(2) 1-1 اكتمال الشروط الموضوعية والذاتية للثورة إذاً، بانقطاع الحبل السري الخليجي الذي كان يغذي سيئة الذكر الإنقاذ (وهي في الأصل ما كانت تنفق عطايا الخليج على الشعب السوداني، بل على عناصر تنظيمها ليتحملها الشعب السوداني ديوناً فيما بعد)، وبتضافر العوامل السياسية والاقتصادية/الاجتماعية في الداخل، بدأ الشعب في تنفيذ بعض الإضرابات والاعتصامات والعصيانات المتلاحقة في العام 2016 و2017 خاصةً حينما فقد الناس القدرة على الاستمرار، وبدأوا يسقطون ويموتون بنقص السعرات الحرارية اللازمة لبقائهم أحياءاً. فحينها أدرك الشعب أنَّه لا مُحالة ميِّتٌ إمَّا بالرصاص أو المسغبة، وعليه أن يختار مِيتته التي يريد، فاختار الشعب أن يموت وهو يُقاتل عدوَّه (راجع مقالنا: أمام الشعب السوداني خياران إما العصيان المدني أو المسغبة).
والذي يؤكد على سوء حيوات الناس آنئذ، أنَّ معدل النمو قد أصبح سالباً في السودان في العام 2018 (-2.3%) ومعدل زيادة الدين السنوي في ظل الإنقاذ وصل 3.3%، وقد بلغ معدل البطالة العام 15%، ومعدل البطالة الخاص بالشباب إرتفع إلى 29.7%، وقد وكان معدل سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار 63.8%، وبدأ متوسط الدخل القومي للفرد في الانخفاض بنسبة تراجع بلغت 62.2%، وبالتالي تراجع إجمالي الدخل القومي في العام 2019 إلى 25.5 مليار دولار؛ الأمر الذي جعل دخل السودان القومي يأخذ المرتبة رقم 182 من جملة ال 192 دولة التي شملها تصنيف الدول بحسب إجمالي الدخل القومي في العام 2019 (راجع البيانات في موقع البنك الدولي والانكتات).
هذا الواقع أدي في العام 2018، ومن وجهة نظر الاقتصاد السياسي البحتة (وغيرها من النظرات)، إلى اكتمال الشروط الموضوعية والذاتية لاسقاط النظام في المشهد السوداني. وكل المؤشرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المذكورة أعلاه قد بدأت في صياغة واقعٍ جديد؛ إلتقطه من التقطه وغفل عنه من غفل. غير أنَّ العقل الجمعي السوداني بدأ يتبلور حول نضوج المشهد لإسقاط النظام، فنهض كطائر الفينيق من رماده ليقود ثورة التغيير الوسيمة في السودان.
فما عاد الناس يهابون النظام ولا أجهزته القمعية، وبدأوا يتحدثون عن الثورة ويفشون الثورة بينهم، مستفيدين من وسائل التواصل الاجتماعي في البيت، في الشارع، في المسرح، وفي الحافلات (شاب ينتصب واقفاً فجأةً ويُحدِّث الناس عن الثورة)، وفي المساجد (شاب يستأذن الإمام ويشرع في الحديث عن الثورة – منتهراً المتقاعسين عنها كقول أحدهم: قم يا عبد الحي مثالاً)، وفي المباريات العامة لكرة القدم (حين يهتف اللاعبون والمشجعون تسقط بس).
1-2 ولادة الملحمة ومجتمع الاعتصام
بطبيعة الحال، كانت غالبية مكونات ثورة ديسمبر المجيدة من جميع فئات المجتمع في السودان؛ فسيئة الذكر الإنقاذ قد صيَّرت جميع الناسَ فقراء خلا عناصر تنظيمها اللئيم الزنيم ومن وَالاهُم. ففي ساحات الثورة يوجد المشردون والأُورنيشية وستات الشاي، والكيانات النسوية، والقوي الحديثة، وأرباب المعاشات/المفصولون تعسفياً، والعمال والموظفون، والمهنيون، وأساتذة الجامعات والطلبة، رجال الطرق الصوفية (ومن ينسى منحوتة الشيخ أزرق طيبة القائلة: الطريق إلى الله يبدأ بإسقاط النظام)؛ وبعض الشرائح الرأسمالية المنحازة للتغيير دون الانحياز لقضايا المُغيرين الثوريين (لكونها كانت تتحرى موضع الهيمنة أكثر من تحريها لقضايا الثوار والانحياز لها) في سائر ولايات السودان.
