"الشاهد بطل القصة"، هو الشعار الذي رفعته لجان المقاومة، من أجل لفت النظر لأهمية حماية الشهود والمبلغين في قضايا شهداء الثورة السودانية التي تنظر المحاكم في عدد منها، وبما أن الكثير من هذه القضايا ارتكبها عسكريون من أجهزة مختلفة لم تتم هيكلتها بعد، فقد شددت لجان المقاومة على ضرورة أن تقوم النيابة العامة والأجهزة العدلية بدورها في توفير الحماية للشهود. وقالت لجان المقاومة في العاصمة الخرطوم، إن ملف العدالة في السودان بعد الثورة يواجه العديد من التحديات؛ من بينها تخوف شهود رئيسيين من تقديم شهادتهم في قضايا شهداء الثورة، ما يُعد عائقاً كبيراً أمام تحقيق العدالة وخطأ لا يغتفر، مشددة على أن الواجب حمايتهم والعمل على دعمهم نفسياً، باعتبار أن الشاهد هو بطل القصة وبدون شهادته لا تكتمل حيثيات القضية، وأكدت أن هذا الأمر من الأسباب الرئيسية التي جعلت معظم قضايا الشهداء مركونة في أدراج وكلاء النيابة. وأوضحت لجان المقاومة في بيان مشترك، أن النيابات مزحومة بالقضايا وقضايا الشهداء لا تجد عندها الأولوية، وذلك حتى بعد إنشاء نيابة مختصة كلفت بانتهاكات طويلة الأمد منذ تاريخ إنقلاب النظام السابق، وهو ما يثقل من مهمتها، مبينة أن هناك أيضاً حصانات لا ترفع الا عبر قيادات الأجهزة الأمنية، وهو ما يعقد المسألة، مؤكدة أن مفهوم القبيلة العسكرية التي يجب أن تُحاسِب لا تُحاسَب؛ ما زال سائداً عندها، وأضافت: ( هناك شهود رئيسيين يعانون من الترهيب والتخويف ولا تتحرك النيابة في حمايتهم). وسلمت اللجان دعوة لمكتب النائب العام من أجل اجتماع معه في هذا الخصوص، وقد انعقد الاجتماع صباح أمس بمباني النيابة العامة، وضم النائب العام مبارك محمود، وممثلي عدد من تنسيقيات ولجان المقاومة بولاية الخرطوم، وسلم ممثلو اللجان والأجسام الثورية مذكرة للنائب العام بهذا الخصوص، وردً النائب العام بأهمية الطلب وأمًن عليه. وأسفر الاجتماع عن صدور منشور من النائب العام، بشأن حماية المبلغين والضحايا والشهود والخبراء لعام 2021. ودعا المنشور جميع النيابات لحماية المبلغين والضحايا والشهود والخبراء في التحريات المتعلقة بالدعاوى الجنائية ذات الطبيعة الخطرة، أو المتهم فيها موظف عمومي من ذوي النفوذ، وأن تتخذ ما يتناسب من الإجراءات والتدابير بإخفاء المعلومات المتعلقة بهويتهم وأماكن تواجدهم، وترميزهم بأسماء مستعارة، او ارقام او حروف كودية. ودعا المنشور للانتقال لغير مباني النيابة العامة والشرطة، لأخذ إفادتهم، وتوفير الحماية لهم في أماكن إقامتهم أو أماكن عملهم. وتضمن المنشور الاستعانة بطبيب نفسي او باحث اجتماعي عند أخذ أقوال المبلغين والشهود والضحايا، مع عدم السماح بتصويرهم، واتخاذ الاجراءات الجنائية في مواجهة كل من يتعرض أو يعتدي او يسئ لأي من المبلغين والضحايا والشهود والخبراء، بسبب ما قاموا به من إدلاء بافادات، وكذلك في مواجهة من يفشي أي معلومات تقود اليهم، او تعرض حياتهم وممتلكاتهم، او سمعتهم للخطر. وأوضحت لجان المقاومة عقب الاجتماع، أنها تثمن الجهود المبذولة والتي دعمت حملة «حماية الشهود» في النيابة حتى تكللت بالنجاح، واضاف البيان أن الموقعين سيعملون مجتمعين على الدراسة التفصيلية لمعيقات تحقيق العدالة وسيعلنون عن خطوات أخرى مجتمعين لضمان الوصول لتحقيق العدالة. من جانبه تأسف القانوني معز حضرة في حديث ل(مداميك،) من عدم وجود قانون خاص بحماية الشهود مثل الدول الأخرى، مما جعل الشهود معرضين للخطر من قبل المتهمين، وأضاف أنه في الأغلب لا يذهب هؤلاء الشهود للقضاء إذا تعرضوا للضغط والتخويف، مبيناً أن مسألة الشهود وحمايتهم تحتاج تدخلاً تشريعياً عاجلاً، وذلك عبر سن قوانين تحمي الشهود من الخطر الذي يمكن أن يتعرضوا له. وكانت لجان المقاومة وأسر الشهداء كشفت عن تعرض بعض الشهود للتخويف والتهديد، ورصدت لجان المقاومة بعض عناصر قوات الدعم السريع ويهم يقومون بتصوير شهود داخل إحدى المحاكم التي تنظر في قضية متهم فيها جنود من الدعم السريع. فيما أحجم شهود آخرون عن الإدلاء بشهاداتهم بسبب عدم وجود آلية قانونية لحمايتهم في ظل استمرار وجود الأجهزة النظامية المتهمة بارتكاب جرائم قتل وتعذيب بحق المواطنين خلال الثورة على النظام السابق. مداميك