(1) رغم كل موبقات نظام الإنقاذ البائد بحق السودان و السودانيين و رغم كل ما أقترفه الرجل بحق العمال العاديين عندما كان رئيسا لإتحاد نقابات عمال السودان و عضو قيادي في منظومة الظلم و القهر إلا انه و برأي المتواضع فإن أنجح وزير للخارجية السودانية و خاصة في التعاطي مع الملفين المصري و الخليجي خلال العقود الأربع الماضية كان البروفيسور إبراهيم غندور . غندور و مع حفظ تحفظات الجميع أعاد لنا بعضا من كرامتنا المهدرة على أعتاب جارتنا الشمالية و الكيانات البترودولارية ؛ الأمر الذي عجل برحيله بتآمر من قبل من في خلاياهم جينات التبعية و الإنهزامية . (2) ك غيري من الناس شاهدت و إستمعت الى حديث الدكتورة مريم الصادق بمقر الأممالمتحدة؛ الحديث الذي تناوله الناس و تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي بإسهاب بالغ. صحيح أنني لم أنل شرف العمل كسائق تاكسي أو حارس أمن بإحدي الدول الغربية (و هما المهنتان السابقتان لمعظم شاغلي المناصب الدستورية بالحكومة الانتقالية اليوم) و المؤكد بأنني و بكل صدق سأعتز بالعمل في اي من المهنتين الشريفتين (لو لا قيض الله لي مهنة اخرى لتوفير خبز الصباح) ؛ نعم رغم إفتقاري للأهلية المناسبة للتقييم إلا ان لغة وزيرة الخارجية كانت سليمة في قواعدها و نطق كلماتها و حضورها الجسدي. أما التردد الذي صاحب الحديث كان أكثر من طبيعي و هو يحدث حتى في الحديث بعاميتنا السودانية. (3) يتعيّن على إخوتنا الذين قضوا بعض الوقت بالغرب و إحتكوا بالآخرين بحكم مهنهم "البسيطة" هناك ان يدركوا بأن الانجليزية التي في طياتها أكثر من 500 ألف كلمة ؛ لغة مرنة يتحدث بها الناس و الشعوب و الأمم بلكنات مختلفة ، منها ( اللكنة الصينية ، العربية ، الروسية ، الهندية، النيجيرية ، و بطبيعة الحال السودانية – الاثيوبية) و تستوعب كلمات جديدة بإستمرار . لذا ليست من الحصافة ان تٌجبر الوزيرة مريم المهدي لتتحدث كما يتحدث المهاجر و العامل السوداني بمحطة من محطات الوقود بضاحية منهاتن . و اللغة أداة للتعبير عن الفكرة و ليست الفكرة نفسها. فرنسا بإرثها الفني و الثقافي و العلمي لم يمر عليها رئيس يتحدث الانجليزية بشكل مقبول منذ حوالي ثلاث عقود غير الرئيس الحالي امانويل ماكرون ، اي ابتداء من ( فرنسوا ميتران ، جاك شيراك ، نيكولاي ساركوزي الي فرنسوا اولان) . (4) لكن السيدة مريم المهدي تتطوّع و بكل إخلاص لتنفيذ الأجندة المصرية حول مياه النيل و سد النهضة تحديدا – و الأجندة المصرية ليست في تأمين حصة مصر من مياه النيل الأزرق ؛ لأن الجميع يدرك و في مقدمتهم الحكومة المصرية ان لا مساس بحصة مصر في حال قيام السد انما الأجندة المصرية الاساسية في منع السودان من الاستفادة من حصته التي تذهب الي مصر في كل عام بسبب عدم انتظام تدفق المياه عبر السودان . المصريون يتخوفون من إستغلال السودان لكامل نصيبه في حال قيام سد النهضة و انتظام انسياب المياه عبر السودان . الوزيرة ترفض مجرد التنسيق مع صاحب الإختصاص و وزير الري البروفيسور ياسر لا لشيء غير رفض الأخير لتبني اي أجندة غير السودانية في التعامل مع ملف سد النهضة . (5) وزيرة خارجيتنا التي ظلت تروِّج لأكثر من شهرين لما سميت بالمبادرة الاماراتية حول أرض الفشقة ، المبادرة المهينة و التي تسلب الأرض السودانية و تشارك إثيوبيا في ملكيتها على أن تستثمر فيها دولة الأمارات العربية المتحدة ( و التي مع كامل إحترامنا لها و لأهلها لم تكن دولة عندما كان الجنيه السوداني يعادل ثلاث دولارات أمريكية). وهي المهانة التي رفضتها كل القوى السياسية قبل ان يتحرك الجيش السوداني ليعيد الفشقة الي حضن تراب الوطن و يزيل عن كاهل حفيدة الامام عبدالرحمن المهدي عبء ( السمسرة ). نعم المنصورة مريم التي تقوم بأدوار كتلك يجب ان تنتقد في عملها و أدوارها و ليست في لغتها . [email protected]