في أول ردود فعل لها، دعت بعض الدول العربية، على غرار السعودية وقطر طالبان إلى "الحفاظ على الأمن والاستقرار" وإلى "إيجاد حل سياسي شامل لا يقصي أحدا" بعد وصولها إلى سدة الحكم في أفغانستان. شأنها شن بعض الكيانات والجمعيات مثل حركة حماس والجهاد الإسلامي اللتين هنأتا طالبان ب"زوال الاحتلال". أما دول المغرب العربي، فلم يصدر منها أي رد فعل رسمي، عكس بعض الأحزاب الإسلامية المتواجدة في هذه الدول والتي تمنت أن "تستفيد طالبان من الأخطاء السابقة". لا تزال ردود الفعل الدولية تتوالى بعد وصول حركة طالبان إلى سدة الحكم في أفغانستان إثر انسحاب القوات الأمريكية. فبعد الحكومات الغربية، كشفت بعض الدول العربية وكيانات وجمعيات عن مواقفها إزاء هذا التغيير السريع والمفاجئ، فيما تلتزم دول عربية أخرى الصمت إزاء ما يحدث في أفغانستان. وكانت المملكة العربية السعودية من بين الدول الأولى التي علقت على استيلاء طالبان على الحكم في أفغانستان. فأكدت وزارة خارجيتها بداية الأسبوع في بيان لها أنها "تتابع باهتمام الأحداث الجارية في أفغانستان" معربة عن "أملها في استقرار الأوضاع فيها بأسرع وقت". وأضافت الخارجية السعودية "انطلاقا من المبادئ الإسلامية السمحة، وعملا بقول المولى سبحانه وتعالى (إنما المؤمنون إخوة)، فإن حكومة المملكة العربية السعودية تأمل أن تعمل حركة طالبان وكافة الأطراف الأفغانية على حفظ الأمن والاستقرار والأرواح والممتلكات". وتابعت "إن حكومة المملكة تؤكد في الوقت ذاته وقوفها إلى جانب الشعب الأفغاني الشقيق وخياراته التي يقررها بنفسه دون تدخل من أحد"، مشيرة في الوقت نفسه أنه تم "إجلاء كل الدبلوماسيين وعائلاتهم المقيمين في كابول في ظروف جيدة". "المحافظة على المكتسبات وعدم المساس بأمن الشعب الأفغاني" أما جارتها قطر، التي احتضنت على مدار أشهر محادثات السلام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، فلقد قالت على لسان وزير خارجيتها محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إنها "تسعى لحدوث انتقال سلمي للسلطة في أفغانستان والتمهيد لحل سياسي شامل". وأضاف محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني في عمّان أن هناك "عملا مع الشركاء الدوليين والأمم المتحدة للمساعدة في إعادة بسط الاستقرار بأفغانستان". وشدد على "أهمية المحافظة على المكتسبات وعدم المساس بأمن الشعب الأفغاني وبسط الاستقرار في البلاد بأسرع وقت ممكن". "فتحا مبينا ونصرا على الغزاة المعتدين" وفي الكويت قالت الخارجية في بيان، إنها "تتابع ببالغ الاهتمام والقلق الأوضاع والتطورات في أفغانستان الصديقة"، داعية الأطراف الأفغانية إلى "ضرورة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس حقناً للدماء". كما دعت إلى "توفير الحماية الكاملة للمدنيين، والخروج الآمن للدبلوماسيين والرعايا الأجانب العالقين". وأكدت على "أهمية عمل الجميع معا للحفاظ على أمن واستقرار أفغانستان، وحقوق ومكتسبات شعبه الصديق". وفي سلطنة عمان، هنأ المفتي الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، الشعب الأفغاني بما اعتبره "فتحا مبينا ونصرا على الغزاة المعتدين". وقال في تغريده على حسابه على تويتر: "نهنئ الشعب الأفغاني المسلم الشقيق بالفتح المبين والنصر العزيز على الغزاة المعتدين"، داعيا إياه لأن يكون "يدا واحدة في مواجهة جميع