العنوان ليس من عندي ، بل هو عنوان دراسة من إعداد أحد أساتذة القانون في جامعة برن السويسرية . وكما جاء في مقدمة الدراسة ، فهي ليست تحريضا علي الانقلابات العسكرية ، ولكنها ملاحظات لفهم إحدى طرائق إنتقال السلطة في بعض الدول … وفي ذات الوقت ، فقد تعين الدراسة بعض الحادبين علي النظم الديمقراطية علي حمايتها وعلي وأد الانقلابات أوالحيلولة دونها . تحدثت الدراسة وتعرضت للعديد من المحاور التي تتناول ظاهرة الانقلابات العسكرية والظروف المساعدة … ولكنها كانت أكثر تركيزا علي المحاور الأكثر استخداما لنجاح الانقلاب العسكري وهي الدوافع و الفرص و التحضير والخطة والتنفيذ والتثبيت .. وحتي لا يجدها البعض فرصة للتطبيق العملي ، فسوف لن ندخل في التفاصيل الدقيقة ونكتفي بالتلميحات العامة .. ومنها: لا يحتاج تنفيذ الانقلاب العسكري عادة إلي عدد كبير من المتآمرين ، بل يكفي عدد صغير نسبيا، بشرط أن يكون متماسكا في مفاصل حساسة من التسلسل القيادي. وتشير الاستقراءات المتحصلة من عشرات الانقلابات العسكرية الناجحة إلي أن مجموعة محدودة من الضباط تتبعها بضعة ميئات من الجنود تكفي في المتوسط لتنفيذ انقلاب ناجح. لا يحتاج الانقلاب العسكري إلي دعم شعبي أثناء تنفيذه ، بل قد يضره ذلك الدعم ، لأنه يكشف عن هويته السياسية مما يؤدي إلى تعبئة بعض القوي ضده ، كما يعرض حياة المدنيين للخطر . لكن التحرك الشعبي لصالح الانقلاب في مرحلة التثبيت مهم للغاية. من أهم ما يعين علي نجاح الانقلاب ، عسكريا وسياسيا ، إتخاذ كافة التدابير لتجنب إراقة الدماء لأن في ذلك أثر سيئ علي رؤية الناس لهذا القادم الجديد الذي لم تتضح ملامحه بعد هناك فرص كثيرة يمكن أن تساعد على نجاح الانقلاب ، نذكر منها : ضعف او انعدام الحياة الدستورية ، مركزية الدولة وهرمية السلطة ، لأن الانقلاب في جوهره السيطرة علي السلطة في المكان الذي يوجد فيه مركز القرار . كما يساعد في نجاح الانقلاب ، عدم وجود مظلة حماية للنظام المستهدف من طرف دولة أخري ، خاصة الدول الكبري . هناك نوعان من الانقلابات العسكرية ، وأهل السودان يعرفونها تماما: الانقلاب العسكري الصرف .. اي الذي ينبع من الجيش ، بدءا وختاما… دون تدخل من القوي السياسية المدنية في خطته . والانقلاب العسكري السياسي ، الذي تنبع فكرته من قوة سياسية وايدولوجية معينة . ورغم أن العسكريين هم من يقومون بتنفيذ الانقلاب العسكري إلا أن القرار السياسي سيكون خاضع المرجعيات ومرئيات تلك القوي .. ومن هنا تبدأ أولي نواة الانقلاب العسكري ، بتصنيف شامل لضباط الجيش والعسكريين التقنيين ويشمل ذلك بحث خلفياتهم الاجتماعية ورؤاهم الإيديولوجية وتاريخهم المهني ومدي قابلية كل منهم للمشاركة في الانقلاب أو معارضته أو حياده . يعتبر تنفيذ الانقلاب العسكري عملا عسكريا، ولكن له خصوصيته التي تميزه عن الأعمال الحربية.فاذا كانت السرعة والمفاجأة مهمتان في العمليات العسكرية الحربية ، فإنهما في الانقلاب العسكري أولي شروط نجاحه وبقائه. ولابد له أن ينجح في وقت قصير او يكون الفشل مصيره . لتثبيت سلطة الانقلابيين ، يجب عدم الإفصاح عن أهداف الانقلاب السياسية، وعدم استهداف اي طرف سياسي او إجتماعي بعينه في الأيام الأولي من الانقلاب بل توزيع الأمل علي الجميع بخطاب سياسي عام عائم يرضي الكل ولا يثير غضب أحد . ويبقي سؤال الكاتب موجها لمن يفكر في الانقلاب العسكري : لماذا القيام بكل تلك المخاطر .. هل هي من أجل تغيير المجتمع إلي الأفضل والأجمل ، عدلا وحرية وديمقراطية ، أو هو تدميرا لطاقاته ، لهثا وراء العرش والصولجان؟ . [email protected]