للمرة الأولى منذ 30 عاماً أصدر رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، قراراً بتعيين مني أركو مناوي، رئيس حركة تحرير السودان، حاكماً لإقليم دارفور خلال الأشهر الماضية ، وهو منصب مستحدث بموجب اتفاق السلام بين الفصائل المسلحة والحكومة الانتقالية في أكتوبر الماضي.. القائد مني أركو مناوي وقع برفقة قادة فصائل آخرين اتفاق جوبا للسلام مع الحكومة الانتقالية العام الماضي ، و يبدي مسؤولون بوزارة الحكم الاتحادي في السودان منذ الإعلان؛ دهشتهم من تعيين مني أركو مناوي حاكماً لإقليم دارفور قبل تطبيق نظام الحكم الفدرالي الذي يمهد لعودة السودان إلى نظام الأقاليم بدلاً من الولايات. وعيّن حمدوك مناوي حاكماً لإقليم دارفور المكون حالياً من 5 ولايات، وجاء القرار استناداً إلى الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية واتفاقية السلام بين الحكومة الانتقالية والفصائل المسلحة العام الماضي، وكانت هنالك انتقادات واسعة لهذا القرار من قبل بعض مواطني ونازحي دارفور، حيث لا زالت إلى الآن بعض القبائل ترفض مناوي لبعض الاعتبارات. فرق كبير وقال د. عمر عبد العزيز؛ القيادي بالجبهة الثورية ل ( اليوم التالي) أولًا دعنا نتحدث عن نظام الحكم الإقليمي في السودان، إذ جاء بإقرار اتفاق جوبا للسلام في العام 2020 ولكن لم تحدد مستويات هذا الحكم، هنالك فرق كبير جداً بين نظام الحكم ومستويات الحكم، و اتفاقية جوبا أقرت الحكم الفدرالي الإقليمي في كل أقاليم السودان، ولكنها لم تحدد مستويات نظام الحكم، لابد أن تحدد الدوائر الداخلية في كل إقليم هل ستوزع داخل الإقليم الوحدات الإدارية في شكل محافظات أو مديريات مثل نظام الإنجليز السابق، أو في شكل مجالس ريفية، وهذا لم يحدد في اتفاق السلام؛ لأنه كان من اختصاصات مؤتمر الحكم والإدارة، الذي كان من المفترض أن يُعد خلال ستة أشهر من تاريخ توقيع السلام؛ لكن للأسف الشديد لم يُعد، والاتفاقية في نفسها تحدثت (إذا كان مؤتمر الحكم والإدارة لم ينعقد خلال الستة أشهر بعد توقيع الاتفاقية أقرت بأن يتم إعلان الحكم الإقليمي في دارفور بعد الشهر السابع من تاريخ التوقيع) وهذا ماحصل من قبل رئيس مجلس السيادة بتطبيق نظام الحكم الإقليمي في دارفور ، بمعنى آخر؛ عندما يتم إصدار إعلان الحكم الإقليمي في دارفور هذا يقتضي تعيين حاكم لدارفور، ولكن تنفيذ هذا القرار في مختلف اتجاهاته لا يمكن أن يكتمل التنفيذ مالم ينعقد المؤتمر؛ لأن المؤتمر يحدد اختصاصات حاكم الإقليم، والمؤتمر هو الذي يحدد مستويات الحكم الإقليمي كما ذكرت سابقاً. إلى الآن لم يعرف شكل الحكم، الى الآن لم يتحدد الشكل في دارفور هل سيكون في شكل محليات أو ولاة أو مجالس أو إدارات، فلا يمكن أن تكتمل الصورة مالم ينعقد مؤتمر الحكم المحلي، لأنه هو من يحدد اختصاصات الحكم وهو من يحدد مستويات الحكم .
وأضاف عمر، هنالك اسم لحاكم إقليم دارفور لكن لم يحدد له شكل واضح؛ لذلك لا بد من انتظار مؤتمر الحكم بقوانين؛ والآن الإجراءت على قدم وساق للترتيب للمؤتمر وهناك لجان توجهت للولايات لتشكيل اللجان التي تشرف على انعقاد المؤتمرات القاعدية في الولايات، ومن ثم انعقاد المؤتمر العام في الخرطوم خلال أغسطس القادم إذا لم تكن هناك عوائق متعلقة بالجوانب المالية ومشاركة الولايات بسبب ظروف الخريف . بدون شك لن يحكم مناوي إقليم دارفور من المركز؛ وسوف يكون هنالك مكتب تنسيق لكل حكام الأقاليم في المركز للنتسيق. وجود الحكام الآن هو وجود مرحلي ولن يتجاوز شهر سبتمبر أو اكتوبر القادم، وبعده سيذهب الحاكم إلى تشكيل حكومته وإدارة الإقليم من دارفور. أهم النقاط أن مؤتمر الحكم يحدد مستويات الحكم واختصاصات الحكم وتحديد الحدود البينية الداخلية للإقليم نفسه، وتحديد عاصمة الإقليم نفسها، وهذه أهم نقاط مؤتمر الحكم