التحديات، وألا تتفرق بهم السبل وأن يسودهم التسامح والوئام". من ناحيتها، أعلنت البحرين، بصفتها الرئيس الحالي لمجلس التعاون الخليجي، أنها ستبدأ مشاورات مع دول الخليج الأخرى بشأن الوضع في أفغانستان. وبحسب وكالة أنباء البحرين، فقد كلف مجلس الوزراء وزير الخارجية، عبد اللطيف الزياني، للتنسيق والتشاور مع دول المجلس إزاء تطورات الأوضاع في أفغانستان. أما في الامارات العربية المتحدة التي منحت ملجأ للرئيس الأفغاني الفار أشرف غني "لأسباب إنسانية"، فلقد أصدرت الخارجية بيانا أعربت من خلاله عن أملها في أن "تعمل الأطراف الأفغانية على بذل كافة الجهود لإرساء الأمن وتحقيق الاستقرار والتنمية في أفغانستان". فيما قال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، عبر تويتر، إنه "في ظل وضع ضبابي جاءت تصريحات المتحدث باسم حركة طالبان، (ذبيح الله مجاهد) مشجعة"، في إشارة لإعلانه إصدار عفو عام للعاملين في الإدارات الحكومية والقبول بدور للمرأة. حماس تهنئ طالبان ب"زوال الاحتلال" وفي منطقة الشرق الأوسط، هنأت حركة حماس الحركة ب"زوال الاحتلال" وأشادت ب"أدائها". وفي اتصال هاتفي أجراه هنية مع رئيس المكتب السياسي لحركة طالبان الملا عبد الغني برادر، حسب الموقع الرسمي لحماس، غداة سيطرة الحركة على العاصمة الأفغانية كابل الأحد، قال هنية "إن زوال الاحتلال (الأمريكي) عن التراب الأفغاني مقدمة لزوال كل قوى الظلم، وفي مقدمتها الاحتلال الإسرائيلي عن أرض فلسطين". وتمنى هنية لأفغانستان الوحدة والمنعة والازدهار، وأشاد بأداء الحركة سياسيا وإعلاميا. كما هنأت أيضا حركة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية، "الشعب الأفغاني العزيز بتحرير أراضيه من الاحتلال الأمريكي والغربي". وقالت في بيان إن "الشعب الأفغاني المسلم سطر أعظم البطولات الجهادية ضد كل الغزاة على مر تاريخه المشرف". "نتمنى أن تستفيد طالبان من الأخطاء السابقة" ومن لبنان، قال أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله، في خطاب متلفز الثلاثاء، إن مشهد انسحاب الأمريكيين من أفغانستان "كبير جدا" ورسالة لها أبعاده الاستراتيجية، مشيرا إلى أن (الأمريكان) خرجوا "أذلاء فاشلين مهزومين". مغاربيا، لم يصدر أي رد فعل رسمي من قبل الحكومات فيما تمنت بعض أحزاب المعارضة المحسوبة على التيار الإسلامي أن تستفيد طالبان من الأخطاء التي اركتبتها في السابق. ففي المغرب مثلا، قال مسؤول بجماعة العدل والإحسان، أكبر جماعة إسلامية في المغرب (معارضة ومحظورة رسميا)، الثلاثاء، إن جماعته تتابع التطورات في أفغانستان، وتؤيد "استقلال الشعب الأفغاني عن كل تدخل أجنبي". أما في الجزائر، فاعتبر رئيس كتلة حركة "مجتمع السلم" الإسلامية في المجلس الشعبي الوطني (البرلمان)، أحمد صادوق، الثلاثاء، أن ما حصل في أفغانستان هو دحر للاحتلال، وعودة لسيادة الشعب وعلى حركة "طالبان" اليوم الالتزام بالنظام الديمقراطي والتعلم من أخطاء الماضي. وعن الوضع المرتقب في أفغانستان، أضاف صادوق: "نتمنى أن تستفيد طالبان من الأخطاء السابقة، بعد الملاحظات الكثيرة التي كانت حول أدائها سابقا، لهذا وجب أن تطور من شكلها، لكي لا يكرروا أخطاء الفرقاء السياسيين السابقين بعد خروج روسيا من البلاد، لذا عليهم أن يستوعبوا الجميع، وأن يلتزموا بالأنظمة الديمقراطية، التي وصلت إليها البشرية من خلال اجتهادها".