كانت المظاهرات تبدأ بزغرودة – شارة ولادة التغيير، فيخرج المتظاهرون من مسام الأرض في كل مكان في السودان. واستوى واعياً تجمع المهنيين السودانيين في الداخل (وفي الخارج) يصدر جداول التحركات اليومية ويوجه الشباب في مسارات حازمة للوصول إلى غاية الثورة وهي اسقاط النظام بالرغم من وابل الرصاص والبمبان، حتى اكتملت جمهرتهم ذات أقدار أمام القيادة العامة في 06/04/ 2019، بخلفية أنَّ الجيش كان يخرج ملبياً لرغبات الجماهير حينما كان الجيش هو قوات الشعب المسلحة الذي غنَّت له عشة الفلاتية "يجوا عايدين"؛ لا قوات الجبهة الإسلاموية القومية التي شيمتها القتل الخسيس الذي بدأته بعد يوم من وصول الثوار للقيادة.
وباختصار، تلك هيَ القوى التي شكَّلت مجتمع الاعتصام المنصهر والمتراحم والمتلاحم والمترابط والمتعاون والمتكافل، مجتمع "عند خُتْ ما عندك شيل"، مجتمع "يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور"، مجتمع "يا ثائر قوم اتسحَّر"، مجتمع "مخالف سعادتك"، مجتمع "وطن الجدود نفديك بالأرواح نجود".
أمَّا جيش مليشيات الكيزان، وجيش الجنجويد والبرهان، ما كان لينحاز للثورة لو لا تدخل شرفاء كوادر الجيش الوسيطة الشجعان بوخزهم وتهديدهم له للانحياز للثورة. فانحازت النخب العسكرية من بعد تهديد الكوادر الوسيطة لهم انحيازها المعلول (مُكرهاً أخاك لا بطل)، والتي شرعت في التو في تدبير انقلاب مزدوج: آني ضد كوادر الجيش الوسيطة، وبالتقسيط ضد الثورة المدنية السلمية.
ظلَّت تعمل هذه النخب في الظلام للقيام بعمل خسيس يُبقيها في السلطة على حساب الثورة وكوادر الجيش الوسيطة، فراحت تبحث عن بطانة/حاضنة بين الثوار (شارته لقاء البرهان بإبراهيم الشيخ في ساحة الاعتصام للحظات، وداخل القيادة العامة لساعة ويزيد، ومن وراء الكواليس مع المهدي وغيره)، وعززت ذلك عن طريق وسطاء خليجيين، الذين إلتقوا بشرائح رأس المال التقليدية والليبراليين الجدد، وبعض المنظمين للنضال اليومي في السودان وفي الخليج؛ فكان أن وُلِدت قحت الناعمة التي شرعت في إخصاء الثورة.
لعمري أنَّ مجتمع الاعتصام قد أكَّد لكل الليبراليين الجدد على مستوى الكوكب أنَّهم كانوا يُحاربون الاشتراكية في المكان الخطأ. فهي ليست في روسيا ولا الصين ولا كوبا ولا غيرها من دول المعسكر الاشتراكي؛ إنَّها راسخة في وجدان الشخصية السودانية كما يشير الكثير من مفكرينا كأمثال الشهيد محمود محمد طه والمرحوم محمد إبراهيم نقد. ولم يستطع نظام سيئة الذكر الإنقاذ إعادة صياغة الشخصية السودانية وفق الهوى (الإخوانوي ولا) الرأسمالي النيوليبرالي – كما يقول بروفسير مارك دوفيلد – بالآلة العسكرية نيابة عن الليبراليين الجدد ومؤسسات تمويلهم الدولية بالرغم من أنَّه قد حرَّر اقتصاده فوق ما يطمع هؤلاء الليبراليون الجدد وكل مؤسساتهم الدولية (Mark Duffield: 2007).