والإدارة؛ لذلك الآن لايوجد مبرر يجعل حاكم إقليم دارفور في دارفور نفسها، لأن العاصمة لم تحدد ، وأن تعيينه حاكماً جاء استجابة لتنفيذ اتفاقية جوبا لسلام السودان، ولو كان هذا النص منصوص لإعلان الأقاليم الأخرى لكانت أعلنت بنفس طريقة إعلان حاكم إقليم دارفور . مسألة وقت واعتبر القيادي بحركة العدل والمساواة سيد شريف جارالنبي؛ أن تعيين حاكم إقليم دارفور جاء بحسب اتفاقية سلام جوبا بأن يكون هنالك مؤتمر للحكم المحلي لتحول السودان من حكومة مركزية الى حكومة فيدرالية، هنالك اتفاق حول انعقاد مؤتمر الحكم والإدارة خلال ستة أشهر من توقيع السلام يتم تعيين حاكم عام لإقليم دارفور؛ يقوم بمهامه إلى حين انعقاد المؤتمر؛ وبموجب هذا الاتفاق تم تعيين السيد مني اركو مناوي حاكماً لإقليم دارفور ولديه الكثير من الصلاحيات التي يمكن عبرها أن يعالج المشاكل المعقدة في دارفور. ومنذ تعيين مناوي حاكماً ما زال يمارس نشاطه حاكماً لإقليم دارفور وأقام الكثير من النشاطات التي أجراها في الفترة السابقة ولديه الكثير في الأيام القادمة. حكم دارفور ليس سهلاً كما يعتقد الآخرون، بأن يتم تعيبن حاكم عام ويمارس مهامه في نفس يوم التعيين هنالك ، وبرر شريف أن وجود مني اركو مناوي بالمركز فقط مسألة وقت؛ لأن وجوده في دارفور يحتاج الى ترتيب كثير من الأوضاع حتى يتمكن من القيام بدوره حاكماً لإقليم دارفور ، و حكومة إقليم دارفور تحتاج إلى هيكلة و تحتاج إلى وزارات والكثير من المؤسسات الأساسية التي بموجبها يكون حاكماً لها ويمارس نشاطه بصورة دائمة. أيضاً ليس من السهل أن تتحول سلطة دارفور من الولايات إلى سلطة إقليم دارفور، وبالتالي يحتاج الى إجراءات سياسية وقانونية لممارسة دور حاكم الإقليم ، وزاد شريف: الآن لم يتم استعراض حكومة إقليم دارفور لكي يتم إجازتها، وأن هنالك أطرافاً أساسية في حكومة إقليم دارفور لم يتم هيكلتها أو يتم استيعابها، وأعتقد أن هذا الأمر ليس بسهل، لكن نحن على قناعة بأن مني اركو مناوي سوف يقوم بواجبه بشكل كامل في الإقليم ، وأن أبرز ما يعيق ذهاب الحاكم الى الإقليم هو عدم وجود قانون ينص على كيفية حكم الإقليم. وهنالك إجراءات سياسية، ورغم هذه المعوقات هنالك محاولة للحاكم لممارسة العمل من داخل الإقليم والآن يتم ترتيبات الذهاب إلى الإقليم لأنه لا يمكن العمل من المركز ، وأكد شريف؛ أن كل مكونات اتفاق السلام تدعم حاكم إقليم دارفور حتى ينجح في مهامه في الفترة القادمة . فقر الحكومة فيما أوضح القيادي بالجبهة الثورية والأمين السياسي للجبهه الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة؛ عبدالوهاب جميل، أن وجود حاكم إقليم دارفور بالمركز لاهتماماته بجمع دعم من الخارج واستهداف المنظمات لشح موارد الحكومة، لأن سلام دارفور يحتاج إلى الكثير من المال ونزوله إلى أرض الواقع يحتاج الى جهد ولا يمكن توفير هذا المناخ إلا من خلال الاستعانة بالخارج، ولذلك يقول جميل: وضع القائد مني اركو مناوي خطة في كيفية مخاطبة الدول والمنظمات ليحصل على الدعم. واعتبر عبدالوهاب أن دارفور تختلف في اتفاقها عن بقية الولايات في اتفاق السلام؛ لأنها محاطة بالترتيبات الأمنية وإعادة التعمير وتوفيق أوضاع النازحين واللاجئين، وهذا يحتاج إلى المال؛ لذلك وضع نفسه بين أمرين: هل يذهب إلى الدول أم دارفور ، والأهم كان الاتجاه إلى منافذ الدعم ، وجاء تعيين المارشال تنفيذاً لاتفاق السلام؛ لكن تخبطات وعشوائية الدولة أربكت هذا الجانب وظهر اتهام للحكومة بأن تعيين مني اركو مناوي جاء لإسكاته. وأرجع جميل ذهاب مني اركو مناوي إلى دارفور بأنه مرهون بإجازة قانون الحكم ، لكن سيذهب وسيكون له اتصالات بالمركز بحكم أنه عضو في مجلس الشركاء ولديه الكثير من الأشياء وسينجز الكثير لدارفور؛ لكن حتماً سيذهب الى دارفور ، فقط مسألة