الى المصارف الوطنية و الاجنبية المتوقع عودتها لسوق العمل بالسودان .
– فتح المجالات التدريبية بالخارج لدى المؤسسات المصرفية والمالية للكوادر المصرفية والمالية لحضور الورش والسمنارات والدورات التدريبية ، لاعادة تأهيلها حتى تتمكن من مسايرة التطورات التى طرأت على المعاملات المصرفية العالمية .
تخفيف الضغوط السياسية على البنك المركزى من الدولة واصحاب المصلحة بما يمكنه من وضع سياسات نقدية وضوابط مصاحبة لها تتسق مع السياسات الكلية للاقتصاد ، ملزمة ومستقرة دون املاءات او تأثيرات خارجية وهذا يتطلب الاستقلالية التامة لبنك السودان المركزى ، وتحصين سياساته بالاطر القانونية واجازتها من اعلى سلطة تشريعية .
اخيرً علينا ان ندرك بأن عمليات الاندماج وكذا زيادة راس المال من كبار المساهمين او شراكات خارجية ، ليست بالامر السهل فهى تحتاج الى اجراءات قانونية وترتيبات ادارية وتوفيق اوضاع موظفين ومتسع من الوقت والتفاوض والتوافق ، لذا لابد ان يتم ذلك بطريقة دقيقة تراعى ماذكر فى اطار الحوكمة والشفافية بما يحفظ حقوق كل الاطراف ويراعى المصلحة العليا للوطن . .
صلاح احمد بله احمد
مصرفى – الدوحة فى 16 يونيو 2021


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.