وبالتالي كان لابد من عمل شئ من شأنه السيطرة على هذا التغيير، فحجَّ إلى ساحة الاعتصام كل سفراء الدول الرأسمالية (حتى اسرائيل المُقاطَعة كانت حاضرة) ومعهم مخابراتُهُم. كان العمل الاستخبراتي يتَّخِذ شكل التنسيق بين جميع الدول الغربية والعربية والأفريقية في ساحة الاعتصام. وقد بدا واضحاً أنَّ الغربَ قد شرع باكراً عبر دول الجوار الإقليمي في التخطيط للسيطرة على هذه الثورة وضبطها ليبرالياً (أي على الإيقاع الرأسمالي النيوليبرالي) بالرغم من أنَّ اليسار السوداني (أشعاره وملاحمه: أشعار محجوب شريف، وحميد، وأزهري محمد على، وهاشم صديق، وآخرين) كان هو الحادي لهذه الثورة وقائدها المظفر. 2-1 بداية الانحراف بالثورة عن غاياتها:
رُبَما لا أحد يعلم على وجه الدقة ما تم بين العسكر وقحت الناعمة التي فاوضتهم للانحراف بالثورة، ولكننا سندرك ذلك من التحليل المتئد لخطاب الشراكة المدنية – العسكرية الموتور على طول مساره دون كلل أو ملل. وعلى أيِّ حال، فإنَّ أفراد قحت الناعمة الذين اصطفوا ليُنيبوا الثوار في المفاوضات مع العسكر، والذين يشغلون معظم الوظائف القيادية في حكومتنا الانتقالية اليوم، ومن بينهم من له صلات مباشرة بالمخابرات الغربية ودول الخليج والليبراليين الجدد، هم المسئولون بالدرجة الأولى من الانحراف بالثورة من جوهرها الاشتراكي (عندك خت ما عندك شيل) وزجها في واقعها النيوليبرالي الطاغي والمهيمن؛ الذي لم يتردد في حسم من يقف في طريقه كغصة حَلِق أو فَوَاق صيرورة (Hiccup)، تماماً كما فعلت الميركانتالية بالثورة المهدية التي كانت تمثل حالة انتحارية هي الأُخرى بسباحتها عكس تيار الميركانتالية الجارف قبل قرنٍ ونيف.
والمحسوس، أنَّ المفاوضين بدأوا فجأةً يتحولون إلى "قحت ناعمة" بعد تعاطي الرِّشى وصدور التعليمات/التهديدات الواضحة لهم بالابتعاد عن اليسار السوداني الجذري، ولا بأس بالقوميين العرب. وصارت تُعقد الاجتماعات تلو الاجتماعات بين قحت الناعمة والعسكر، وبدأت تأخذ طابعاً تطويلياً أوصل الثوار إلي حالة من الإحباط والملل المقصودين لذاتهما، والذي لم ينفع معهما شدو عركي ولا نانسي ولا عقد الجلاد.
وفي هذا الأثناء تحول تآمر لجنة البشير الأمنية الذي كان إرهاصاً إلى فعل مادي عنيف، يوم صوَّبت عناصر النظام السابق بنادقها من مدينة البشير الطبية على الثوار الموجودين أمام القيادة العامة صبيحة السابع من أبريل 2019، والذي ردت عليه بعض القوات التي كانت تتمركز أمام قيادة القوات البحرية بقيادة قوات من كوادر الجيش الوسيطة، والتي لمع من بينها النقيب حامد عثمان حامد والملازم أول محمد صديق وآخرون، وقد فقدنا في تلك الليلة المشؤمة 25 شهيداً بينهم عدد قليل من العسكريين؛ جعل الله مثواهم الفردوس الأعلى جميعاً (بينهم إبن أُختنا أحمد عبد الرازق/أحمد رِزقا وبقية السامقين، رحمهم الله أجمعين وتقبل شهادتهم).