وقت. والآن الحكومة الانتقالية لا يمكن أن تنجز أي بند يحتاج الى مال، رغم اجتهاد دكتور جبريل إبراهيم، لكن (اليد الوحدة مابتصفق ) والحكومة عاجزة تماماً عن توفير المال؛ لأنها تفتقد لجميع القوائم الاقتصادية وكل اعتمادها على الدعم وهذا ليس حلاً، وأكد جميل أنه ليست هنالك معوقات واضحة وإنما هنالك تقاطعات. اعتراضات التعيين وقال نبيل نورين عبدالسلام؛ نازح وناشط في منظمات المجتمع المدني؛ ل اليوم التالي إن القائد مني اركو مناوي لم يظهر إلى الآن في الإقليم؛ لأنه لا يمتلك حاضنة اجتماعية ولا سياسية تؤهله للوصول إلى الإقليم ، الأكثر من ذلك أنه جاء فوق إرادة الشعب في دارفور ، عوضا عن ذلك أنه لا يمتلك مشروعاً واضحاً تجاه الإشكاليات التي يمر بها الإقليم، ويقول: مناوي غير مؤهل سياسياً ولا فكرياً لحكم الإقليم ، المشكلة الكبيرة أن الاتفاقية التي تم توقيعها في جوبا أحدثت إشكاليات في قضايا النازحين وأعطت شرعية للمستوطنين الجدد، وهذا إشكال كبير يواجه مناوي وغيره من حكام الولايات. وزاد نبيل : أن الإقليم لا يمكن حكمه من المركز لاعتبارات متعلقة بخصوصيته والقضايا الموجودة في الواقع، و على حاكم الإقليم أن يكون موجوداً في الإقليم. وقال : لكنه للأسف إلى الآن لم يأت، وأن ذهابه إلى الإقليم أمر يتعلق بحجم القبول والرفض، الذهاب الى الإقليم من حيث السفر ليست فيه مشكلة بالنسبة له، لكنه متخوف من وقفات احتجاجية ومظاهرات رافضة له، وهذا أيضا فيه انقسام حسب الولايات، فبعض الولايات جماهيرها تدعم مناوي وتقف معه، أما بعض الولايات فلديها تحفظ، وأشار نبيل: الآن هنالك معوقات عدة في الوضع الراهن من ضمنها عدم وفاء المانحين والممولين لاتفاق جوبا فيما يختص بالمسائل المالية، وهذا يعيق الوعود التي قدمتها الحركات الموقعة ثانياً : التشريعات الإدارية لحكم الإقليم، هنالك عدم توافق من قبل ولاة وجماهير الولايات الخمس حول مركزية الإقليم التاريخية التي تتمثل في الفاشر، فهذا الأمر بدا مرفوضاً في كثير من الولايات، ثالثاً هناك من يرى في مناوي أنه غير مؤهل وهناك قيادات وحركات لم توقع على السلام، وبها من هم أكثر قبولاً من مناوي. ترضية واستيعاب فيما اعتبر المحلل السياسي كمال الزين في تصريح ل (اليوم التالي )، أن اتفاق جوبا يمثل اتفاق محاصصات ما بين قوى إعلان الحرية والتغيير والجبهة الثورية والعسكر، و يقول: إنه يمثل اقتساماَ للغنائم من الوظائف والنعم والمال، وتم توزيعها في جوبا قبل توقيع الاتفاق النهائي، وأضاف الزين أن مناوي لم يذهب لدافور لأنه يبحث عن أرضية بسبب الرفض لكثير من شعب دارفور له و تراجعه من مواقفة النضالية، بقبوله الحوار مع المؤتمر الوطني المحلول. موظف دولة وأضاف الزين مناوي ليس لديه سلطات فعلية وموضوعية لحكم دارفور، بل يمارس وظيفته كموظف في الدولة لأن قضية دارفور لا تنفصل عن قضايا السودان القديم القائم على التهميش والإقصاء الممنهج لكثير من مناطق السودان بالتمييز الديني والعرقي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي والأمني وغياب الرؤية الفكرية لصناعة الدستور الوطني الدائم ، وسيواجه ذات المعوقات التي واجهها إبان حكمه في عهد النظام البائد، لأنها سلطة ترضية واستيعاب؛ فإذا أراد أن ينصهر مع جهاز الدولة التاريخية سوف يأخذ امتيازاته ومخصصاته ويصمت أما إذا خالفها فسوف يجد ذات التعامل السابق بصراع مع جهاز الدولة، ولكن الشعب السوداني أصبح واعياً بقضايا، ولن يقبل بممارسة الخداع من جديد، وسوف يتخذ من العمل الثوري السلمي لإنقاذ البلاد من فوضى المحاصصات والانكفاء الذاتي والحلول الشخصية، إلى رحاب العمل الثوري الحقيقي من أجل تصفية النظام ورموزه وبناء سودان جديد يفتخر به أبناء الشعب السوداني، وفقاً لرؤية الثورة والثوار ولتحقيق أهداف الثورة كاملة. اليوم التالي