وعلى أيِّ حال فعلت قحت فعلتها التي فعلت (بعد ترغيب العسكر لهم وترهيبهم، وبعد أن تمَّ اعتقال العديد من كوادر الجيش الوسيطة وقتل البعض وإرسال البعض الآخر قسراً لليمن وفصل آخرين، وبعد إلتقاء بعض قيادات الحركات المسلحة في الخليج خاصةً تلك التي تبحث عن راحة البال بعد أن أنهكها الصراع الطويل المسلح) وانحرفت بالثورة في أول خيانة لها للشهداء والثورة والثوار في 11 أبريل 2019، يوم قبلت بالشراكة المدنية – العسكرية الخُمسُمُشكِل، وهي بعد صاحبة اليد العليا المعضدة بثوارها وبكوادر الجيش الوسيطة من أمثال حامد عثمان حامد ومحمد صديق وزملائهم الأشاوس الذين حموا ظهر الثوار من خسة وتآمر النخب العسكرية والمليشيوية.
ونأسف في الحقيقة لعدم تلبية قحت الناعمة مناداة الثوار لهم بالتنسيق مع كوادر الجيش الوسيطة والتواصل معهم بشكل مباشر لحمايتهم ولدعم الثورة، ونأسف لأنَّ قحت الناعمة المتآمرة لم تسأل عنهم وعن ما حاق بِبَعضهم لمخالفتهم أوامر قادتهم. وعلى أيِّ حال منا نحن الثوار ألف شكر يا نشامة، والرحمة والمغفرة لشهدائنا المدنيين ولشهداء كوادر جيشنا الوسيطة، ولن تنساكم ذاكرة الوطن أبد الدهر.
وعلى العموم توالت الأحداث؛ وكانت قمة الإحباط يوم قيل للناس اجتمعوا لسماع تشكيل الحكومة، فجاء إلى ساحة الاعتصام ليلتها أكثر من سبع مليون سوداني يُنيرون هواتفهم النقَّالة كمِجَرةٍ عظيمة؛ ولكنَّ قحت الناعمة قد أفجعتهم وأوجعتهم ليلتها حين أرجعتهم بِخُفيْ حُنين.
وقد سُئل الأصم ساعتها سؤالاً مباشراً: لماذا لا نعلن مدنيتنا من داخل الاعتصام: فأجاب إجابة تهويلية خالية من الثورية وهو بعد صاحب اليد العليا بذلك العدد المهيب من الحضور، وبكوادر الجيش الوسيطة حيث قال: "هذا الأمر سيعقِّد الموقف ويؤزِّمه"؛ دون أن يشرح للناس كيفية ذلك التعقيد والتأزُّم اللذين تكلم عنهما. وفي اعتقادي لم يكن ذلك الرد الغير مواكب لروح الثورة تقديراً فردياً من الأصم، وإنما من واقع حيثيات معلومة ومرتَّب لها سلفاً (راجع مقالنا: نحو اعلان الحكومة المدنية من داخل الاعتصام وتحت حماية الكوادر الوسيطة للقوات المسلحة: 09/مايو 2019).
فالشاهد، لقد كانت تلك ليلة فارقة، حيث بعدها بدأت أعداد المعتصمين تقل شيئاً فشيئاً، مما أغرى بعض أعداء الثورة بمباغتة المعتصمين في أكثر من مرة وفي مناطق مختلفة من الاعتصام بعد اعتداء 07/04/2019. وعلى أيِّ حال أتى المفاوضون بعد تلك الليلة بتشكيلاتٍ باهتةٍ للحكومة الانتقالية والتي سرعان ماتمَّ رفضها، وتغيَّر تشكيل الحكومة مرتين بعد ذلك لما احتوته سدتُها من كوادر صارخة ومستفذة من الإخوانويين العسكريين المنتمين للنظام المتساقط، غير أنَّها استقرت فيما بعد 11/أبريل 2019 على لجنة البرهان الأمنية الحالية المليئة بكوادر الكيزان في الجيش، مُشكِّلةٌ بذلك أول انحراف لثورة ديسمبر المجيدة عن أهداف تغيير النظام. هذه اللجنة الأمنية بقيادة الجنرال السفاح عبد الفتاح البرهان هِيَ التي جربت مرةً فض اعتصام القيادة العامة بذريعة الممارسات التي كانت تحدث في كولمبيا – الصنيعة الاستخباراتية لفض الاعتصام، والتي تلجلج مفاوضو قحت الناعمة عن إدانة فضها الأولى فشجبتهم الثورة بقولها أنَّ كولمبيا جزء من الاعتصام، فأدانوا فضها على استحياء.
وعلى أيَّةِ حال، تلك اللَّجلجة حول "ما اتُفِق عليه مسبقاً من فض الاعتصام من جهة كولمبيا" هي التي دفعت بالسفاح البرهان ليعلن القطيعة بينه وبين قحت الناعمة في البث التلفزيوني الشهير الذي كان طابعه الضغط على قحت الناعمة للإذعان لهم ومفارقة خط الثورة والثوار إلى الأبد كما تم الاتفاق عليه، وبالعدم سيفضح اتفاقه معها إن لَّم تذعن.
وعلى أيِّ حال، جرت مياه عديدة تحت الجسر، والتأم المتآمرون على ثورتنا من جديد لتنفيذ فض الاعتصام المتفق على تنفيذه سلفاً بعلم وترتيب وتوقيع قحت الناعمة من جهة كولمبيا وغيرها للمرة الثانية، بعد إفشال الثوار لمحاولة فض كولمبيا الأولى نتيجة لجلجة قحت الناعمة.
لقد قتلت لجنة البشير الأمنية وشركائها من أفراد قحت الناعمة (الذين يتداوى بعضهم سراً في العيادات النفسية داخل وخارج السودان) أكثر من 2700 ثائر صائم (في محاولة الفض الثانية للاعتصام والمتفق عليه قبل محاولة الفض الأولى كما نوَّهنا بعاليه): قتلاً خسيساً، وغادراً، وجباناً؛ رمياً بالرصاص، وحرقاً بالنار، وإغراقاً في النيل، ودفناً للثوار أحياءاً في غرب أمدرمان، وزجَّاً بهم في مشارح المستشفيات في كل السودان؛ واغتصاباً للحرائر والأحرار داخل دور العبادة؛ الأمر الذي حدا ببعض شرفاء المؤسسة العسكرية تقديم استقالتهم منها صبيحة فض الاعتصام مباشرة لما اقترفت تلك النخبة السفاحة من جرمٍ في حق شعبها.
وعلى العموم، عقب تلك الفظائع صار المفاوضون المدنيون الخائفون على كشف أمرهم بواسطة العسكر (وهو أمرٌ وشيك لو يعلمون) أميل لتنفيذ رغبات العسكر وتبريرها من تنفيذ رغبات الثوار، ليبتعدوا بذلك عن إغضاب العسكر لكي لا يفضحوا صنيعهم القذر هذا؛ حتى وصلت بهم الجُرأة والوقاحة هذه الأيام لقول: "أنَّ العسكر هم من غيَّر النظام".
على أيِّ حال، انتبه السفاحون العسكريون والمدنيون عقب المظاهرة الطوفانية المهيبة في يوم 30/06/2019 التي حاول خالد "سلك" ورهطه الزنيم تشتيتها؛ وبعد فض الاعتصام الثاني بتلك الطريقة الخسيسة (التي لا يُمكن أن يقوم بها جيش محترف ضدَّ شعبه، إلاَّ بموافقة الفصيل المدني المفاوض)؛ أنَّ هذه الثورة لا يمكن أن تخمد بفض اعتصام. فصاروا بمعاونة قحت الناعمة (ترغيباً وترهيباً أيضاً) يمارسون انقلاباً بالتجزئة؛ على أن تتعهَّده قحت الناعمة بالطمر عليه بلعب دور "متعهد النفاق/حاجب السلطان/غلام بزرجوازية الدولة" كما كان في العهد الأموي، وبلعب دور "متعهد الأخلاق" المنوط به شحن الناس ضد اليسار السوداني الجذري ودفعه ومغالبته نحو باب الخروج بأِّيِّ كُلفة، لأنَّه لا محالة سيفضح إجرامهم. يُتبع … [email protected]